لا تزال لعنة الثلث المعطل تطارد اللبنانيين من حكومة إلى حكومة، والأنكى أن اللبنانيين المنكوبين يعيشون في بلد معطل أساسا بالفساد، تضامنا وتكافلا بين سائر الفرقاء المعطلين، فيما حكومة الرئيس حسان دياب عطلت البلد سابقا قبل أن تصبح متخصصة في تصريف الأعمال فيما لبنان في عطلة سياسية، معطلا وعاطلا عن الأمل والعمل، غير قادر على ملاقاة الاستحقاقات الكبيرة بحد أدنى، خصوصا وأننا نشتم رائحة حصص وتحاصص وانهيار أشد عتوا مما نحن عليه اليوم.
في بعض ما يتم تسريبه من أن العهد مصر على ثلث معطل، يتأكد أن "العهد لا يزال ضد العهد"، ولا أحد يحارب العهد أكثر من فريقه السياسي، مستشارين غب الطلب لم يدركوا إلى الآن أن تسريع عجلة التشكيل وحده ينقذ العهد ولبنان، أما الثلث المعطل ففيه استخفاف بعقول الناس، ولا نعرف هنا ماذا يضمن هذا الثلث إن كان ضامنا أو معطِّلا في حكومة لا يمكن أن "تقلع" بغير التوافق، فما الجدوى من الحصول على ثلث خائب ومخيب، لا معطلا ولا ضامنا فحسب؟ ثلث يستحضر هشاشة الدولة وعقم نظام أعجز من أن يبلور تفاهمات الحد الأدنى بين قواه المأزومة والمهزومة، ثلث يكرس عدم الثقة بين الطوائف، ويساهم في تسعير الشارع واستحضار خطاب غرائزي أعمى، ثلث أفضى إلى حقيقة صادمة عن دولة فاشلة سمتها العجز من الفساد إلى تفجير اللبنانيين.
الكل سواسية تعطيلا وتضليلا ورفع سقوف، ولبنان اليوم في نظر العالم بلد غير قادر على إدارة شؤونه دون رعاية الخارج، فيما هذا العالم مشغول عنا بملفات أكثر تعقيدا في منطقة على صفيح ساخن، ولولا الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت لكان لبنان الآن في "براد" التفاهمات الإقليمية.
قمة المهزلة أن يعطل الثلث الضامن الحكومة، ويقضي على آمال مواطنين خُلّص صدقوا أوهاما وشعارات يوم اقترعوا لقوائم السلطة، ليتأكدوا أنهم أضاعوا البوصلة، وهم يعيشون اليوم تحت مقصلة الثلث المعطل في دولة العطل والعطالة.
وقمة الخوف أن تضطر القوى السياسية الطائفية إلى شد عصب أتباعها باختلاق مشكلات لتتمكن من جمع مناصريها على قاعدة أن الطائفة في خطر، فيغيب الوعي ويكون للتعطيل تبعات لا يمكن لأحد أن يتصور نتائجها!