الصيد ليس مجرد هواية فحسب، بل ساهمت التقاليد والموروثات في ترسيخه في ذاكرة الشعب، ومنها الفن والأغاني، فلا زلنا نذكر السيدة فيروز وهي تجادل جدها أبو ديب حول الصيد، وإن كان محور الأغنية أخذ منحى فكاهيا، إلا أنها ذكرت من ضمن الطيور طائري الترغل والحجل، والذين أصبحت أعدادهما في خطر جسيم ولا سيما طائر الترغلة وهو نوع من الحمام البري، والذي كان ضحية لأحد "الفرقعجية" أو "القواصين" على الرغم من منع صيده بسبب تعرضه للإنقراض فقد تم إدراجه ولا يزال على القائمة الحمراء منذ العام 1996، وتم إزالته من لائحة الطرائد في قانون الصيد، فضلا عن عدم فتح موسم الصيد هذا العام، وحتى ولو تم فتحه، فإن صيد الربيع ممنوع لكافة الطيور كونه موسم تكاثر.
وفي هذا المجال، يتابع ناشطون بيئيون مخالفات الصيد، ومنها ما قام به أحد الصيادين غير القانونيين وكما ذكرنا "قواص" و"فرقعجي" أيضا، واسمه علي قبلاوي، ونذكر اسمه كونه أضافه إلى الصورة التي استعرض بها "إنجازه" على إحدى مجموعات الصيد، باصطياده أعدادا منها، وكما هو ظاهر في الصورة المرفقة، بأنه اصطاد هذه الطيور "الترغل" على بعد "فشخة" من منزله.
وقد أكد المختص بالطيور الدكتور غسان جرادي، في مقال نشر في وقت سابق أن "أعداد الترغل بدأت بالتدني السريع في أوروبا، وبشكل أسرع في روسيا ووسط آسيا، وذلك بنتيجة فقدانه لأماكن تكاثره ورعيه، وبسبب الأمراض التي أصابته، وبسبب الصيد الكثيف خلال موسم هجرة الربيع، وخلال موسم الهجرة الخريفية عندما يتجه إلى مناطق اشتائه في أفريقيا. هذا الوضع المزري الذي يواجهه الترغل، يستلزم كثيراً من الجهود المتضافرة لوقف تدهوره ومنع اندثاره. فالرتبة التي صُنّف فيها الترغل هي نفس رتبة الفيل الأفريقي لناحية خطر التعرض للانقراض".
فطائر الترغل أو اليمامة القمرية، بالإنجليزية The European turtle dove واسمه العلمي (Streptopelia turtur)، ويتميز الطائر البالغ بأن لون الرأس والرقبة والأجنحة والردف أزرق رمادي، والأجنحة لونها بني بلون القرفة مرقطة باللون الأسود، وبرقعة سوداء مخططة مميزة عند الرقبة وطرف أبيض واضح للذيل المستدير الشكل، المنقار أسود وحول العينين والساقين باللون الأحمر، وتغيب البقعة البيضاء والسوداء على جانب العنق في الطيور الأحداث (غير البالغة) حيث لونها ولون أرجلها بني باهت.
وكعادتنا في مجال مخالفات الصيد، نضع الصورة والمعلومات الموثقة أمام الجهات المعنية لإجراء المقتضى، لعلنا نحافظ على هذا الطائر، ونمنع انقراضه، وإلا سيصبح مجرد أسطورة أخرى، كما هو الحال مع طائر سوريا الوطني أبو منجل الأصلع الشمالي، والمعروف أيضًا باسم أبو منجل الناسك الذي انحدرت أعداده بحيث لم يعد يتكاثر هناك، ولم تسجل أي مشاهدات له في السنوات الأخيرة، ولا يتواجد منه إلا بكميات قليلة في المغرب وفقا لمنظمة IUCN، لتصبح هذه الطيور في النهاية إن استمر الصيد الجائر، عبارة عن قصص وحكايات شعبية فقط.
