لملموا نتف الوقت الجميل الذي أمضوه في ربوع وطنٍ يشتاقهم كما يشتاقونه ويحنّون إليه.. وضّبوا في حقائبهم على عجل ذكريات الأيام التي انقضت كحلمٍ مبتور، والأمسيات التي خالطت فيها عتمة السماء الظلمة على الأرض.. أفراداً وعائلات قصدوا مطاراً يضيق بهم تماماً كما يضيق بهم وطنهم، تزاحموا تدافعوا تأففوا اشتكوا شتموا، بعضهم خالف متجاوزاً صفوف الانتظار بعدما اشترى بحفنة دولارات موظفاً أياً تكن مهمته لتسهيل مروره، كثيرون اعترضوا على فوضى معتادة، ضاعفت من وتيرتها أخبار حربٍ تُضرب لها مواعيد وتُرسم سيناريوهات أحلاها قاتم، وتُقرع طبولها على إيقاعات جدار صوت يمزّق السماء بعدما لم يتبقّ في البرّ ما يستحق عناء تمزيقه ولا تجدي محاولات ترميمه.
وجوهٌ هربت منها تعابير الفرح، شاحبة كما في صورة جواز سفر بات خشبة خلاصٍ باتجاهٍ واحد. من يعيد للبنان ألقه؟ من يحرره من أسر آلهة البغض والنار والموت والدمار؟ من ينقذه من أتون ويلات لا تنفك تنهش فيه؟ من ينفخ في نفوس بنيه جذوة التمرّد ليحاسبوا جلاديهم ساسة الفساد والسمسرة والتبعية؟
أسئلة راودتني على متن غيوم، تبدّدت الإجابات عنها مثلها.