info@zawayamedia.com
بيئة

بالرغم من كل أزمات لبنان... يجب وضع تغير المناخ في قلب الإصلاحات!

بالرغم من كل أزمات لبنان... يجب وضع تغير المناخ في قلب الإصلاحات!

في مقالها باللغة الفرنسية، كتبت الزميلة سوزان بعقليني تحت عنوان "بالرغم من كل أزمات لبنان... يجب وضع تغير المناخ في قلب الإصلاحات!"  Malgré toutes les crises, il faut placer le changement climatique au cœur des réformes، تناولت بعقليني الكارثة الأكبر في العالم ولبنان، والتي لا يتطرق إليها الساسة عموما وخصوصا في هذا البلد المنكوب، بسبب ما تتالت عليه من مآسٍ وأزمات، على الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط هي من المناطق الأكثر تأثرا بتغير المناخ.


وكتبت بعقليني:


تعلق ليا قاعي، الخبيرة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الذي أثار ناقوس الخطر بشأن تأثير تغير المناخ، كما تشرح سبب معاناة منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​ولبنان على وجه الخصوص من وطأة آثار الاحتباس الحراري.


ويؤكد التقرير العالمي الأحدث المتعلق بتغير المناخ خطورة الوضع، ومنها حرائق الغابات الكارثية التي اندلعت في لبنان وحول البحر الأبيض المتوسط ​​، وذوبان الأنهر الجليدية بصورة غير مسبوقة، ودرجات الحرارة القياسية: أي أن كل المؤشرات كانت موجودة.


في تقريرها المؤلف من 42 صفحة بعنوان "ملخص لواضعي السياسات" Summary for policymakers، والذي نُشر في 9 آب (أغسطس)، أطلقت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة لتقييم المواد العلمية فيما يتعلق بتغير المناخ - إنذارًا مرعبًا بشأن الوضع، مؤكدة مسؤولية البشرية بصورة لا لبس فيها عن تغير المناخ، ومساهمتها بتسارع هذه الظاهرة.


وتوضح كاي، مديرة مشروع بشأن تغير المناخ في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بيانات التقرير في إجاباتها على الأسئلة التالية:


بعقليني: هل كان لتقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ تأثيرا أكبر من التقارير السابقة. هل هذا بسبب الكوارث الطبيعية الحالية التي تحدث في جميع أنحاء العالم (حرائق الغابات والفيضانات والجفاف ...) أم بسبب الوعي المتزايد بالوضع البيئي؟


قاعي: بسبب كليهما. فمن ناحية، منذ بداية العصر الصناعي، جلب كل صيف أرقامًا قياسية جديدة في درجات الحرارة، من ناحية أخرى، هناك بلا شك وعي عالمي أكبر بالوضع، ناهيك عن أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تستعد حاليًا لمؤتمر COP 26 للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، والذي سيعقد في غلاسكو، اسكتلندا، في تشرين الثاني (نوفمبر).


وتضغط مثل هذه التقارير على البلدان المتقدمة والنامية لتكثيف إجراءاتها فيما يتعلق بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسؤولة عن تغير المناخ.


بعقليني: ما هي النقاط البارزة في هذا التقرير مقارنة بالتقارير السابقة؟ هل تهدف إلى تأكيد ما كان المجتمع العلمي يطالب به منذ فترة طويلة؟


قاعي: إن أحد النقاط البارزة في هذا التقرير هو التأكيد القاطع على أن تغير المناخ الحالي هو نتيجة للأنشطة البشرية وليس لأسباب طبيعية مرتبطة بدورة معينة، كما يحث التقرير البلدان على مراعاة الطابع الملح للوضع واتخاذ تدابير أكثر تصميماً تهدف إلى التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أمل النقطة الثالثة المهمة هي التأكيد على أن ارتفاع مستوى سطح البحر يحدث ومستمر حاليًا، وسيكون نتيجة حتمية لتغير المناخ بغض النظر عن مدى جهودنا وعملنا في المستقبل لتفادي هذا الأمر.


وسيكون لارتفاع مستوى سطح البحر، الذي من المتوقع أن يصل إلى مترين حسب التوقعات، عواقب وخيمة على الجزر وأيضًا على المناطق الساحلية، مثل منطقتنا أو دلتا النيل، حيث وفقًا لأكثر التوقعات تشاؤمًا، سيكون هناك 7-11 مليونًا من السكان في هذه المناطق معرضين للهجرة القسرية في المستقبل.


كما ويعكس هذا التقرير الجديد المعرفة الجديدة المكتسبة على مدى السنوات الثماني الماضية، بناءً على نماذج علمية متقدمة للغاية. لذلك، فإن المجتمع العلمي متأكد جدًا من النتائج، وغالبًا ما يستخدم مصطلح "مرجح جدًا" في جميع أنحاء التقرير.


عواقب "كارثية" في البحر الأبيض المتوسط


بعقليني: هل ما زلنا نعتقد بشكل واقعي في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة (مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة)؟ أو 2 درجة؟


قاعي: نعم، نستطيع، لكن هذا سيتطلب استثمارات ضخمة على المستوى العالمي - نوع من خطة مارشال الدولية للمناخ.، كما ويجب القيام باستثمارات ضخمة في الطاقة المتجددة أو في التقاط الكربون وتخزينه، لأنه سيكون من المستحيل بالفعل الاعتماد فقط على تقليل انبعاثات الغازات العالمية، ومن الممكن أيضًا الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى درجتين، ولكن يجب تحسين التزامات البلدان وتدابيرها بشكل كبير بحلول عام 2030، إذ يحتاج المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى وضع نظام مراقبة صارم ودقيق لتحديد ما إذا كانت أهداف هذه البلدان ستتحقق أم لا.


بعقليني: تم تحديد منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​باعتبارها واحدة من أكثر المناطق تضررا من تسارع الاحتباس الحراري. فما هي التوقعات؟


قاعي: يتوقع العلماء عواقب وخيمة في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​، بما في ذلك موجات الحرارة الشديدة أو ارتفاع مستوى سطح البحر، مما قد يتسبب في هجرات جماعية، وتأثيرات كبيرة على القطاع الزراعي، وتكرار حرائق الغابات الكارثية ونوبات ندرة وشح المياه التي ستهدد بشكل متزايد الأمن الغذائي، ومن المعلوم المنطقة ضعيفة اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا، وتغير المناخ يفرض مزيدا من الضغط على منطقة هشة بالفعل، وعلاوة على ذلك، فإن النمو السكاني في شمال وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​هائل، حيث قفز من 100 مليون شخص في التسعينيات إلى 450 مليون اليوم.


بعقليني: في مجال الطاقة، هل هناك فرصة يمكن اغتنامها في لبنان لمواجهة الوضع؟ في أي منطقة تظهر آثار تغير المناخ بشكل ملحوظ؟ لماذا من المهم الحديث عن هذا على الرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية التي تهز البلاد؟


قاعي: يمثل أمن المياه والغذاء والطاقة أولوية في لبنان، حيث سيتأثر بشدة بالتغير المناخي. سيكون لتغير المناخ عواقب وخيمة على المجتمعات الأكثر ضعفاً، مثل صيادي الأسماك والمزارعين الذين يعتمدون على الموارد الزراعية والبحرية، كما وأن حرائق الغابات نتيجة خطيرة أخرى للاحتباس الحراري. هذا العام، أدركنا مدى عدم استعدادنا لمواجهتها، كما أن الموارد المائية مهددة بشدة، مما سيؤثر على الري الزراعي والصناعة والقطاع التجاري والمستشفيات.


فيما يتعلق بالطاقة، ربما يتعين علينا اغتنام الفرص لجذب الأموال فيما يتعلق بمكافحة تغير المناخ (الطاقات المتجددة، إلخ)، والتي من شأنها أن تسمح لنا بتحقيق أمن الطاقة الذي لبنان بأمس الحاجة إليها، إلا أنه على الرغم من كل الأزمات التي تمر بها البلاد، لا بد من إثارة مشكلة تغير المناخ، في الواقع، إذا كان سيتم تنفيذ الإصلاحات، فمن الأفضل مراعاة المعايير المرتبطة بتغير المناخ والمعايير البيئية بشكل عام، بحيث يكون التقدم المتوقع مستدامًا.


بعقليني: هل يجب أن نتحدث عن حالة طوارئ مناخية اليوم؟


قاعي: مما لا شك فيه أن هذه حالة طوارئ مناخية أساسية، إذا لم يكن هذا التقرير تنبيهًا من الدرجة الحمراء للعالم، فأنا لا أعرف ما هو، أو ما الذي سيتطلبه الأمر لإعطاء الناس وحكوماتهم جرس إنذار، فنحن نعلم الآن أن تغير المناخ سيؤثر على حياة الناس على الأرض، مما يضاعف التغييرات التي نشهدها منذ عدة أشهر بسبب جائحةCOVID-19، وهو ما جعل العالم يدرك مدى ضعف استعداده للكوارث ومدى تكلفة الاستجابة، بالمقارنة بالوقاية.


آمل أن تدفع هذه التجربة الحكومات والمجتمعات إلى الاستثمار بشكل أكبر في تقنيات الوقاية والإعداد والاتصال، تمامًا كما ينبغي أن تدفع باتجاه التغيير المجتمعي، وهو أمر ضروري لإدارة الأزمات بشكل أفضل.


وبالخلاصة فهذه هي الطريقة التي يمكننا بها محاولة تجنب العواقب الأكثر كارثية للاحتباس الحراري بحلول عام 2050 أو 2100.


بتصرف عن: لوريان لوجور L’orient Le Jour


 

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: