الحكومة في الاقامة الجبرية الى أن يفرج "الثلث المعطّل" عنها. هذه هي خلاصة العقدة الاساسية المانعة لتأليفها، وكل ما عدا ذلك ليس سوى قنابل دخانية تحجب السبب الاساسي للتعطيل. هذا ما تؤكّده لـ "الجمهورية" مصادر موثوقة على صلة وثيقة بمجرى البحث بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
ومع هذا التعطيل المعلّق على الثلث البرتقالي، يشتدّ حبل المشنقة المعيشية أكثر فأكثر على رقاب اللبنانيين الذين لم يعد يهمهم لا ثلث معطّلا، ولا حتى شكل الحكومة، ولا أيّاً من تلك المصطلحات الممجوجة والشعارات الزائفة التي لا تطعم جائعاً ولا توفر دواء لمريض ولا تفك طوابير الاذلال الجماعي للبنانيين الذين انكسر أملهم في حَلّ مع سلطة تُزَنّر شعبها بالعبوات الناسفة لأمنه واستقراره وتقود البلد الى الدمار والخراب.
حكومياً، وبحسب معلومات "الجمهورية"، فإنّ اللقاء الثالث عشر بين الرئيسين عون وميقاتي تعثّر بالثلث المعطّل.
وقالت مصادر موثوقة لـ "الجمهورية" إنّ التشكيلة التي قدمها الرئيس ميقاتي تُحاكي المرحلة ومتطلباتها، وتراعي الجميع من دون استثناء أحد، ولَحظَت بشكل اساس التوازن بين الجميع بحيث لا يعتبر اي طرف فيها انه يملك ثلثاً مُتحكّماً أو مُقرّراً في الحكومة.
واشارت المصادر الى أنّ لقاء الخميس بين عون وميقاتي كان يفترض ان يكون اللقاء الحاسم بينهما، وعلى أساسه تولد الحكومة في غضون ساعات قليلة، ولكنّ الرياح سارت في الإتجاه المعاكس، وأعادت عقارب التأليف خطوات الى الوراء، وبمعنى أدقّ عادت الى نقطة الصفر، علماً انّ التشكيلة الجديدة لحظت مجموعة من الحقائب المهمة قد حسمت من حصة رئيس الجمهورية، وهي: نائب رئيس الحكومة، وزارة الدفاع، وزارة الخارجية، وزارة الطاقة، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة العدل، وزارة الاقتصاد، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء المركزية.
وكشفت المصادر انّ العقدة ليست في الحقائب، ولا في الاسماء، بقدر ما هي ماثلة في تسمية الوزيرين المسيحيين المتبقيين خارج حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والحزب القومي. حيث برز في هذا المجال إصرار من قبل رئيس الجمهورية على تسميتهما، من دون إشراك الرئيس المكلف فيهما. فإن قُبِل بذلك، فمعنى ذلك ان حصة رئيس الجمهورية ستزيد عن الثلث المعطل ليس بوزير واحد بل بوزين، بحيث تصبح حصته 9 وزراء مسيحيين مع وزير درزي. وهو أمر يلقى رفضاً قاطعاً من الرئيس المكلف وقوى اساسية اخرى في الحكومة، ولا سيما من الرئيس نبيه بري وتيار المردة.
وسط ذلك، برز ما كشفته مصادر ديبلوماسية غربية لـ "الجمهورية" انها تملك معطيات تجعلها متأكدة أن لا تأليف للحكومة في لبنان في المدى المنظور.
ولفتت المصادر الى انها كانت على يقين من فشل اللقاء الثالث عشر بين الرئيسين عون وميقاتي قبل انعقاده. وفضّلت عدم التوسّع بالتوضيح، الا انها قالت: بصورة اكيدة، لا يوجد ضوء اخضر حتى الآن لتأليف الحكومة، ومَن هم على علم بذلك، سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية الذين يجتمعون في إطار خلية ازمة، اضافة الى رئيس الجمهورية وكذلك "حزب الله"
وردا على سؤال، رفضت المصادر تحديد مصدر الضوء الاخضر، الا انها اكتفت بالقول رداً على سؤال آخر حول ما يمنع هذا الضوء ويُبقي الحكومة معطلة: الحكومة لا تأتي هكذا ببساطة، ثمة امور يجب ان تحسم اولاً، ففي السياسة لا توجد هدايا على الاطلاق، فهناك امور وشروط وهناك أثمان ايضاً.
كذلك، تتواصل الاتصالات بعيداً عن الاضواء لتذليل بعض العقد، على ما أشارت صحيفة "النهار" تحت عنوان "احتدام يبقي التأليف عند المربع الأول"، معتبرة أن المناخ الشديد التوتر الذي نشأ على خلفية المواقف من "استهداف" رئيس الحكومة أرخى مزيدا من الشكوك في امكان تجاوز التعقيدات القائمة أساسا والناشئة بعد هذا التوتر بما لا يدفع على التفاؤل بالتأليف في وقت قريب ولو ان ميقاتي أعلن انه لا يضع الاعتذار الان على اجندته، وفقا لـ "المركزية".