رأي

الساسة الأشرار والشعب المحتار!


حنكة الساسة اللبنانيين - بالمعنى الشرير للكلمة - تقوم على قاعدة أنّ الشاطر هو مَن يتغدّى الآخر قبل أن يتعشاه:


لوّح رئيس الحكومة (المستقيلة) حسان دياب بتقديم اقتراحٍ إلى المجلس النيابي لتقصير مدة المجلس، والدعوة تالياً إلى انتخاباتٍ مبكرة، في مـا يوحي باستجابةٍ متأخرة جداً لأحد المطالب التغييرية..


عاجله رئيس مجلس النواب نبيه برّي باستقالة وزير المالية التابع له (ويحدّثونك عن حكومة مستقلّين) لإسقاط الحكومة وتبديد طرح دياب الذي يستهدفه أو يتجاوز صلاحياته..


ما جرى بالأمس من حركةٍ سياسية سبقت وواكبت تقديم دياب استقالة حكومة "التحدّي والإنجازات" لا يعدو كونه معركةً جانبية لتغيير البوصلة والقفز فوق الحلول المطلوبة، بهدف إطالة عمر المجلس النيابي بتركيبته الحالية واستمراره إلى ما شاءت الظروف، ولإبقاء رئيس الجمهورية ميشال عون مستريحاً حيث هو، ولمنح زعماء الطوائف الفرصة اللازمة لإعادة حشد قواهم، كما لإلهاء المنتفضين وإيهامهم بأنّ حراكهم بدأ يثمر..


إنّه الالتفاف على الكارثة التي دمّرت بيروت وقتلت المئات وجرحت الآلاف وشرّدت عشرات الآلاف..


إنها الحنكة التي تتحلّى بها مجموعة فاسدين لم يشبعوا بعد من دماء اللبنانيين ولا تؤثر فيهم دموع الناس وأوجاعهم، ولا تدمير عروس العواصم نتيجة سياسة الفساد المتبادل والمتمادي..


إنه إجراءٌ تجميلي يخفي بشاعة سعيهم إلى إعادة التموضع والاتفاق مجدّداً على تقاسم ما تبقّى من لبنان، وعلى استمرار إمساكهم بأعناق اللبنانيين والقبض على آمالهم والمتاجرة بآلامهم وتبديد أحلامهم.


هل سنسمح لهم بمواصلة استغبائنا واستغلالنا واستباحة حياتنا ومصادرة حقّنا في وطنٍ حقيقيّ؟ أم ننتفض جميعنا ونواجههم موحدين موجوعين، فنُسقط مخططاتهم ونتحرّر منهم ونحاسبهم؟


أخشى أننا لم نبلغ سنّ الرشد الوطني بعد.. وأخشى أنهم لا يزالون الأقوى..


سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: