info@zawayamedia.com
إقتصاد

تـــراث وحكايـــــة فلسطينية: مدهــــان... التيـــــن التِلّاوي!

تـــراث وحكايـــــة فلسطينية: مدهــــان... التيـــــن التِلّاوي!

في بيته الجميل بقرية " تِلّ"  في محافظة نابلس في فلسطين كان بانتظارنا رجل ستيني، يعشق الأرض وكروم اللوز والرمان والزيتون والتين، رجل أمضى حياته ملتصقا بالأرض، حتى باتت جزءا من كيانه ومن حياته اليومية، يصحو مع الفجر قبل شروق الشمس، يتفقد الأرض والأشجار، يتأملها بعناية ثم يلتقط بحرص ثمار التين الناضجة التي تمتلئ بها الأسواق الفلسطينية هذه الأيام


أخبرنا عارف علي المشني "أبو عرب" أن موسم التين في "تِلّ" القرية الوادعة بمحافظة نابلس يبدأ مع "منتصف شهر تموز (يوليو)، ولا يخلو منزل في القرية تقريبا من أشجار التين المباركة، والتي تتعدد أصنافها وأنواعها التي تقارب الـ 18 صنفا!"، وأضاف : "إنها أصناف يعرفها المتذوقون جيدًا ولكل منها حكاية، وتتعدد مسميات التين بين العناقي، والخرطماني، والموازي، والعسالي، والسوادي، والخضاري، بالإضافة للعجلوني والبياضي والزراقي والنعيمي والحماري وغيرهن".


دهشت كثيراً وأصابتني الحيرة عندما سألني: أنت عمرك شفتِ كيف بطلع التين؟ فأجبته: "أعرف أن شجرة التين تعيش على مياه الأمطار حتى تكبر وتنضج حباتها في تموز(يوليو) وآب (أغسطس)". وتابعت مازحا إياه بمثل شعبي أردده دوماً:"أهل مكة أدرى بشعابها".


وقال ابنه مجدي الذي أنهى دراسته الجامعية في الجزائر، حيث رافقنا الى عيون الماء وأشجار التين الجميلة: " منذ صغري، ومنذ أن ترعرعت في قريتي تِلّ الواقعة جنوب غرب نابلس، وأنا أرى أبي في أواخر شهر تموز من كل عام يبدأ بعمل (مدهان التين)، لا زلت أذكر قبل سنوات ليست ببعيدة كيف كان أفراد عائلتي يستيقظون صغيراً وكبيراً، وفي حدود الخامسة فجراً لقطف ثمار التين، وقبل أن يذهب أي منا إلى مدرسته وجامعته أو إلى عمله، وكان أبي يعمل مدرساً، لكنه كان يعتبر التين مصدر رزق أساسي لنا في موسمه، وكان يحثّنا على إنجاز العمل باكراً؛ حتى لا يتأخر كلٌّ منا عن دوامه المعتاد".


ما هو "مدهان" التين التلاوي؟


يقول أبو عرب وهو يشير بيديه الى حبات التين الناضجة و"الفجة": مدهان التين هو إرث جميل في قرية (تِلّ) ففي بداية الموسم وقبل القطاف، يستخدم المزارعون آلة بدائية تعد أبرز أدوات الموسم المعروفة، وهي عبارة عن عصا خشبية صغيرة جامدة تقطع من أشجار الزيتون أو الرمان، يُلفّ رأسها بقطعة اسفنجية أو قطنية بحيث تصبح دائرية، ثم يتم تثبيتها بخيط، ومن بعدها تُبَلّل القطنة بالزيت النباتي أو زيت الزيتون، ثم يُدهن رأس الثمرة الفجّة “غير مكتملة النمو حبةً حبة،  وبعد أسبوع من موعد دهن الثمار، يحين موعد قطافها لغايات الأكل والبيع، ثم تدهن بذات اليوم حبات أخرى، وغالبا بعد قطف الثمار مباشرة".


ويؤكّد "أبو عرب" في معرض سؤالي اذا كان هناك أيَّة تأثيرات جانبية لاستخدام الزيت في إنضاج ثمرة التين خاصة، مجيبا: إنَّ الزيت المستخدم طبيعي، وبالتالي لن يؤثر على القيمة الغذائية لثمرة التين"، ويضيف: "لا نعرف أول من اهتدى لاستخدام الزيت كوسيلة لدهن التين، ولكنه ضروري لانضاجه".


وقد قدرت وزارة الزراعة في محافظة نابلس إجمالي الأراضي الزراعية لأشجار التين في المحافظة بحوالي 1000 دونم، تستحوذ قرية تِلّ على 500 دونم منها، وينتج الدونم بالمعدل بين طن و2 طن من ثمار التين، التي تعد مصدر رزق لعشرات المواطنين في القرية.


ننصح أهلنا في فلسطين، بزيارة قرية "تِلّ" فهي تمثل نموذجا للقرية الفلسطينية العريقة، ولما تحتويه من قيم ثقافية وطبيعية وعناصر جذب سياحي، الأمر الذي يجب ان يترافق مع استقطاب مشاريع تطويرية من قبل الجهات المعنية،  تستهدف الحفاظ على المنتوج الزراعي التراثي وتنميته.


 

تـــراث وحكايـــــة فلسطينية: مدهــــان... التيـــــن التِلّاوي! 1 تـــراث وحكايـــــة فلسطينية: مدهــــان... التيـــــن التِلّاوي! 1 تـــراث وحكايـــــة فلسطينية: مدهــــان... التيـــــن التِلّاوي! 1 تـــراث وحكايـــــة فلسطينية: مدهــــان... التيـــــن التِلّاوي! 1 تـــراث وحكايـــــة فلسطينية: مدهــــان... التيـــــن التِلّاوي! 1

"زوايا ميديا"

قسم التحرير

تابع كاتب المقال: