ابتكر باحثون في جامعة سنغافورة الوطنية the National University of Singapore (NUS) تقنيات جديدة تُحدث فرقًا كبيرًا في علاج الجروح المزمنة لدى مرضى السكري، وذلك باستخدام إبر دقيقة بالكاد تُرى بالعين المجردة.
هذه الأساليب، التي نُشرت في بحثين نُشرا في مجلتي BiomaterialsوAdvanced Functional Materials في تموز/يوليو الماضي، قد تُحسّن بشكل كبير جودة حياة مرضى السكري الذين يعانون من بعض أسوأ مضاعفات هذا المرض، وتمنع عمليات البتر الباهظة الثمن التي تُغير مجرى الحياة.
ويكمن التحدي في جروح مرضى السكري في أنها تتأثر بالتهاب مستمر، ولا تلتئم لأن البروتينات الأساسية التي تساعد على الشفاء - والمعروفة باسم عوامل النمو - يتم تكسيرها بواسطة إنزيمات تسمى البروتياز.
وقد عثر الأستاذ المساعد في جامعة سنغافورة الوطنية، آندي تاي Andy Tay، على الإبر الدقيقة كطريقة لعلاج هذه الجروح عندما واجه مشكلة جلدية، وقد أوضح في منشور على لينكدإن LinkedIn: "سمعت عنها لأول مرة عندما كنت أعاني من بثور وذهبت لشراء لاصقة "إبر دقيقة" من سيفورا. اختفت البثور، وأردت تجربة استخدام الإبر الدقيقة لعلاج مشاكل الجلد."
بحث تاي وفريقه في الإبر الدقيقة لتوصيل الأدوية إلى الجروح المزمنة، وكذلك لاستخراج الخلايا الضارة من تلك المناطق. وأشار تاي إلى أن هذا النهج "أقل تدخلاً جراحياً، ويمكن تصنيعه بدقة، ويسمح بإدخال المركبات الفعالة مباشرة في الجروح دون ألم. تُعد لاصقات الإبر الدقيقة مواد ممتازة لالتئام الجروح".
نظام توصيل أدوية أكثر فعالية
في النهج الأول، طور الباحثون إبرًا دقيقة من السكرالفات sucralfate ، موضوعة في بوليمر قابل للتحلل الحيوي يشبه الإسفنج يُسمى حمض بولي لاكتيك-كو-جليكوليك poly lactic-co-glycolic acid أو (PLGA)، باستخدام قوالب بحجم العملة المعدنية. كانت الفكرة هي توصيل بروتين يُسمى إنترلوكين-4 (IL-4) لتحفيز إنتاج عوامل النمو وتعزيز تجديد الأنسجة في جروح مرضى السكري. وفي الوقت نفسه، سيحمي دواء السكرالفات عوامل النمو هذه من التحلل في الجرح.
ويمكن للإبر الدقيقة المثبتة على بوليمر يشبه الإسفنج أن تُدخل هذه المركبات مباشرةً بفعالية إلى الجروح المزمنة، وتذوب فيها بأمان. لم تُسرّع هذه الطريقة التئام الجروح إلى ضعف ما يُلاحظ في العلاجات التقليدية فحسب، بل قلّلت أيضًا من الآثار الجانبية الجهازية، وتجنبت تلف الأنسجة حديثة التكوين الناتجة عن الضمادات اللاصقة التقليدية.
استخراج المركبات الالتهابية
تضمن النهج الثاني إزالة تلك المركبات الالتهابية الضارة، والتي تُسمى الكيموكينات chemokines، من الجرح. اختار الفريق الإبر الدقيقة المسامية المغلفة بالهيبارين، لأن الهيبارين heparin (دواء مضاد للتخثر) يرتبط بالكيموكينات بسهولة. أظهرت هذه الطريقة انخفاضًا بنسبة 50% في التهاب الأنسجة، وقلصت حجم الجرح إلى عُشر حجمه في غضون أسبوعين فقط.
باستخدام هاتين التقنيتين المتكاملتين، يخطط الباحثون الآن لاستكشاف كيفية استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لتصنيع إبر دقيقة بأحجام مسام مختلفة، وإضافة خصائص مضادة للبكتيريا لمنع العدوى.
بالإضافة إلى ذلك، يعملون على لصقات إبر دقيقة يمكن تركيبها على أشكال مختلفة من الجروح. إذا بدا هذا مألوفًا، فقد يكون ذلك لأن لصقات مماثلة كانت قيد الاختبار للجروح المزمنة من قبل باحثين في جامعة بيردو Purdue Universityفي عام 2021.
يعتقد الفريق أن هذه الطرق لا تساعد مرضى السكري فحسب، بل أيضًا الأشخاص الذين يعانون من أمراض جلدية خطيرة مثل الصدفية.
بتصرف عن جامعة سنغافورة الوطنية