info@zawayamedia.com
عرب وعالم

المسكوت عنه... بين القمة الثلاثية والأمن القومي العربي!

المسكوت عنه... بين القمة الثلاثية والأمن القومي العربي!


حينما يشرع المفكر الثوري في التأمل والتحقيق تتلاشى من أمامه نذر سحب الدخان والغيوم المتلبدة التي تحول بينه وبين حقائق التاريخ والجغرافيا والحوادث المتعاقبة وصولا الى فقه العواقب والعبر. يعتبر الأمن القومي العربي مقارنة بنظرية الأمن الإسرائيلي من القضايا المصيرية لوجودنا كأمة.


فالأمن القومي العربي يقوم على تأمين سلامة الدولة "أي اننا لا نمتلك رؤية شاملة عن الامن القومي" ضد أخطار خارجية وداخلية تفاديا لوقوعها تحت سيطرة أجنبية.


وجوهر التساؤل هنا، هل نحن نتحدث عن أمن دولة أم أمن أمة؟ بينما نظرية الأمن الإسرائيلي تقوم على نصب العداء لكل الأمة العربية والإسلام، وبالتالي لا يقتصر أمنها على حماية الحدود لدولة فحسب، بل يشمل الكيان كله. لذا شرعنة التحالفات مع القوى الدولية من اجل التسليح المتقدم واعتمادها على الصهيونية /والهجرة/التعزيز المالي، من هنا كانت قوة الاستراتيجية الاسرائيلية ووساطة الرؤية العربية الساذجة/أمن حكام/أمن حدود/ وتتبدى قوة الاستراتيجية الإسرائيلية في انها لا تعترف بالحدود الجغرافية، وبالتالي تخضع استراتيجيتها إلى ثلاث مراحل، الأولى: انشاء الكيان من النيل الي الفرات، والثانية: من اورشليم القدس حتى شمال المدينة المنورة، بينما الثالثة: من جبال ابادوقيا في تركيا حتى جبال سليمان شرق الباكستان، ولا تقتصر حدودها على ذلك فقط، بل إلى آخر موطىء قدم الجندي الإسرائيلي وفق الاعتبارات التالية: تفوق عسكري مطلق/ نقل الحرب لأرض العدو/ المباغتة الحربية/ عدم إطالة الحرب/ الاستفراد بالدول العربية/ تطوير القوة الذاتية/ اعتماد الحرب النفسية.


 


المحور الأول: "الأمن القومي بين كل من العسكري والسياسي والإعلامي"


 


"العسكر":


ما هو موقف "العسكر" مما يحدث على الساحات المحلية والقومية والإقليمية والدولية؟ فزعماء "القمة الثلاثية" حكام عسكريون واستخباراتيون "كالسيسي" مدير المخابرات المصرية انقلب على الرئيس مرسي، والذي وصفه "ترامب" "بدكتاتوري المفضل"، بينما "الكاظمي" من نفس المؤسسة العسكرية فهو رجل استخباراتي والذي استلهم القمة الثلاثية ومشروع بلاد الشام الجديد من مشروع الاتحاد الأوروبي، واما "عبد الله" فهو خريج المؤسسة العسكرية الملكية في بريطانيا، وهذا يعني ان المرحلة التي تمر بها المنطقة تستدعي "القبضة الأمنية" لمواجهة "ثورات الربيع" العربي "الفوضى الخلاقة" من اجل التحكم في الأوضاع بطريقة سلمية أي ضبط "الرعاع" كما قال "تشومسكي".


والمفترض من هكذا مسؤولين أن تكون لديهم الصورة مشخصة ليتبين المزالق التي تحدق بأمتهم إقليميا ودوليا، فهل كان هؤلاء "الحكام" بمستوى المسؤولية في استيضاح ما يلم بهم من أخطار؟


الشواهد والمؤشرات تدل على عكس ذلك.


- لقد غاب ملف القضية الفلسطينية عن"القمة الثلاثية" بفعل الإختراق الصهيوني للأمن القومي العربي 48/56/67/73/82/2006 /2008، واتساع رقعة احتلاله العسكري وفق إرادة "توراتية" في المرحلة الأولى، فضلا عما يطمح الي تحقيقه في المرحلة الثانية لبناء الدولة اليهوديةـ اكبر من نظيرتها فلسطين، لكن هذه المرة سلما "صفقة القرن" و"مشروع نيوم" وضم أراضي "تبوك" السعودية و"الضفة" وما يستتبعها من أراض خصبة وسيناء وشرق الدلتا المصرية، بينما باقي تبع العرب التي لم تنخرط بعد في الصفقة والتي عبر عنها "كوشنير" و"بامبيو" بالضرورة الحتمية، مما أدى الي هرولة البعض للتطتبيع يعدما سقطت ورقة التوت مصر/السعودية/الامارات/السودان بينما البعض الآخر يمشي على استحياء وآخرهم ما قاله الكاظمي في مسألة التطبيع "بأننا سننتظر"، والحقيقة الأحق انه "التطويع" يا سادة.


- لقد غفل هؤلاء الحكام عن تغيير الخارطة الاستراتيجية لجيوبوليتيك الإقليم ودوره الوظيفي، فالعراق قديما كانت دولة "قابلة للتمدد" كما قال الكونغرس الأميركي قبل "غزو العراق" في الألفية الجديدة، هذا على المستوى التاريخي والجغرافي. وقد غاب عن البعض منهم خاصة الجيش المصري حديثا تغيير عقيدة المنظومة العسكرية والانكفاء نحو الداخل أي "عسكرة الاقتصاد" عدا عن حل الجيوش في دول أخرى مثل تسريح الجيش العراقي، ناهيك عن الامارات المصطنعة/امارة شرق الأردن/امارات الخليج العربي ولبنان، فالأردن قائمة على المعونات البريطانية قديما والأميركية حديثا، وان أراضيها قابلة للضم الإسرائيلي لكن على مراحل وتستعمل أحيانا "عابرة" و"محولة" لأنابيب النفط.


-فضلا عن خطل تغييب الشام الكبير، سوريا ولبنان وفلسطين عن القمة بذريعة قيام مشروع "الشام الجديد" وتحقيق السلام النهائي "الاستسلام" فقد دعي النفط ولم تدعَ بلاد الشام.


-كيف لم تدرك القيادات الاستخباراتية جر المنطقة الى المواجهات الحربية ضد إيران بقيادة ترامب وكوشنير والكيان الصهيوني، ولم تعتبر تلك القيادات بما جرته بريطانيا بقيادة المنطقة العربية قديما ضد تركيا "لورانس العرب" و" ماكماهون".


- وغرب عن بال القادة الاستخباراتيين ان الشركات والمؤسسات الاستثمارية والعسكرية الأميركية التي قامت بحرب الخليج الأولى وتدمير الكويت ومن ثم هدمها وبنائها بثلاثة مليارات دولار! فهل ستسمح تلك الشركات بترك الحبل على غاربه لكل من استثمارات "السيسي" او حتى استثمارات إيران وتركيا بأن تلعب دورا اقتصاديا في كل من العراق والأردن؟ فمن الذي يعيق عملية التنمية في عالمنا العربي إذا؟ واذا كان العسكر يفكرون في جني الأرباح وتوفير العمالة ودعم الخدمات لشعوبهم، ولن يدركوا انه لن يتبقى لدول الخليج بعد النفط الا "الرمال المتحركة"، ولدينا نموذج لارتباك العسكري في ظل انسداد الأفق السياسي والمناخ الملائم والأجواء المناسبة لتنفيذ مخططات العدو دون أن ندري فقه العواقب المترتبة على ذلك "السادات" نموذجا، ما تفرد به في اتخاذ قرار الذهاب الي القدس فقد شاركه" الحزب الوطني الديموقراطي" ورجال اعمال، والشعب الذي يصفق، ولعب الاعلام على وتر القطرية المصرية بل ومقاطعة الدول العربية. وكما صرح "السادات" ان ليبيا وسوريا واليمن الجنوبي والجزائر وقفوا مع الاتحاد السوفياتي الملحد ضد مسلمي أفغانستان؟!


- وسوريا الفقيرة ضد السعودية من اجل "البنرو-دولار"؟!


-ليبيا ضد العراق والسعودية ووحدة سياسية مع سوريا، وحينما سئل "القذافي" لماذا لا تضرب إسرائيل قال" لدينا موانع جغرافية".


-تحشيد اليمن الجنوبي على حدود عمان.


-الجزائر ضد البوليساريو خوفا من اندماجها بوحدة مع ليبيا وسوريا.


-سوريا منشغلة بالحرب الأهلية 82 ومحو حماة، ولما فشل لجأ الى التحالف مع الاتحاد السوفياتي لضرب الشعب السوري وحماية العلويين.


-أما "صدام العراق" الذي أعطى للشاه شط العرب سلما وذهب ليأخذه حربا مع "الامام الخميني" وزعت المنطقة ما بين عجمي يرى العربي "عربي داخل كيس" والعربي يرى العجمي "لا تخاف من العقرب، وخاف من العجمي إذا استعرب"، لقد عاد المناخ السياسي الشعوبية القديمة "عربي فارسي".


"السياسي":


إن رضوخ السياسي الاختصاصي في مجال التنظير للفلسفة السياسية الواقعية او في مجال الإجراءات العملية وتقديم المشورى للعسكري، ينبغي ان يتجاوز فيها كل الاعتبارات والعوارض التي تحدث لأمته، والا ستكون عصية على الفهم ما لم يشارك فيها علماء الأجتماع والثقافة والأنتروبولوجيا السياسية، والديني والفني والتربوي في صياغة الرؤية وبمشاركة الشعوب المقهورة، والا سيصبح السياسي ما هو الا "ذيل" للعسكري، وتصبح السياسة عندها تهريجا، ولا يصبح للمفاهيم السياسية أي معنى /كالسيادة/ التنمية اداءً وانجازا قياسا على تنمية العدو/ ما معنى دول مصطنعة/ او حاجزة/ وما معنى هدر الموارد الطبيعية "المياه" والموارد البشرية/ وما هي المخاطر المؤكدة في تهديد الأمن القومي "الأستقرار" "الفوضى الخلاقة" "الإرهاب المصطنع"/45 انقلاب؟


وعلى مستوى العلاقات الدولية ماذا يعني فقدان العمق الاستراتيجي الإقليمي؟ إيران وتركيا؟ وكيف يمكن لأمة فاقدة للهوية والايديولوجية وتوزع الولاءات ما بين الداخل والخارج؟ وكيف يسمح الدبلوماسي بعسكرة المؤسسات في الداخل او تغيير جيوبوليتيك الدولة؟ وكيف ينساق الدبلوماسي للقوى الدولية في تجفيف منابع القوى العسكرية وتسريح الجيوش، ومن ثم القضاء على الحركات الثورية فيها وبالتالي توجيه القوى المسلحة نحو الداخل ضد شعوبها. ويمكن لنا ان نتساءل ما هو دور وزراء الخارجية العرب في العلاقات الدولية، حول الإتفاقيات والمعاهدات بين دولنا العربية وإسرائيل! ولم يقتصر الامر على ميدان السياسة فحسب، بل تخطتها الى الاقتصاد والثقافة واللشؤون الفكرية! الم تكن هناك اتفاقيات سرية "سايكس - بيكو" وشفوية كما أوصى "كسينجر" "نيلسون" بعدم كتابة الاتفاقيات بين اميركا والعرب وقد تكون علنية وسرية بنفس الوقت "كامب ديفيد"! بل كانت الاتفاقيات العربية والتي اتخذت شكلا مؤقتا وطويل الأجل مع إسرائيل مع انها اتفاقيات تعتبر أقل شأنا إذا أردنا ان نتعمق أكثر في المعاهدة.


"كامب ديفيد":


وخطورة هذه الاتفاقيات والمعاهدات تنازل فيها كل من القادة والحكام عن سيادة امتنا على أجزاء إقليمية/ لواء الاسكندرونة/ فلسطين/ تيران وصنافير/ مضيق جبل طارق/ جنوب السودان/ القدس/ ومناطق أخرى بيعت في المزاد العلني كطنب الصغرى والكبرى وجزيرة أبو موسى لشاه ايران، ألا يعتبر ذلك رضوخ القادة العرب لسياسة الامر الواقع الذي جرته الفلسفة السياسية الواقعية لتجاوز القوانيين والشرعيات الدولية عن طريق احداث ما يتعذر الرجوع عنه او إعادة الأمور إلى ما كانت عليه بهدف ارغام الأطراف الأخرى على الرضوخ للنتائج والاثار، كما تحقق في المعاهدات والاتفاقيات التالية: في معكسر داوود "كامب ديفيد" بين رمز الخيانة "السادات" و"مناحيم بيغن" "وكارتر" لمدة أسبوعين، بالإضافة الى وزراء الخارجية وكبار المستشاريين السياسيين والعسكريين والقانونيين. والمضحك ان السادات تجاوزهم جميعا بتفرده بالقرار مما أدى إلى استقالة ثلاثة وزراء خارجية.


ان خطورة الاتفاقية هي وضع حد نهائي للنزاع العربي الإسرائيلي وإحلال سلام دائم في الشرق الأوسط، وقال السادات "ستعتبر هذه آخر الحروب"، والأخطر من ذلك الملاحق السرية للإتفاق والتي نصت على عدم الإقتراب من سيناء بل وشرق الدلتا المصرية، وهناك ما هو أفدح من ذلك، انها لم تقتصر على مصر فحسب بل طالت أيضا جيرانها بقرار مجلس الأمن 242 الذي ينص على صيغتين الفرنسي "انسحاب إسرائيل من الأراضي" فوقع العرب على الإنكليزي "انسحاب إسرائيل من أراض" لدرجة ان لبنان دخل في اتفاقية "كامب ديفيد" ولم يدعَ اليها. فقد نصت الاتفاقيات السرية في كامب ديفيد على التعامل بين كل من اميركا وإسرائيل ومصر في إدارة المعركة في لبنان... على ان لا تقوم إسرائيل بعمل أي شيء الا بالتنسيق مع واشنطن /تجريد السلاح الفلسطيني/ وتدريب الأجهزة الأمنية في لبنان تؤهله لدعم فعالية السلطة الشرعية.


"أوسلو نظريا":


ونموذج آخر للإتفاقيات السرية الفلسطسنية الإسرائيلية 1981 شارك فيها رموز الدبلوماسية المصرية، كل من "عصمت عبد المجيد" و"بطرس غالي" الذي ارسل الدعوة لكل من الفلسطيني والأردني والسوري، الا ان "عرفات" قال "لم نستلم الدعوة"، فضلا عن وساطة "أسامة الباز على المستوى الداخلي، بينما السادات أوصى المندوب الفلسطيني في الجامعة العربية بعدم الإعتماد على الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية "بل عليك ان تذهب الي ستيفن كوهين" الخبير ورئيس مركز الدراسات التابع "ايباك" ويعمل مع رئيس مجلس رؤوساء اليهود في اميركا، وهي اللجنة التي تحكم العالم. وجمعوا له 150 يهودي للإعتراف بهوية الدولة اليهودية، والتعايش الإقتصادي وهو ما وافق عليه "عرفات" كمشاريع على الحدود المشتركة، ناهيك عن الدفاع المشترك، ولم ينتهِ الامر هنا بل أتوا للمندوب الفلسطيني بعتاة المتطرفين اليهود الاميركيين وعلى رأسهم "سوادرون" الذي اقترح وبشدة على ان يكون ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير لأهميته في السيطرة على ثلثي ألف "كادر"! وانتهى اللقاء مع السادات على اقناع منظمة التحرير "بدل ان يخرجوكم من لبنان بالدم عليكم ان تعقدوا اتفاقا سريا، الا ان جبهة الصمود والتصدي /العراق/ سوريا/ ليبيا/ موريتانيا/ حاولت ان تعرقل هذا المسار، الا ان "أبو عمار" اسماها "جبهة الخنوع والتردي". ولعب المصريون على وتر العاطفية بأننا ضحينا بنصف مليون في الحروب خطأ، وكانت القناة التي شاركت في جريمة تطويع الفلسطنيين يعرف بوسيط "الخير" سيد مرعي رئيس مجلس الشعب، وولدت "اتفاقية أوسلو" (من مدريد الي النرويج) اتفاقية حاولوا تمريرها في مؤتمر مدريد لكنهم استدركوا لجهة عدم مشاركة الفلسطنيين مع العرب.


"أوسلو المضمون":


-تعترف المنظمة باسم إسرائيل وبالأرض التي احتلتها 67، وتعترف إسرائيل بالمنظمة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني "تكريس الإنقسام".


-نبذ المنظمة لأي عمل مقاوم مسلح ضد إسرائيل "تصفية المقاومة" وانتهاج مبدأ المفاوضات على مسار التسوية السلمية.


-انسحاب إسرائيل من "بعض" الأراضي "الضفة وغزة" على مراحل (خمس سنوات) وحق الفلسطنيين بحكم ذاتي باسم السلطة الفلسطينية، وبعد ثلاث سنوات ننظر في اتفاق على قضايا "الوضع النهائي"، إذا "السلام مقابل اللاشيء".


-حكم المنظمة على مناطق معينة غزة واريحا ولم تذكر الضفة لأنها في التوراة "يهودا والسامرة" كما سيناء موسى ولقاء الله على جبل طور سيناء، ما يعني نفض إسرائيل يدها عن عبء الخدمات السكانية واحكام القبضة العسكرية والأمنية، لدرجة ان مدير المخابرات الإسرائيلية "استعمار فاخر".


واخذت الاتفاقية بشكل التنسيق الأمني بينهما كما يلي: ان السلطة هي الوكيل في ملاحقة المقاوميين في الضفة وغزة واريحا، وصرح "أبو مازن" وظيفتنا والشغل الشاغل لكل الأجهزة الأمنية منع أي انسان بقصد او بغير قصد ان يهرب السلاح او يستعمله حتى في فلسطين، ولا أخفي سرا بالتعاون الكامل بيننا وبين ألاجهزة الأمنية الإسرائيلية والأميركية، وأقول بملء الفم على الهواء مباشرة التنسيق الأمني مقدس مقدس مقدس وسنستمر سواء اختلفنا في السياسة او اتفقنا.


"نتائج أوسلو":


قامت المنظمة بحذف كل النقاط لتحرير فلسطين من الميثاق الوطني. نبذ الإرهاب /فرض السلطة على جميع الفلسطنيين/ معاقبة المنتهكين/ والآن الآن ستوضع موضع التنفيذ، توقيع: ياسر عرفات، مما أدى إلى تقسيم الفلسطنيين ورفض عشر فصائل فلسطينية للمنظمة. وبينما صوت الإسرائيليون واستفتوا واستشاروا، لكن لم يحدث ذلك بالنسبة للفلسطنيين "قرار منفرد".


التفريط بثوابت الشعب الفلسطيني/ واهمال حق عودة اللاجئين/ وضياع المستوطنات/ وشرق القدس/ والترتيبات الأمنية/ وحدود فلسطين المستقبلية/ والأخطر قضايا "الوضع النهائي".


فمراسلات عرفات "لرابين" تعترف بحق إسرائيل في العيش بسلام والوجود والدولة الشرعية، وفي ملخص 3 و4 حصر الاهتمام الفلسطيني بالدعم المادي تحت الاحتلال، اما على مستوى المفاهيم فقد شوهت /شرعية الاحتلال/ والمقاومة إرهاب/ والعلاقات الشعبية بين العدو والفلسطنيين "تعايش سلمي".


استمرار العدو في الإعتداء لم يتوقف /مذبحة الحرم 94/ مذبحة جينين 2002/ مجازر غزة 2006/ حرب غزة 2012/ لتكون حصيلة الشهداء 6500 شهيدا، وأخيرا طوق الشعب الفلسطيني برا وبحرا وجوا.


"اتفاقية وادي عربة":


نموذج آخر بين الملك حسين وأيضا برعاية كلينتون، فقد صرح "حسين" بأن حالة الحرب بين إسرائيل والأردن انتهت، كما صرح رئيس حكومته "المجالي" الاتفاقية نهاية الحروب... وبموجبها أصبحت الحدود الفلسطينية الأردنية مفتوحة امام السياح والعمال الإسرائيليين، كما باتت معبرا من وإلى إسرائيل "شالوم اهلا وسهلا".


فما هو مضمون "وادي عربة"؟


الانسحاب من الباقورة المحتلة ولكن العدو ما زال يسيطر عليها.


السيطرة على منابع المياه الجوفية.


تطبيع اقتصادي (البندورة المسرطنة) /سياسي/ اجتماعي.


قتل عشرات الأردنيين ومحاولة اغتيال "مشعل"/ اعمال حفر تحت المسجد الأقصى.


الإستثمارات مع الأردن/ ممر للبضائع الإسرائيلية بمسميات اردنية، فقد صرح "بيريز" اننا قد قمنا برفع الحصار عن إسرائيل تحت مسميات شركات دولية أخرى. الا ان الأردن قد تورط باستيراد الغاز بأسعار تفوق الأسعار العالمية.


"الإعلامي":


وبينما ينشغل المفكر المنكوب والمنصهر بقضايا أمته، يطل علينا الاعلام العربي بالتطبيل والتزمير وانشاد الجوقة "بالزعيم الأوحد" "وعبادة الزعيم" ومن يفقه منهم اللعبة يقع في مزالق التعتيم والضبابية، على الرغم من حسه الوطني في الالمام بمشاعر وقضايا الأمة.


فقد كتب الصحفي عبد الباري عطوان في مقاله عن "القمة الثلاثية" وملاحظاته حول "تكتل بلاد الشام الجديد" بأن الاتفاقية الثلاثية كانت وليدة اللحظة/ "عيش اللحظة"، /تكتل إقليمي جديد/ ما زال غامضا/ لم تتضح الأسباب والدوافع/ ومفاجئة وسريعة/ دون مقدمات/، وما زاد الطين بلة، لا نملك أي إجابات/ ولا نريد القفز على النتائج/ وعلينا التمسك بفضيلتي الصبر والانتظار؟!


يا سادة على ما يبدو اننا وقعنا تحت تأثير الحوادث والضغوط القومية والإقليمية والدولية، او ما يعرف بالفلسفة السياسية الواقعية والتي بدا فيها بوضوح غياب المؤشرات التالية: أي ان المراحل التي مرت بها تلك المشاريع ما يلي:


أولا: مشروع السلطنة العثمانية باسم الجامعة الإسلامية


المشاريع الاستعمارية الأوروبية باسم التحول القومي وتقسيم الكتلة


ما بعد الاستقلال الوطني في الدول العربية وتحوله الي التفتيت القطري


اما في المرحلة الصهيونية فتم اسقاط الدولة القطرية والتعامل مع فسيفسائيات "ماكروية" وأخيرا المرحلة الأميركية والروسية التي تعاملت مع المواطنة لوحدة سياسية أصغر "ميكرو" وذلك في التعامل امام المؤسسات الدولية، أي المواطنة هي الوحدة السياسية الصغرى بالتحكم في العالم، بالعولمة والادماج الاقتصادي عن طريق اما صندوق النقد والبنك الدوليين واما بمحاور التحالفات القوات الدولية، او التدخل العسكري.... الحروب.


ثانيا: من المفترض على الإعلامي ان يتحقق من مصادر معلوماته، فقد استحدثت مشاريع موازية لتلك المراحل، ففي ظل السلطنة كانت المنطقة العربية تحيا وفق منظومات متقاربة/الهلال الخصيب/ العراق وفلسطين والشام، بلاد حوض النيل / مصر والسودان، والوحدة المغاربية في الشمال الافريقي / بلاد اليمن السعيد.


ولكنها ذهبت أدراج الرياح أي الأرض اليباب "همنغواي" والتوزع والانقسام ما بين توجهين كبيرين، اما الجامعة الإسلامية او الجامعة العربية، وتارة باسم الثورة العربية الكبرى سابقا، وأخرى "ثورات الربيع العربي" وما بينهما ثورات الاستغلال... بلادي بلادي – بلاد العرب اوطاني وكل العرب اخواني...وثمة عدة مشاريع أخرى في ظل المستعمر الأوروبي أي في ظل الاحتلال، تراوحت ما بين الانتداب/ والحماية/ والامر الواقع.


ثالثا: مشروع الأمن القومي العربي في مواجهة الاعتداءات الصهيونية لكنه فشل.


رابعا: اعقبه مشروع مجلس التعاون الخليجي 89.


خامسا: مشروع"صدام حسين" الذي قام ضد مشروع مجلس التعاون الخليجي، بالتحالف مع كل من /العراق/مصر/الأردن/اليمن.


وأخيرا مشروع "عادل عبد المهدي" و" حيدر العبادي" ثم "الكاظمي" في ظل الاحتلال الأميركي والمشروع الصهيوني "نيوم".


 


المحور الثاني: الاستهدافات الأميركية وإدارة الصراع في المنطقة


 


"إيران":


- لقد اخذت لعبة الإختراق في منطقة العراق وبلاد الشام من قبل الولايات المتحدة الأميركية وفق المراحل التالية: فبعد انتهاء مرحلى الحرب الباردة بين "الدبين" وفي جوهر اسلوبهما، كانت حرب ساخنة في دول العالم الثالث.


بعد زوال الاتحاد السوفياتي عن طريق تكتيل الحركات الإسلامية وإدارة صراعها في مواجهة الالحاد الشيوعي.


انتصار حركات الإسلام السياسي بعد ان استنفذت اغراضها، تم تدميرها اما بتكهين السلاح، او بحرف بوصلتهم من الالحاد الشيوعي الي المذهبيات الدينية"مجازر مزار شريف".


امتدت شرارة المذهبية الي كل من إيران والعراق ولبنان والبحرين واليمن، في مواجهة الدول "السنية"، وبدأت مرحلة جديدة"الصراع السني الشيعي".


وتم استدراج كل حركات الإسلام السياسي ووضعها فس اتون صراعات (القاعدة/طالبان/داعش/جبهة النصرة) مقابل (حزب الله/الحوثيين/الحشد الشعبي/حركات شعبية بحرينية)، لدرجة ان وزير الخارجية الأميركي "كيري" أوصى نظيره الروسي "لافروف" بوضعهما فس سلة واحدة، مما أدى الي أبواق جامعة الدول العربية والخليجية تنادي بوضع هذه الحركات على قائمة الأرهابدون استثناء. ولم يقتصر الامر على الحركات بل وصل "الموس" الي ذقن الدول "إيران وتركيا" وذلك لابعادهم عن التدخل في المنطقة من خلال شيطنتهما (الملف النووي الإيراني/ الانقلاب على اردوغان).


وتعدى ذلك التدخل في الشؤون العراقية عن طريق تبني مؤتمرات لحزب البعث العراقي في اميركا، وتأليب الشارع العراقي على إيران والمرجعيات الدينية، وقوى الحشد الشعبي، هذه الأسباب دفعت الرئيس روحاني "إلى إمكانية التفاهم مع اميركا حول العراق". من جهة أخرى قال "شريعة مداري" ان زيارة الكاظمي الي البيت الأبيض خيانة لدماء سليماني "مسلم بن عقيل".


كرست التحالفات بين الاكراد والصهاينة باستحداث اتفاقية عسكرية ونفطية لحماية الاكراد في إقليم كردستان على حدود إيران.


"تركيا":


مقابل بروز الثورة الإسلامية في ايران ووسمها بالتشدد "الملالي" كان ولا بد من استحداث جناح سني معتدل بل علماني في مواجهتها، واستبعاد الأجنحة الموالية لإيران "نجم الدين اربكان" والأنقلاب عليه بواسطة اردوغان، الذي استمر في نهجه السلطاني العثماني، مما استدعى الانقلاب عليه، فضلا عن ضرب الاقتصاد التركي عن طريق الدولار، وبعد ان فشلت تلك المحاولات كان ولا بد من استدراج تركيا خارج حدودها، تارة مع الاكراد وطورا مع العرب, والارمن واليونان، وتكريس الصراعات القومية التركية مقابل الفارسية، وهما معا مقابل القومية العربية والكردية.


لذا أدركت "القمة الثلاثية" بين الرؤساء الثلاثة والمحور الأميركي ان "الخطر الحقيقي" يتمثل في تهديد الامن القومي العربي من قبل "إيران وتركيا" و" ليس إسرائيل"!


"القمة الثلاثية والأستهدافات الأميركية":


في ظل التحديات السابق ذكرها، كان ولا بد للقمة الثلاثية من بحث عن مخرج اأمني يرافقه غطاء اقتصادي، بالتنسيق بين الدول الثلاث، فكان "الوعد الأول" من ترامب الي الكاظمي بضبط الحدود العراقية، فكما ان بريطانيا لحاجتها الضرورية في تأمين ظهر القوى البريطانية الداعمة للوجود الإسرائيلي في فلسطين، ولكيْ لا تتوزع على جبهتي العراق شرقا والفلسطنيين والمصريين غربا، قاموا بصنع دولة مستدثة حاجزة اسموها " امارة شرق الأردن". الا ان الولايات المتحد استحدثت نفس السيناريو بين العرب وإيران، على ان تكون العراق وتوابعها في دول الخليج تمثل دولا "حاجزة" في الجيوبوليتيك العربي، وذلك عبر انشاء قواعد عسكرية حول ابار النفط من جهة، ولمواجهة إيران وتركيا من جهة أخرى، وبصدد تلك النقطة، انقسم المجتمع العراقي الي رافضين لأتفاقية القواعد الأميركية، والتي قاربت على استنزاف عدد سنواتها الثلاث. وزعم "الكاظمي" بأن هذه القوات لتدريب الجيش العراقي، على عكس ما صرح " ماكيز" قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط قائلا: سوف نبقى لأمد طويل بلا تحالف مع أحد، بل كمركز جديد. واستخدم "ترامب" الأساليب البلوماسية الملتوية " اننا قد سحبنا الكثير من جنودنا، وما بقي الا القليل، بل أعداد محدودة ونتطلع الي يوم لأنهائها!!!؟


فما كان من فصائل المقاومة الا ان سارعت بتهديد القوات الأميركية، واعتبارها قوات محتلة للعراق كما طالب البرلمان العراقي بتحديد مهلة لأنسحاب هذه القوات، بل وعقد جلسة طارئة لسحب الثقة من حكومة الكاظمي.


تبقى مسألة أخيرة تتعلق بمطالب الرؤساء الثلاث من القمة، وهو المحور المتعلق بالتنسيق الاقتصادي العربي البيني، فمطالب "السيسي" تتمثل في تبادل الموارد البشرية، مقابل استثمارات نفطية عراقية بأقل الأسعار، فضلا عن دعم العراق بخط كهربائي، مقابل إعفاءات جمركية على البضائع الأردنية المصرية، ودعم حركة الرحلات السياحية بين الدول الثلاث، والأهم من ذلك هو خط أنابيب نفطي محول من العراق الي الأردن ومصر مرورا بسواحل المتوسط لأوروبا.


وحينما سئل الكاظمي عن وضع العراق في القمة الثلاثية المطبعة مع إسرائيل قال" لا مانع لدينا بمناقشة الوضع في المستقبل".


بينما مطالب الأردن توزعت ما بين الضغوط الأمنية /ضم الضفة وما يتبعها من أراض زراعية خصبة لإسرائيل بذريعة أنها أراض"توراتية" (يهودا والسامرة) صرح بعدها الملك عبد الله بأنني ارفض الضم "ولكن لا أستطسع ان اصنع شيئا". ومن جهة ثانية يشكل الرفض السعودي للآزاحة الديموغرافية للفلسطنيين في شمال السعودية"مشروع إسرائيلي" ناهيك عن الصراعات العائلية الملكية ما بين الامارات (الاميرة لاهيا) اخت الملك عبد الله والأمير محمد بن راشد"دبي" والوعود السابقة من قبل اميركا في مشروع "نيوم" (صفقة القرن).


ولذر الرماد في العيون بانشاء شام جديد، الا ان الشام استبعدت لأنها في محور آخر "محور المقاومة".  


فاطمة مزيحم

فاطمة مزيحم

كاتبة وصحافية لبنانية