رأي

المبادرة الفرنسية على المحك... هل يعتذر أديب؟!


بعد فشل المساعي في تأليف الحكومة وبعد مرور أكثر من أسبوعين على التكليف دخلت المساعي الفرنسية فترة التمديد، في محاولة لإنقاذ المبادرة التي تعتبرها الدبلوماسية الفرنسية إحدى الفرص التاريخية لإعادة الدور الفرنسي في الشرق الأوسط، وخصوصا لبنان الذي تعتبره بمثابة بوابة أدوارها وسياستها، وبالتالي الحفاظ على المصداقية أمام العالم وخصوصا ساحة ماكرون السياسية والشعبية، ولذا تحاول فرنسا تحييد لبنان عن الصراع الإقليمي في المتوسط وحماية مبادرتها من العواصف الخارجية التي تتآكلها.


لقد سعى الفرنسي منذ وصوله إلى لبنان عدم إختصار أي مكون سياسي لبناني في محاولة لتأليف حكومة وحدة وطنية أو حكومة يدعمها الفرقاء السياسيون، وقد وافق الثنائي الشيعي على هذه المبادرة على أن تقوم على مبدأ التشاور مع الكتل النيابية. وقد انتدبت أديب سفيرا لها وقام الأخير باستخدام رؤساء الحكومة السابقين كمراجع له وأحاط خطواته الأولى بسرية شبه تامة، وهنا بدأت الحكاية، واللعبة السياسية على هوامش الطائف الذي يلزم رئيس الحكومة التشاور مع رئيس الجمهورية والكتل النيابية وهذا ما لم يحصل، حيث حاول الفريق تأليف حكومة خارج الأطر الدستورية وبالتالي استثناء مكون كبير وخرق الإتفاق الفرنسي مع حزب الله لجهة عدم تسمية أي مكون لوزرائه.


هنا، بدأت المبادرة الفرنسية الإنقاذية تتعرض للسهام، خصوصا عندما أبلغ بري الحريري أن لا حصة وزارية للشيعة في الحكومة القادمة، وفي حال اصرار الأخير عليه التكلم مع ماكرون، وهنا لمس الثنائي الشيعي وجود أيادٍ خفية تحاول استهدافه واستبعاده كمحاولة للإنقلاب الأبيض على الطائفة الشيعية، ومحاولة عزلها واستبعادها عن الحضور السياسي الوطني، خصوصا بعد تبدل موقف الحريري بالموافقة على التوزير الشيعي ومن ثم تغيير رأيه لاحقا.


ومن هنا جاء موقف حزب الله الحازم والجازم للحريري ان لا حكومة دون المالية، وتذكيره أن الدستور والمبادرة الفرنسية قامت على التشاور وهذا مايبرر ارتفاع سقف الحدة الثنائية الشيعية لجهة التمسك بالحقيبة السيادية واعتبار أن طبخة سياسية تحاك في الكواليس وهكذا إصطدمت المبادرة الفرنسية بحائط غليظ كاد أن يكسرها أديب باعتذاره لولا الإصرار الفرنسي انقاذ المبادرة وفتح باب النقاش.


ماذا بعد التمديد؟


سيسعى ماكرون جاهدا لإقناع الولايات المتحدة وطهران تحييد لبنان دائرة الصراع وبالتالي الضغط في الساحة اللبنانية لنجاح مساعي التأليف قبل زيارة ماكرون القادمة في كانون الثاني، وهذا ما يؤكد اجتماع السفير الفرنسي مع الموسوي بحضور مدير المخابرات الخارجية الفرنسية وطرح اسم شيعي مستقل من أهل الإختصاص.


على خط مواز قامت باريس بتحريك المساعي العربية والدولية فدخل وزير الخارجية القطري وأيضا مصر عبر سفيرها، فضلا عن الروسي الذي ينسق دائما بين باريس وطهران في محاولة لإنقاذ المبادرة من كل الجوانب.


خيارات المبادرة الفرنسية المتاحة


لم يبق أمام الفرنسي إلا خيارا واحدا، هو نجاح المشاورات بين "سفيرها" أديب والثنائي الشيعي حصرا، وقد سحب منها الأخير أفضلية التسمية بعد أن أوصلها عناد أديب إلى عناد أكبر إسمه (أمل_حزب الله)، وبالتالي على باريس تصحيح الخطأ الذي أوقعتها به الأطراف اللبنانية والخروج بأقل خسائر ممكنة.


هل يستقيل أديب؟


إن دخول الولايات المتحدة على خط التفاوض المباشر زعزع المبادرة الفرنسية، وألغى مبدأ التشاور الذي يحقق التوازن، وبالتالي خسر أديب فرصة التلاقي بعد عزله لمكون أساسي وكبير.


وهنا فقد أصبح أديب قاب قوسين أو أدنى من الإستقالة، خصوصا بعد لقائه الخليلين وطلبه موعد من رئيس مجلس النواب، وقوبل الطلب بالرفض بحجة أن لا جديد بجعبته، وبالتالي أوصدت أبواب الحوار وعليه اللجوء إلى أبواب أخرى إذا أراد أن تكتب لهذه المبادرة النجاة.


أنور عقل ضو

رئيس التحرير