بعد توالي المآسي على المواطنين ووضع اليد على مدخراتهم وودائعهم، وحرمانهم من سبل الحياة الكريمة بطوابير الذل على محطات الوقود والأفران والغاز وانقطاع الدواء ومخاوف من الوضع الأمني الراهن، كشف الخبير في التحوّل الرّقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم عبر صفحته على موقغ التواصل الإجتماعي "تويتر"، عن مأساة إضافية، بأن المعلومات الشخصيّة الخاصة بثلاثة ملايين لبناني من مالكي السيّارات والدرّاجات النارية ومختلف وسائل التنقّل، قد عُرضت للبيع في ما يُعرف بالـ "الشبكة السوداء" Dark Web، حيث تُنشر بيانات مسروقة تشمل الإسم والعمر ومكان الولادة ونوع ورقم المركبة ورقم الهيكل (شاسيه)، وتاريخ الشراء وغيرها لملايين الاشخاص، ومن الممكن أن تُباع لجهات مُعيَّنة تستخدمها لجملة أغراض، وقد تكون غير بريئة بالعموم، وقد تتسبب بأضرار فادحة إن بيعت لجهة قد تستخدمها لإثارة التوتر والفوضى، مهددة أمن المواطنين.
وللأسف فلم يبد المعنيون أي تحرك، ولو كان في دولة تحترمُ نفسها وشعبها، فإن هذه المعلومات تُعتبر بمثابة إخبارٍ للجهات المسؤولة، ولكن في لبنان، ومع ازدحام الملفّات والازمات، فإنّ معلومة كهذه تمرُّ مرور الكرام.
علما أن هذه المعلومات وفقا لما قاله أبي نجم للـ MTV "قد سُرِّبت من مؤسّسة رسمية وهي هيئة إدارة السير والاليات والمركبات - مصلحة تسجيل السيارات والاليات، والاسوأ هو أنّ النسخات المحدّثة من هذه المعلومات لا تزال تُباع وتُنشر أيضاً من دون أيّ رقابة أو مُحاسبة"،
وفي هذه السيّاق، أوضح أبي نجم حقيقة ما يحصل من سرقة بيانات ومعلومات خاصّة باللبنانيّين، قائلا: "مختلف دول الاتحاد الاوروبي تحمي خصوصيّة مواطنيها عبر ما يُعرف بـ GDPR وهو نظامٌ لحماية البيانات الشخصية من السرقة عبر أي جهة أو دولة، وبموجبه، إذا تمّ تسريب أي معلومة خاصّة عن أي مواطن أوروبي، تكون الجهة عُرضة لدفع غرامات طائلة وملاحقة قانونيّة"، لافتا الى أنه "في لبنان، للاسف لا قوانينَ أو أنظمةً تحمي خصوصيّة الشّعب، وما يحصل هو تسريبٌ للمعلومات رأينا آخر فصوله في بيانات مالكي مختلف وسائل النقل التي أصبحت متاحة للجميع في لبنان والعالم من أرقام لوحات سيّارات، وأرقام هواتف، وأماكنَ سكنٍ وغيرها".
وأشار أبي نجم الى أنّ "تردّد بعض اللبنانيّين في التّسجيل على منصّة وزارة الصحة لاخذ اللقاح مثلاً هو أمرٌ مشروع، فهناك خوفٌ من سرقة معلوماتهم الشخصية وسجلّهم الصحّي، على غرار ما حصل في انتخابات 2018 عندما سُرقت بيانات المغتربين المسجّلين للاقتراع، فلا ثقة بالدّولة ومؤسّساتها، ولا قوانينَ تحمي معلومات المواطنين لكي لا تكون عرضة للسّرقة من جهات حزبيّة تتوالى على الوزارات والمؤسّسات وتُقدّم كل المعلومات على طبق من فضّة لمرجعيّاتها"، مضيفاً "باختصار، مشكلةُ أمن البيانات تتفرّع الى العديد من جوانب النقص والفساد والتقصير، إذ لا مركز للبيانات في لبنان، ولا برامج متطوّرة تحمي المعلومات التي يجب أن تكون مُشفّرة، ولا جهات مؤهلة ونزيهة لحماية هذه الانظمة من السّرقة التي تتمّ من الداخل وليس من خارج لبنان عبر قراصنة كما يعتقدُ البعض". ويختم أبي نجم، قائلاً: "في وطنٍ فجّروا فيه العاصمة بمن وما فيها، وقتلوا أرواح المئات ولا يزالون، ليس من المُستغرب ألا نجد من يسأل عن خصوصيّة الافراد ويحميها".