في ظلّ الأوضاع الكارثية والمتفاقمة التي يعيشها لبنان، ينبغي على الإعلام أن يلعب دوره الإيجابيّ المؤثر المواكب لمآسي الناس، والساعي إلى محاولة رأب الصدع بين اللبنانيين، ومحاولة التخفيف من حدّة الخطاب السياسي والإعلامي العالي السقف، ومن تفلّت الآراء على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً عبر محطة تلفزيونية تطرح شعار التقريب بين اللبنانيين والمساهمة في بناء الوطن الذي نسعى إليه، والقائم بمؤسساته وبسواعد وطاقات أبنائه، هي محطة MTV التي أطلقت أمس برنامجاً جديداً بعنوان "للوطن"، من إعداد وتقديم جو معلوف.
اسم البرنامج يوحي بطرحٍ يعزّز الوحدة الوطنية، وموضوع الحلقة الأولى منه "خطاب التخوين السياسي"، ما جعلني أتابعه وأنا أمنّي النفس بأنني سأكون أمام برنامج جديد يطرح المسائل الخلافية بجرأة، ولكن بموضوعية، وأن يكون ضيوف الحلقة الأولى من أصحاب الطروحات الوطنية الجامعة، الذين يملكون رؤية شاملة وخلفية كافية وأسلوباً سليماً في طرح الأفكار ومناقشة الآخر رأيه المختلف، وقبل هذا وذاك، أن يكون المضيف محايداً لا طرفاً، فإذا بهذا الأخير يطرح الأمور والأسئلة من زاوية رؤيته السياسية والشخصية الضيقة، ويستقبل ثلاثة ضيوف، اثنين منهم يؤيدان آراءه هما إيلي خوري والمحامي مارك حبقة، لتنقلب الحلقة إلى مواجهة على قاعدة "ثلاثة بواحد"، إلى جانب هجوم المضيف على صحيفة "الأخبار" المعارضة لرأيه (وأنا معارض لها) متخذاً هنا دوراً ينبغي أن يكون لأحد ضيوفه وليس له، من دون أن يعرض عناوين صحيفة لها توجه آخر، أو أن يسمح للضيف صاحب الرأي المعارض (محمد علوش) بإبداء وجهة نظره في هذا الشأن، ويُسجّل لهذا الضيف طرح موقفه المعترض بهدوء، وبقاؤه شبه صامت وسط معمعة تقارير وآراء لم تقدّم جديداً ولم تقارب في الحد الأدنى عنوان البرنامج، بل يمكن القول إنها قلبته من "للوطن" إلى "عالوطن"، في سقطةٍ أظنّ أنه يمكن استدراكها بتعديل فكرة البرنامج، أو التركيز على الإعداد المنفتح الآراء والاختيار الجيد للضيوف القادرين على المساهمة في تجسيد دوره، وإلا يصبح وقف بثه أجدى.