استنجدت جمعية للرفق بالحيوانات عبر صفحتها على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" بعد مداهمة عناصر من أمن الدولة لمركزها، ومصادرة خمسين ليترا من البنزين، تستخدمه الجمعية في عمليات الإنقاذ المتتابعة وفي كافة المناطق اللبنانية.
ليس هناك لبناني باستثناء مفتعلي الأزمة من المهربين والمحتكرين والمتاجرين بآلام ومعاناة الناس لم يفرح بما قام به الجيش وعناصر أمن الدولة من مداهمات، إلا وأبدى ارتياحه للإجراءات المتخذة، فأزمة المحروقات، التي أدت إلى كارثة انفجار التليل، عدا عن جرحى وضحايا لما تبعها من إشكالات وفوضى وتوتر، حول محطات البنزين، وعقب أزمة البنزين على شكل انقطاع وندرة وشح المحروقات المختلفة، ووقوف المواطنين لساعات للحصول على البنزين ولو كميات قليلة، ووفقا لما لديهم من سيولة شحيحة أمام غلاء كل المواد الأساسية، لتدبير أمورهم وشراء حاجياتهم والذهاب إلى أعمالهم، ومثلها أزمة الخبز والغاز والدواء وغيرها من الأزمات، ولكن أن تتم مداهمة جمعية تعنى بالرفق بالحيوانات وهي Animals Lebanon، وأن تعمل القوى الأمنية على مصادرة أقل من 50 ليترا من البنزين، تستخدمه الجمعية لأغراض إنقاذ الحيوانات الشاردة والبرية، فهو أمر يستدعي الوقوف عنده، ومراجعة بعض هذه المداهمات بعين الحكمة... والرأفة!
والجمعية التي تضم عشرات المتطوعين والمعروفة بنشاطها في إنقاذ الحيوانات الشاردة والبرية والرفق بها، هي التي ساهمت بقانون الرفق بالحيوانات الذي وقع عليه رئيس الجمهورية في العام 2017، فضلا عن عمليات إنقاذ عدة، والمساهمة بتسفير العديد من الحيوانات المصابة والمعنفة، ومنها مؤخرا العمل على تسفير دبين سوريين إلى الولايات المتحدة الأميركية كانا يعانيان من الأوضاع المأسوية في إحدى حدائق حيوانات لبنان.
شعراوي
وقالت نائب رئيس الجمعية ماغي شعراوي لـ "زوايا ميديا": "بداية نعبر عن احترامنا لعمل أجهزة الدولة وبأنهم يطبقون القانون، علما أننا من أوائل الجمعيات التي تطبق القانون في كل النواحي، لا بل ساهمنا بتحرير وإقرار قانون خاص بالرفق بالحيوانات، وليس ذلك فحسب، بل نعمل دوما وفقا للقانون، لكننا في الوضع الراهن والمأساوي، نعمل بالإضافة لجمعيات أخرى ما هو مفترض أن تقوم به البلديات في نطاقها، وهو تعقيم وعلاج الحيوانات الشاردة، وهي خدمة نقوم بها ودون أي مقابل، وهذا الأسبوع بالذات، نعمل مع عدد من الأطباء البيطريين للقيام بهذه العمليات الضرورية، خصوصا وأننا نعاني من العدد الكبير من الحيوانات الشاردة في الشوارع، كون الكثيرين يتخلصون من حيواناتهم المنزلية بسبب الوضع الحالي، كما ساهم التغير المناخي، في تزاوجها بوتيرة أكبر في السنة مقارنة بالسنين الأخرى، وبالتالي العدد يتضاعف بصورة غير مسبوقة".
وتابعت: "لا يمكنني الإستغناء عن السيارة، والإنتظار في طابور السيارات، والأطباء ينتظرون لإحضار المعدات والأدوية اللازمة التي يتطلب إحضارها من أماكن بعيدة، فضلا عن قيامها بإحضار الحيوانات المصابة أو الشاردة التي تبلغ عنها البلديات وأحيانا من أماكن بعيدة، وخصوصا وأنها تتعرض للتعديات من الناسطز
وأشارت إلى أنه "نحن نشعر بمعاناة الناس وفي كل المجالات، ولكن الشكوى التي تردنا هي من الناس ومن البلديات، فنحن نساعدهم، ونحافظ على هذه الأرواح، ولا يمكننا الإستغناء عن السيارة وملئها بالوقود، سواء لأغراض الإنقاذ أو لجلب العلاجات والطعام للحيوانات التي لدينا، ونعمل جميعا تطوعا، ولا يمكن للأطباء الذين يتبرعون بجزء من تكاليف هذه العمليات وغيرها من إصابات الحيوانات، ونحن ليس لدينا بنزين، لذا يذهب أحد المتطوعين معنا لملء الوقود خلال الليل ونضعه جانبا ليتم تعبئة السيارة الوحيدة، حتى نتمكن من القيام بعملنا، علما أن الكمية لا تصل إلى 50 ليترا، حيث وضعنا كمية منها في السيارة لإنقاذ كلبين من منطقة عاليه"، موضحة أن "الطبيب اليوم احتاج علاجا، سنضطر لإحضاره من جونيه باستئجار تاكسي يكلفنا بين 400 و500 ألف لإحضاره، لا نطلبه لأجل مولد للتكييف حتى في مقر الجمعية، التي يعاني العاملون والحيوانات فيها من الطقس الحار، نستعمله فقط لتسيير عملنا ورعاية الحيوانات الموجودة لدينا أو التي ترمى على أبوابنا".
وقالت: "شعرت بالصدمة فبدلا من التبرع لنا بالوقود ومساعدتنا، تمت مصادرة الوقود بذريعة المحافظة على السلامة العامة، وقد داهم الجمعية والعاملين فيها ومعظمهم من النساء 6 عناصر من الأمن العام وحرس بيروت، وشاهدوا وكشفوا على عملنا، الناس تساعدنا ولا نطلب شيئا من الدولة إلا عدم عرقلة عملنا، وحاليا لم نستطع العمل، كون السائق مضطر للوقوف في طابور البنزين، ولم يستطع الطبيب الإنتظار خصوصا وأن بعض المعدات مفقودة وللحصول عليها نحتاج إلى المال الذي لا نستطيع سحبه من المصرف بسبب تجاوز الحد المطلوب، نحن في حلقة مفرغة، وتأتي هذه الخطوة لتزيد من معاناتنا".
وأشارت إلى أن "التبني حاليا متوقف تماما، فلا حل لدينا سوى التعقيم لتقليل أعدادها، وليس لدي مكان لوضعها، ولم يعد هناك تبرعات لا عينية من غذاء ولا أدوية، ولا مادية بسبب الوضع المادي، نحن في وضع لا نحسد عليه، نحن نعمل على الأرض ولا نيأس ولكننا نختنق ليشعروا معنا، ونحن كجمعية نحترم القانون، علما أننا نعمل بنصف عدد العاملين، بسبب عدم قدرتهم الوصول إلى عملهم، هدفنا أن يسمح لنا بالوقود وألا يتكرر هذا الوضع، ولتأمين العلاج والطبابة للحيوانات، ولنتمكن من الإستمرار بعملنا".
وقد كتبت الجمعية عبر حسابها الخاص في سلسلة من التغريدات عما حصل معها على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر": "يوم آخر، عبثية ومشقة أخرى. هذه المرة، تحضر الشرطة لمصادرة ما يكفي من الوقود ليوم واحد. 50 لترًا... هذا الصباح، تمامًا مثل كل صباح، تتحرك سيارتنا منذ الساعة 9:00 صباحًا، لدينا سيارة واحدة فقط، ولا يمكننا إضاعة نصف يوم العمل في الصف. لذا بدلاً من ذلك، لدينا شخص يعمل كل ليلة ينتظر في طابور لتأمين لترات من الوقود (البنزين) حتى نتمكن من تجهيز السيارة لليوم التالي".
وتابعت في تغريدة ثانية: "تمتلك منظمة Animals Lebanon وسيلة واحدة لنقل الحيوانات إلى الطبيب البيطري، وتوصيل الإمدادات إلى المحتاجين، ورعاية حيواناتنا، وإنقاذ الحيوانات المصابة. تم التبرع بهذه السيارة لشركة Animals Lebanon منذ ما يقرب من عشر سنوات، وكانت تُستخدم يوميًا لمساعدة الحيوانات المحتاجة"، وتابعت: "حضرت الشرطة (أمن الدولة) اليوم وأخذت 50 لتراً من الوقود وأخبرتنا في المرة القادمة أنهم سيغرموننا، نحن لا نخزن الوقود، أو نبيع أو نتاجر به، نحن نكافح فقط للحصول على الوقود حتى نتمكن من المساعدة في اليوم التالي"، وختمت في التغريدة الأخيرة: "يفترض أن تكون الشرطة للشعب وليس ضده! ليس لدينا كلام ولا ندري ماذا نتوقع، إلا المزيد من هذا البلد الفاشل ...ويبدأ بحثنا عن الوقود من جديد...".
وكانت ثمة ردود فعل من قبل المواطنين والناشطين ومحبي الحيوانات، وقد غردت إحدى الناشطات: "بدلا من مصادرة الوقود منهم، كان عليكم المساهمة والتبرع بالوقود لهم"، وغرد آخر: "عمى بقلبكن تاركين المافيات وجايين تشبحوا على جمعية للرفق بالحيوان؟؟"، وكتب آخر: "منظومه الفساد للاسف تترك الحقل بدون حرث وري وتنتظر المحصول في البيدر"، وردود أخرى.
وفي هذا المجال، غردت الناشطة في مجال الرفق بالحيوانات غنى نحفاوي: "يا ريت بتعملوا قبضايات عالحدود وبتمنعوا التهريب! الجمعية بدها بنزين لتنقذ ارواح! بسينات كلاب ضباع ثعالب ابن آوى وذئاب الخ..، لتحافظ عحياة الشاردين اللي البلديات دعست عالقانون وما نفذته، لتحافظ عالحياة البرية اللي دولتك تسببت بانقراضها! يا عيب الشوم!!!".
وإذ نثني على جهود عناصر أمن الدولة والجيش في هذا المجال، وما صادروه من كميات كبيرة، لكن عليهم أن يلحظوا الكميات التي تتم مصادرتها، وأن لا يضيعوا جهودهم بمصادرة الكميات التي يستخدمها المواطنين في حياتهم اليومية، أو لأغراض خاصة بهم وبمولداتهم واستعمالهم، والتي لا تستعمل للتجارة أو التهريب أو البيع في السوق السوداء، وبهذا المجال نتوجه بهذا المقال للمعنيين في وزارة الداخلية وبالتحديد أمن الدولة، للتوجه إلى المحتكرين الكبار والذين نضع دماء من راحوا ضحية جشعهم وخزاناتهم المعدة للتهريب والتجارة غير المشروعة، وبدلا من مصادرة هذه الكميات التي لا تكفي لتعبئة خزان سيارة، أن يقوموا بتزويد هذه الجمعية وسواها بالوقود، خصوصا وأن اللائمة ستقع عليكم إن حصل طارئ، واحتاجت الجمعية للوقود لإنقاذ روح خلقها الله، وأبدع، ويتحتم عليها إنقاذها، إلا أن احتياطي الوقود الذي تم وضعه قد صودر، فلا يلاموا إن وقفوا مكتوفي الأيدي بألم وحسرة ولم يتمكنوا من القيام بواجبهم، والذي أحيانا يتطلب منهم التدخل وبأسرع وقت والوصول من مقر عملهم إلى أقاصي لبنان، بدلا من الإنتظار في طوابير الذل التي أصبحت مشهدا يوميا في لبنان.