بهدوء... فهناك إنفصال تام وإنفصام مؤكَّد عن الواقع بما يتعلَّق بأزمة لبنان الوجودية ككيان صار محكوماً عليه بالموت ببيئته السكانية وكنتاج تقسيمي زمن الحروب التاريخية بالنَّفي والعدم...وإليكم التفاصيل:
هناك أحزاب ميليشياوية حاكمة تعتمد أمراء حربها في الحكم على التجييش والإستقطاب الطائفي والتحشيد المذهبي رغم الجوع والعوز والحرمان الذي فاق كل حد..
هذه القوى الحاكمة بأحزابها من الواضح ومن دون جدل أنَّها نهبت الدولة ومارست اللُّصوصية على غير صعيد، وضربت كل محاولة تغيير كانت قد جرت عبر التاريخ وشيطنتها وقدَّست زعاماتها الدينية وغطتها برداء الدين وإطلاق الفتاوى..
واضح أن الشعب اللُّبناني الذي ضاق ذرعاً بتحكم هذه القوى، بات عاجزاً ليس عن المطالبة بحفظ الكرامة والحقوق، بل لمجرد النزول الى الشارع وإطلاق كلمة "لا" ضدَّ هذه الغطرسة والإستباحة... بسبب الفقر وقلة الحيلة..
واضح أن القوى الدولية الغربية والقوى العربية الخليجية ليست على إستعجال من أمرها بشأن لبنان، تاركة إنسياب الحلول الى يوم الإستحقاق الإنتخابي كممر كفيل بتغيير أو بتبديل هذه السلطة المريضة التي أصابت عدواها الجيران، وفاحت رائحتها على كل الدول الشقيقة وغير الشقيقة..
فهناك إعتماد لنهج عقابي لدى الغرب ودول الخليج في الإستمرار بطرح العقوبات والحصار على لبنان على إعتبار أنه رهينة حزب الله والمنظومة الفاسدة التي حماها هذا الحزب بأشفار عينيه..
إذا كانت مصلحة المجتمع الدولي والعربي التغيير في لبنان عبر الإنتخابات، فكيف يمكن لقوى شبابية تغييرية صاعدة أن تقود هذه المعركة، وهي لا تمتلك قوت يومها في التنقُّل والتحرُّك..؟ (لا نقصد الإرتهان للخارج)
كيف يمكن مواجهة المنظومة الحاكمة والفاسدة التي تمتلك كل أدوات المال والمعابر والتصدير والإستيراد وحركة النقل والبنوك والتحويلات المالية..؟
كيف يمكن أن تتأطَّر النخب السياسية التغييرية التي تم إشغالها وإلهاؤها بتأمين قوت يومها المفقود وعملها المفقود بفعل تعسُّف السلطة الحاكمة..؟
بمَن ستتم المواجهة لهذه المنظومة على قاعدة التغيير الديموقراطي في الإنتخابات، ومن هي الشخصيات الليبرالية التي يمكن إعتمادها في هذه المعركة في التغيير..؟
أراد الغرب وأميركا والخليج إطباق الحصار على لبنان، فإستفاد أهل السلطة ورموزها وزعاماتها من ذلك، وصوَّروها على أنها مظلومية أتت عليهم من الخارج الإستعماري، وبقيت إمداداتهم المالية واللوجستية على حالها من دون تضرُّر، في حين أن أهل النخب وأبناء الطبقة الوسطى التي ناشدت التغيير، وشكلت العامود الفقري في ثورة الكرامة لبناء الوط،ن تم إفقارهم وعزلهم وتهجيرهم ورميهم جانباً وخارج أي تأثير سياسي أو إجتماعي أو مالي أو غيره..
كل ما يفعله الغرب أوروبياً وامريكياً، والعرب خليجياً وعربياً، يصب في مصلحة السلطة الحاكمة بأحزابها وميليشياتها، بحيث لم تتأثر قيد أنملة رغم كل الإجراءات العقابية التي هدَّدوا بها، بل على العكس زادوا من بطشهم وتسلطهم ومن سطوتهم المالية والأمنية والقضائية، وسيخوضون مواجهة سيسمُّونها ضد الشيطان الأكبر، في حين لا حيلة للناس إلأَّ التصبُّر والتبصُّر، وضرب الكف بالكف الى موعد إنتخابي تغييري جديد... فالناس عندنا صارت وعندهم كذلك هي مجرد أرقام في دفاتر حساباتهم القاتلة..
ملاحظة: المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يمثل بالضرورة مواقف وآراء "زوايا ميديا"