منذ عام ونيف وأطفالنا يرزحون تحت ضغوط نفسية وسط يأس وإحباط وعدم تركيز وضياع، لا رحلات ونشاطات لاصفية، ولا إمكانية لرؤية الأصدقاء والأقرباء، فيما الجائحة تفرض التشدد أكثر بالقيود كسبيل أمثل للحد من انتشار الوباء.
هذا الواقع المرير يعاني منه أيضا الأهل والمجتمع بشكل عام، لكن هل يكمن الحل بالجلوس دون إيجاد طرق لإعادة التفعيل والتنشيط وجعل أبنائنا مستعدين ومهيئين للعودة إلى حياة طبيعية او شبه طبيعية.
من هذا المنطلق، ومن منبر "زوايا ميديا" نرفع الصوت إلى الأهل والأساتذة والأخصائيين وجميع المعنيين، كوننا نعلم أن التحول السريع من التعليم في المدرسة إلى التعليم عن بعد قد غيّر القوانين المدرسية بحيث كان على الطالب التزام الصمت، عدم استعمال الهاتف، اتقان التعبير الكتابي، بينما الآن، كل شيء تغير، من إتقان استعمال المنصات وإدارة الملفات أضف إلى ذلك المعاناة من عدم توفر الكهرباء وارتفاع كلفة الإنترنت، وما إلى هنالك من تعقيدات أدت إلى ضياع طلابنا ولا سيما الصغار منهم.
تؤكد دراسات سابقة وحديثة أن الجلوس لساعات طويلة خلف شاشة صغيرة ليست بالمسألة الصحية، لا من ناحية الحفاظ على جودة التعليم ولا على صحة التلميذ النفسية، ناهيك عن اعتماد هاتف واحد لأكثر من طالب في العائلة، وهنا بيت القصيد، ونتمنى على الاهل والاساتذة الأخذ بعدة نصائح كي يساعدوا طلابهم وأطفالهم على اجتياز هذه المرحلة بنجاح وثقة بالنفس.
نحن نعلم اطفالنا الإعتماد على الذات لتعزيز الثقة في نفوسهم، نعلهم على اعتماد التقييم الذاتي، أي أن على الطالب معرفة قدرته وطاقته وهذا من أصول تعليم الطفل ليكون لديه القدرة على ابداء رأيه دون خوف، ولذلك، فإن لغة التخاطب مع أطفالنا من المفروض أن تكون لطيفة، طبعا مع الابتسامة للتحفيز ولإعطاء نفحة أمل، فالابتسامة هي اللغة العالمية المشتركة والايجابية، وكم نحن وطفالنا وطلابنا بحاجة اليها في ظل الاجواء المشحونة.
لكن ما اضيق العيش لولا فسحة الامل، لذا نرجو التنبه إلى بعض الامور وتجتنبها، ألا وهي:
أولا: عندما يبدأ بدرسه عن بعد لا بد من تشجيعه وعدم التدخل أو الاجابة عنه، وذلك لان هذا التدخل يقلل من الثقة بالنفس، ما ينعكس سلبا على نفسية الطفل في السنوات المقبلة.
ثانيا: عدم مقارنته مع رفاق صفه لأنه وحسب الدراسات، ليس من الضروري إن فشل في مادة أن يفشل بغيرها.
ثالثا: تشجيعه للمتابعة حتى ولو كانت اجابته خاطئة.
رابعا: عدم التركيز على مجموع العلامة بقدر التركيز على اكتساب المعرفة والمعلومات الدقيقة.
خامسا: إعطاء فترات استراحة بين الحصة والحصة، وبذلك لا يتملكه الملل من الجلوس لوقت طويل.
نحن هنا أمام مفترق طرق، لأننا إذا لم نراعِ هذه التفاصيل نكون قد رسمنا خريطة غير مناسبة لدى اطفالنا ورؤية غير واضحة، وقمنا بتهميش شخصيته عبر التدخل المباشر.
نحن نريد هذا التدخل عبر التشجيع وتحفيز الطفل إلى الاستماتع بما يقوم به بإرادته فقط وليس تحت الضغط او الخوف، لأنه بالمحبة والصبر والاستمرار والارادة الصلبة نستطيع أن نتجاوز هذه المرحلة مع الحفاظ على شخصية اولادنا وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، عبر تبسيط الأزمة وعدم تعقيدها.
ويبقى الأمل باشراقة نهار جديد يبث الدفئ والطمأنينة في قلوب الجميع.