روبرت إي فولرRobert E. Foller، وهو أحد أهم فناني الحياة البرية في بريطانيا، حيث تباع لوحاته في جميع أنحاء العالم وبعلامته التجارية الخاصة، كما وتم اعتماد صوره ولوحاته الفنية الدقيقة والمفصلة للغاية، من قبل جمعيات بيئية عريقة عدة في بريطانيا، منها الجمعية الملكية لحماية الطيورthe Royal Society for the Protection of Birds RSPB ، كما وعرضت أعماله في معارض الحياة البرية في كافة أنحاء أوروبا ويزور ما يصل إلى 7000 شخص معرضه الخاص في شمال يوركشاير كل عام، إلا أن ما يميزه، أنه بالإضافة إلى الفن، فهو يتابع الحياة البرية، حيث يعتبر مرجعا معترفا به، كما ويظهر في مقابلات تلفزيونية حول الحياة البرية ويكتب مقالات في صحيفة محلية وعلى موقعه الخاص، ومن هذا الموقع تم ترجمة هذا المقال، حول سلوكيات الثعلب الحضري، والتي تابعها فولر لسنوات.

وفي مقالة بعنوان "سلوك نادر للثعالب في البيئة الحضرية" على موقعه الخاص، كتب فولر:"تعتبر مشاهدة الثعالب في البيئة الحضرية، أو المدن أسهل بكثير من نظيراتها في الريف، لقد تابعت الثعالب في الريف منذ عقود، ولكن بأعينها وسمعها الحاد وحاشة الشم الممتازة، فإن مشاهداتها لفترة قصيرة للغاية، ثم أخبرني أحد الأصدقاء عن أعداد متزايدة من الثعالب تعيش بالقرب من منزله في منطقة يورك، قررت أن أغتنم هذه الفرصة للاقتراب لمعرفة المزيد عن هذه الحيوانات وشخصياتها وسلوكياتها الغامضة.

مشروع مدته خمس سنوات 

كانت هذه بداية مشروع مدته خمس سنوات لمشاهدة الثعالب في حديقة صديقي كولين، استغرق الأمر مني بعض الوقت للتكيف مع مشاهدة الحياة البرية في المدينة (الحضرية)، على عكس الثعالب، التي تكيفت جيدًا مع حياة المدينة، لكن الأمر كان يستحق الجهد عندما شاهدت هذا الربيع بعض سلوكيات الثعلب التي لم أرها من قبل.

العثور على عرين الثعلب

بدأنا أنا وكولين ببناء ملاذ آمن لثعلبة أنثى Vixen كنا نعرف أنها تعيش بالقرب من حديقته، وقمنا ببناء وكر اصطناعي خلف بعض جذوع الأشجار، وجهزناه بكاميرات مراقبة بالداخل حتى نتمكن من مشاهدة عالم الثعالب السري، لكن كان لدى الثعالب أفكارها الخاصة، ومرت سنوات قبل أن تختار استخدام هذا الوكر، وكدت أفقد الأمل عندما اتصل بي كولن هذا الربيع، ليخبرني أنه مرة أخرى اختارت ثعلبة أن تلد صغارها في مكان آخر، قدت سيارتي إلى يورك لمحاولة العثور على أحدث مخبأ لها.

ماذا تأكل الثعالب الحضرية

توجهت إلى موقع عرين أعرف أن الثعالب تستخدمه وقريب من منزل صديقي، لأرى ما إذا كانت تخفي صغارها هناك. يقع هذا العرين في منتصف رقعة ضخمة من العليق الشائك وليس من السهل الاقتراب منه، ولكن بمجرد وصولي إلى هناك، علمت أنه المكان المنشود، حيث كانت هناك أدلة حول الحواف تشير إلى وجود الثعالب، فقد كانت هناك بقايا أرانب وأجنحة حمام وريش طيور قرب الوكر، وتأكدت من أنها ثعالب، حيث تم مضغ الريش في النهايات بطريقة قليلة، وهي إحدى السلوكيات التي تميز الثعالب، وكانت الأرض ناعمة وتم دوس الغطاء النباتي خارج فتحة مدخل واحدة، في إشارة إلى أن الصغار كانوا تلعب هنا، كما أمكنني شم رائحة المسك الخاصة للثعالب، وقمت بسرعة بإعداد بعض الكاميرات عن بُعد، مع الحرص على عدم إزعاجها، ثم عدت بعد بضعة أيام لمراجعة اللقطات، ظهرت على الكاميرا أنثى ثعلب مع صغيرين وذكر من الثعالب.

يقع موقع الوكر بالقرب من منطقة مشهورة يقوم مقتنو الكلاب بتمشيتها فيها، حبست أنفاسي وأنا أشاهد كلبًا أسودًا كبيرًا على الشاشة، وقد تتبع بأنفه مباشرة وصولا إلى وكر الثعالب، ونظر إلى أسفل إحدى فتحات المدخل، وفي الليل، كانت الميكروفونات تسجل أيضًا أصوات شباب يلهون قريبا من الوكر، وهم يشعلون نيران مخيمات، فضلا عن الموسيقى بصوت عالٍ. كان من المثير للاهتمام رؤية الضغوط المختلفة التي تتعرض لها الثعالب الحضرية مقارنة بنظيراتها في الريف.

مخاطر تعدد صغار الثعالب الحضرية

بدأ الأشبال بقضاء المزيد من الوقت فوق الأرض، وهم يجهلون هذه الأخطار، ويتسم الصغار بحب المغامرة حتى تبلغ من العمر حوالي 10 إلى 13 أسبوعًا وتصل حيتها إلى ما يُعرف بمرحلة "الرهاب الجديد'' neophobic من تطورها الطبيعي، حيث تصبح فجأة حذرة من الأشياء غير المألوفة، وخصوصا البشر، ولا تثق إلا في عدد قليل من أفراد الأسرة التي نشأت معها، لكن تم التأكد بوضوح من قلق الثعلبة بشأن سلامة صغارها.

وهذا الأمر أتى لمصلحتي، لأنها انتقلت من عرينها إلى الملاذ الآمن المجاور لحديقة كولين، حيث قمنا بالطبع ببناء منزل جاهز لأطفالها الصغار لاستكشاف العالم بأمان.

توجهت إلى يورك لقضاء أمسية، قضيتها وأنا أراقب العائلة الشابة من مخبأ كنت قد بنيته بالقرب منها، لم يمض وقت طويل حتى سمعت وقع أقدامها، ونظرت من خلال شبكتي المموهة لأرى الثعلب الذكر وهو يلتف بمهارة على قمة سياج خشبي يبلغ ارتفاعه 6 أقدام، قام بمسح المنطقة لفترة وجيزة ثم قفز إلى الحديقة، وشم جميع أنحاء الرقعة قبل أن ينسل من خلال ثقب في السياج لمواصلة القيام بمراقبة المنطقة.

الصغار مرحة للغاية

بعد فترة وجيزة، خرجت الأنثى من نفس الفتحة في السياج، كان أحد صغارها يهرول بجانبها، كانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها هذا الصغير مباشرة، على الرغم من أنني شعرت أنني أعرفه جيدًا بالفعل من اللقطات التي تم التقاطها على الكاميرات البعيدة، وتهادى الصغير أمامي، وأشعة الشمس تلتقط هالة من الشعر الطويل في معطفه الصوفي. سرعان ما أطل الشبل الثاني عبر الفجوة في السياج وانطلق ليلحق بالآخرين.

صعد الصغيرين معًا فوق جذوع الأشجار، وبدأوا بتناول طعام قد يكون صديقي كولن قد قدمها لهم، ثم بدأوا في اللهو ومطاردة بعضهما البعض في دوائر. بعد ذلك، اختفوا جميعا من خلال مدخل عرين الثعلب الذي بنيته، وشاهدت العائلة على الشاشات المتصلة بالكاميرات الخفية وهي ترتاج وتغفو مرهقة، وتلتف حول بعضها البعض لقيلولة قصيرة، حتى الآن كنت أراقبها طوال المساء وكان الضوء قد اختفى، لذلك تركتها بسلام وعدت إلى منزلي.

استمر كولين في إبقائي على اطلاع بالمستجدات وبما يشاهده، وأرسل لي تحديثات منتظمة من الكاميرات. ذات يوم اتصل بي ليعلمني بشيء مثير للدهشة، مؤكدا أنه كان هناك الآن أكثر من صغيرين من الثعالب في حديقته.

مفاجأة سارة

عدت إلى يورك لرؤية الصغار الإضافية بنفسي، استقريت في مخبئي، وكما لو كنا على موعد، فقد ظهرت الثعلبة مع صغيريها، وبدأت بإرضاعهما، ثم رأيت خلفها رأسًا صغيرًا يظهر من خلال ثقب في السياج، ثم آخر، ثم آخر. وتفاجأت بانضمام ثلاثة صغار أخرى إلى الاثنين الآخرين وكانت الثعلبة ترضع الآن خمسة صغار، وخلال الأسبوع التالي، التقطت الكاميرات صغار الثعالب وهي تتدحرج في كل مكان، كان من الصعب متابعتها وعدها جميعًا، واستغرق الأمر عدة محاولات قبل أن أحصي ما مجموعه 10، كان هذا الأمر محيرًا تمامًا، فنادرًا ما يكون لدى الثعالب أكثر من ستة صغار في المرة الواحدة، ثم ظهرت أنثى ثعلب أخرى على شاشة الكاميرا، وأدركت بعدها أن الثعلبتين قد وحدتا قواهما لتربية صغارهما معًا.

لقد سمعت عن الثعالب التي ترتبط ببعضها البعض وتساعد بعضها البعض في واجبات تربية الصغار، وقد قرأت حتى عن سلوك "خيفي" أو Alloparenting، أي مساعدة الأمهات من قبل العائلة  حيث تساعد "الخالات" في تربية ذرية ليست خاصة بهم، ولكن هذا كان مختلفًا، هنا ثعلبتان، كل منهما لها صغار خاصة به، يربيانها في عائلة واحدة كبيرة".

وختم فولر" هذا الأمر يوضح فقط كيف أنه عندما يتعلق الأمر بالحياة البرية، هناك دائمًا الكثير لنتعلمه، كنت قد توجهت إلى يورك على أمل دراسة عائلة واحدة من الثعالب الحضرية، وانتهى بي الأمر بأكثر مما كنت أتوقعه. وبالطبع، بعد سنوات من التقاط مشاهدات قصيرة من الثعالب في الريف، كان من المدهش أيضًا مشاهدتها ومراقبتها عن كثب في مدينة يورك".