info@zawayamedia.com
بيئة

صرخة من القلب... من الشهيد الحي في حرائق عكار!

صرخة من القلب... من الشهيد الحي في حرائق عكار!

وقفوا بوجه النيران العاتية، وحاولوا بمعداتهم البسيطة وأيديهم وقلوبهم المفعمة بالشغف والعنفوان، الذود عن منطقة غدت جزءا من خلاياهم وأفكارهم وابتكاراتهم ومبادراتهم وأحلامهم، هم متطوعو فريق "درب عكار"، أبطال من بلادي، لكن اليد الغادرة الظالمة التي أشعلت الحرائق، والحوكمة الرديئة الضعيفة لملف الحرائق، ولامبالاة المعنيين بكل شيء، أصابتهم في الصميم، وفي لحظة، كان يمكن أن ينتهي كل شيء لعثمان طالب (20 عاما)، أحد أعضاء فريق "درب عكار"، فأثناء اندفاعه لإطفاء النيران في واديه الحبيب "وادي جهنم" الذي ظلمته التسمية، ولكنه تحول إلى جهنم حقيقية يوم أمس، كادت صخرة تساقطت من أعلى الجبل أن ترديه، وكتب بحرقة وبكلماته "الآن عرفت معناة الشهيد الحي"!


هذا الفريق، أي "درب عكار"، اكتسب ثقة الجميع، من محيطه الأقرب إلى المغتربين حول العالم، لا بل المنظمات الدولية والمحلية، كانت مبادراتهم تصب في خانة واحدة، التعلق التام بمنطقتهم، والذود عن البيئة، واكتشاف روائعها من فرائد وجواهر مكنونة، لم يألُ الفريق جهدا في البحث والتقصي والمتابعة، وقد وصفهم أحد الباحثين، بأنهم يعرفون مكان كل شجرة وصخرة ونبتة في منطقتهم وكأنها جزء من أجسادهم، وبادروا بكل اندفاع للحد من المخاطر التي تتهدد منطقتهم، بدأوا بحملة أولى للتبرعات في مبادرة "لزاب" تيمنا بشجرة عزيزة على قلوبهم قضت في حرائق العام الماضي، وهي آلية مخصصة تم تصميمها بشكل متكامل، لتتمكن من الوصول إلى المرتفعات والتضاريس الوعرة في المنطقة بهدف مكافحة النيران والإنقاذ الجبلي، وتمكنوا من تجهيزها كاملة وبمساعدات عينية ومادية من الجميع، ليتبعوها بمبادرة آلية "شوح" وهي شجرة خلابة في المناطق الجبلية، لنفس الأهداف، وتم تجهيزها أيضا، ولم يعلموا أن آلياتهم ستدخل مخاض التجارب بهذه السرعة فقد شارك الفريق والآليتين في مكافحة النيران التي سبقت في القبيات وصولا إلى الهرمل، حاولوا وتابعوا، ولكن لم توفر الأيدي الغادرة واديهم الجميل "وادي جهنم"، لتشتعل فيه النيران مساء، وفي بقع جغرافية وعرة لا يمكن الوصول إليها، وليقع أحد أعضاء الفريق وأكثرهم حماسا أي عثمان جريحا إثر سقوط صخرة عليه، وكتب صرخة، تختصر معاناة كل مواطن لبناني، أو كل شهيد حي!


ونورد هنا ما كتبه عثمان طالب على صفحته على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، لعل المعنيين يستيقظون، ألم يكن من الأجدى أن يتم تخصيص رواتب السلطة الحاكمة لتجهيز الطواقم والمواطنين الذين يخدمون البلد حقيقة، بدلا من أصحاب البدلات والسيارات الفارهة والحرس والفساد والهدر، أليس من الأجدى أن تخصص رواتب الوزراء اللا مسؤولين ولا سيما وزير البيئة المفقود الذي لا نعفيه من المسؤولية، ولا نعفي حكومة تصريف الأعمال، فهي مسؤولة جميعا، عن هذا الحريق والحرائق، وبدلا من اجتماعات ورواتب ما يسمى اللجان والإستشاريين وغيرهم من الأتباع والمتواطئين، كان الأجدى أن توجه إلى أبطال الدفاع المدني ومتطوعيه والمتطوعين في كل لبنان، بدلا من المماطلة في ملفات تثبيتهم وأجورهم، وأن يتم تزويد آلياتهم بالوقود ومتابعتها بالصيانة وهو أقل الإيمان، فضلا عن الدفع بملف حراس الأحراج، بدلا من تجاذبه بين السياسات الطائفية الضيقة، وفي كل ملف يتجه لخدمة البيئة والمواطن مباشرة، يطل رأس الفساد والهدر والتسيب والإهمال، ليسقط إثر ذلك جريح أو شهيد أو شهيد حي من لبنان.


وهذا ما كتبه عثمان طالب بكلماته وكما هي وبكل صدق وبصرخة من القلب:


"فعلاً اليوم صدقت شو معناة الشهيد الحي


شو معناة تضربك صخرة نازل من راس الجبل وتخبط فيك توقعك


هالصخره ما ذنبها ما بتعرفني التقيت معها مره وحده ضربتني وفلت


بس هالمسؤولين لي عنا ضربونا ووجعونا وحرمونا ولعنو صباحنا ومسانا وحرقو غاباتنا


المسؤولين لي عنا بدهم يحكو جهة سياسيه من احد التيارات ل يحكي مع مدري مين ت يحكي هيداك مع غمزه ت يبعت الطوافه بتلف وبتدور وبترجعلك انت الشب لي عمرو ٢٠ سنه لي عم يموت ألف موته


فوق هيك محروق مستقبله وما في أمل بس رايح


بيرضكوا ركض ت يصيرو مسؤولين بس بوقت الجد بتختفي الرجال


حريق اليوم لازم ينفتح في تحقيق ومنتهيه لنوقف هالمهزله لي عم تصير بأغنى وادي بي لبنان


بس يا حرام يا عكار يا ضيعانك بهيك شعب والله ومن كل قلبي


انا اليوم مقتنع بالسفر وخلص أي شغل برا لح روح ومش لح إسأل ولا لح اهتم ويا ريت حدا يساعدني بهل موضوع


لح اترك من زعلي وكسرتي وقهري على هالمنطقة


الحمدلله على سلامة الجميع وكل من شارك اليوم بأخماد حريق وادي جهنم لي بعدو عم ياكل الحجار والتراب والشجر ومش عم يرحم تقصيرنا


ولا يعطي العافيه لكل شخص تسبب فيها


ولكل مسؤولين لبنان واحد ينطح الثاني


قديش الأرواح رخيصه عنا


والسلام عليكم".


لا يا عثمان، سلامة قلبك، لن نسمح لك أيها البطل بالرحيل، ولن نسمح لرفاقك الأبطال بأن يمسهم القنوط واليأس والإحباط، لن نسمح لكم بالرحيل، وأرواحكم غالية علينا، والوطن سيبنى وسيعمر بسواعدكم وأفكاركم الفتية الحبيبة، ورغم أنوف الظالمين، وهذا الوادي سينجو رغم أنف منظومة الفساد، التي ستسقط حجارته على رؤوسهم، وليرحلوا هم، ليسقطوا في مزبلة التاريخ، فقد حان لمنظومة الفساد أن تنهار، وسنشهد جميعا على ذلك، وأن غدا لناظره قريب!


صرخة من القلب... من الشهيد الحي في حرائق عكار! 1 صرخة من القلب... من الشهيد الحي في حرائق عكار! 1 صرخة من القلب... من الشهيد الحي في حرائق عكار! 1 صرخة من القلب... من الشهيد الحي في حرائق عكار! 1 صرخة من القلب... من الشهيد الحي في حرائق عكار! 1 صرخة من القلب... من الشهيد الحي في حرائق عكار! 1
سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: