لا شيء تغير لنثق مرة جديدة بالسلطة السياسية، ولا شيء استجد لنثق بقضاء بعضه مسيس ومغيب ومصادر، ولا بمنظومة الفساد في مختلف مرافق الدولة، ولما يزل المسؤولون إياهم في مواقعهم فيما كان المفترض أن يستقيل الجميع حفظا لماء الوجه ولقليل من كرامة باقية أمام هول ما شهدناه في مرفأ بيروت والعاصمة المكلومة.
أما والحدث جلل، فمن غير الممكن تحميل الجيش اللبناني تبعات التحقيق بانفجار كارثي، ورميه بكرة النار في وقت لم نجد فيه إجراءات ترقى إلى مستوى الكارثة حتى هذه اللحظة، ومن ثم من قال إن الجيش لن يتعرض لضغوطات وإملاءات كثيرة وذرائع مختلفة غير منفصلة عن آلية عمل السلطة وزبانيتها؟ وأنْ لا يتدخل ممثلو الطوائف الروحيون والسياسيون لوضع خطوط حمراء عن هذا الفاسد أو ذاك طالما أن السلطة ذاتها لم تحاسب وتحاكم فاسدا واحدا بملفات الموت وما أكثرها، من الدجاج الفاسد إلى الأموال المنهوبة إلى سرقة ودائع اللبنانيين...؟
لا نثق بهذه السلطة ولا نأتمنها على توزيع مساعدات للمنكوبين، فكيف تؤتمن على دماء سُفكت وعاصمة تهدمت وتصدعت؟ لا نثق بمن أوصل البلاد إلى الإفلاس، لا نثق بدولة تُدار بذهنية المافيا وأعراف القبيلة، لا نثق بحكم الطوائف، لا نثق بكم، لا نثق بقضائكم، لا نثق بمؤسسات صادرتموها، لا نثق بمن باعوا ضمائرهم وأمعنوا سرقة ونهبا بمقدرات لبنان حتى جف ضرع "البقرة الحلوب"، وراحوا يتطلعون لسلب كرامات الناس وإذلالهم أمام الأفران ومحطات المحروقات والمصارف الحاجبة أموالهم وجنى العمر.
لكل ذلك، نطالب بتحقيق دولي برعاية الأمم المتحدة، لأن ثمة رؤوسا كبيرة يجب أن تساق إلى المحاكمة لتنتظر قصاصها العادل ولو على نطع وسيف!
