لم تكد تجف دماء شهداء وجرحى حادثة مرفأ بيروت، حتى أصبحت أكبر الدول بعدتها وعتادها وفرقها وألويتها العسكرية، برية وبحرية وجوية في استعراض قبالة سواحل العاصمة بيروت، أما زعماء أو سفراء هذه الدول، فهم في حركة مكوكية في الساحة اللبنانية.
اللبناني يتسأل: هل البوارج وحاملات الطائرات والمدمرات هي للإنماء والإعمار، وهل تحمل بداخلها فرق إغاثة ومستلزمات طبية ومواد إعادة إعمار مرفأ بيروت؟
هذا الإستعراض للقدرات والتخويف والتهويل، يضاف إليه حركة سياسية داخلية لا تهدأ لم تشهدها الساحة اللبنانية حتى إبان عدوان تموز 2006 أو اجتياح 1982!
الجواب على هذا التساؤل واضح، هذه السفن والمدمرات لا تحمل مواد بناء حديد وإسمنت ورمل!
إذاً لماذا هي هنا اليوم؟
الجواب على هذا السؤال بسيط بنظر هذا الشعب، فهو يواكب الحركة السياسية، وبأن الضغط والإستعراض العسكري هو لهدف ليس إنسانيا ولا أخلاقيا بل هو طمعا في الثروات والخيرات ومقدرات الدولة بالإضافة لخرق سيادي ودولي للمياه والأجواء والبروتوكولات وطبعا غير مرحب بها.
ما هو هذا الهدف؟
الهدف هو لخدمة كل دولة حسب رغباتها، ولخدمة مشروع سياسي في الشرق الأوسط فإما تقسيم أو ترسيم وفقا لنوع الثروة، وهذا الهدف سيحدد المسار القادم، ولكن المؤكد أن هذا الهدف ليس لمصلحة قوى الممانعة في المنطقة، أو لمصلحة أي متضرر من إنفجار مرفأ بيروت.
ماهو مصير لبنان ودول المنطقة؟
لبنان هو نقطة البداية والممر لهذا الصراع الملحمي، بل هو جزء لا يتجزأ من الإقليم رغم الدعوات للحياد ومن عدة أطراف، فلبنان بالإضافة إلى كونه ثروة بحرية ونفطية وسياحية، فهو لم يعد دولة معزولة، وهو جزء من إقليم، وستمر به كل المتغيرات الإقليمية، ومن الطبيعي أن يتأثر الداخل اللبناني بكل هذا، كما ستتأثر دول المنطقة بكل خرائط التغيرات والتي تشير إلى أن البقاء ليس للأقوى بل للأكثر تأقلما" مع كل جديد.
هل من حكومة قريبة؟
الحكومة سواء كانت سياسية - تكنو قراط أو وحدة وطنية أو... فإنها لن تولد في القريب العاجل بغض النظر عمن هو رئيسها، لأنها باتت مخاضا لمسار سياسي دولي إقليمي وليست مسارا داخليا فحسب.
وكأن حادثة إنفجار مرفأ بيروت أصبحت شعارا لغلافات المجلات والمقالات والإعلام والحورات السياسية والإقليمية، أما جودة هذه الشعار فهي طبخة تتنازعها أطراف دولية، ويقول المثل "بس يكتر الطباخين بتنتزع الطبخة".