رأي

رسالة الى الصديق الوزير جورج قرداحي...

سأتكَّلم بهدوء...ومن باب الحِرص والمحبَّة والصِّدق والمعرفة العميقة بك، وبثقافتك ودماثة أخلاقك، وحُسْن معاملتك، ولن أتكلَّم بصفة أو بلَهْجة من ثار وإنتفض بوجه هذه المنظومة القاتلة والتي  كان لي شرف الإنضمام والإنخراط فيها نقصد بثورة 17 تشرين 2019 التحريرية...


حرصاً منِّي على مقامك العزيز، ومن خلال ما أقرأه وما يُساق حول تصريحاتك ومواقفك الأخيرة، فإني أتوجَّه إليك أولاً حرصاً ومحبةً لأنَّك بالأصل كإعلامي لبناني وعربي، فأنت أكبر من أي منصب أو موقع وزاري خصوصاً في لبنان، وما يمرُّ به اليوم من إنعدام الأخلاقيات لممارسات أهل السلطة، حيث صرت في قلب هذه الخلطة والعجينة_اللَّوثة..


ثانياً أرادت هذه القوى إعطاء شرعية ومشروعية لها عبر إختيارك في حكومة ميقاتي، وهذا إنتقاص من قيمتك ومكانتك وتعزيز مشوَّه ومشبوه لشرعيتها المفقودة..


ثالثاً هذه المافيات الطائفية والمذهبية الحاكمة التي تمثِّلها تريد إحراقك وجعلك رماداً منثوراً، كما أحرقت غيرك ورمتْه على قارعة الطريق، بعد أن مرَّرت مرحلتها الحَرِجة، فكلُّ من وقف معها دُمِّر سياسياً وإنتهى إجتماعياً وفقد صدقيته في النَّهج..


هذه السُّلطة وزعماؤها الطائفيون المذهبيون الستَّة، جعلت منك وزيراً مُثْمِناً مليئاً باللَّحم اللُّبناني والعربي، وستتركك طُعْماً للحيتان بعد أن يتمَّ توريطك بمِلفات تُخْتَلق غبَّ الطلب..


فكما أتوا بحسان دياب وصار مطلوباً للقضاء وفاراً من العدالة، وكما وضعوا باسيل في واجهة السياسة اللُّبنانية، فأُسْقطت عليه العقوبات من كلِّ حدب وصوب ومُرِّغ سياسياً بالطِّين وبالإتهامات، وكما كل الوزراء الذين تبخْتَروا عند إختيارهم في حكومات مافياوية، إنتهى بهم المطاف في السجن أو الهرب أو توجيه التُّهم إليهم وتشويه صورتهم كهاربين من وجه العدالة... لن يتمسكوا بك خصوصاً أن عَصَبَك الطائفي والمذهبي مفقود..


فالأنجح يا صديقي لا بل الأنجع هو الإستقالة من هذه الحكومة التي لا تَقْدِر فيها على القيام بأي إصلاحات، وبنفس الوقت تأخذ من رصيدك التاريخي وترميك للأقدار اللُّبنانية ووُحُولِها، فلن تكون أقوى من باسيل وعلي حسن خليل أو غازي زعيتر ونهاد المشنوق، حتى لو لم يذهبوا ولم يرضخوا للقضاء، إلاَّ أنَّ النتيجة صارت معروفة للرأي العام اللُّبناني والعربي والدولي..


فصارت كلُّ القضايا المتعلِّقة بالتحرير وبالإستعمار على مستوى الأمة تُختصر بزقاق الشياح_عين الرمانة ومن يذهب الى القضاء العسكري أولاً.. ومن يُطَبَّق عليه القانون أولاً...


هذا ما فعلناه في ثورة 17 تشرين من تفريغ للخطابات والشعارات الكاذبة، ومنع هذه المافيات من الحكم واللُّجوء الى الإقتتال بين بعضها البعض تحت الغطاء الطائفي والديني والمذهبي... فهل أنت أهلٌّ لذلك ولهذا الموقع وهذا المستوى السياسي ..؟ فمكانتك كما أعرف أكبر بكثير ... ولك ولنا كل التوفيق ...


 ملاحظة: المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يمثل بالضرورة مواقف وآراء "زوايا ميديا"



 



 


 

الدكتور رائد المصري

استاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية