"هل تقبلين الزواج مني؟" هو السؤال الذي أراد الشاب اللبناني ريان عوّاد طرحه على صديقته لوتشيانا طويل في 5 آب (أغسطس) 2020، ولكن قبل يوم واحد، وقع إنفجار مرفأ بيروت. هذه الجريمة التي إرتُكبت بحق لبنان واللبنانيين لم تلغِ طلب الزواج وحسب، بل أيضاً دمّرت مقهى ريان الجديد الذي أراد إفتتاحه في اليوم نفسه.
غير أن ريان ليس وحده! فكم من سؤال أُجّل؟ وكم من سؤال لا من يجيب عنه؟ كم من خطة أرجئت؟ وكم من خطة لن تنفّذ؟ كم من مقهى دمّر؟ وكم من مقهى لن يُفتتح؟ كم من منزل هدّم؟ وكم من منزل لن يعود كما كان؟ كم من روح غادرت؟ وكم من روح انكسرت؟ كم من حلم تلاشى؟ كم من مستقبل تهشّم؟ كم من… وكم من...
لكن، وفي ذروة الإحباط لم يستسلم ريان للأمر الواقع، فقام بما عوّدنا الشعب اللبناني عليه وهو الإصرار على تحدي الصعاب واستعادة الحياة من جديد. صمّم ريان على مقاومة الظروف وإعادة كل شيء على ما كان عليه، لكن ليس وحده! لذلك، وفي 22 آب (أغسطس) 2020، أعاد ريان طلب الزواج من لوتشيانا، إلّا أنه طرح عليها السؤال التالي: "هل ستعيدين بناء المستقبل معي؟".
قد يبدو السؤال غير مألوف للوهلة الأولى، لكن أليس هذا حال اللبنانيين منذ الأزل؟ ففي لبنان، الشعب لا يقوم بإعادة بناء منازله وشوارعه ومقاهيه بعد كل كارثة تُفرض عليه. في لبنان، الشعب يقوم بإعادة بناء إنسانيّته، وتمسكه بالحياة، ورغبته في تحسين ظروفه، وآماله بالمستقبل عند بزوغ كل فجر.
نعم، في لبنان، إعادة البناء هو عمل يتجدد كل يوم.
نعم، في لبنان، إعادة البناء هو قدر.
نعم، في لبنان، يبقى الشعب اللبناني هو الحدث!
عندما تواصل "زوايا ميديا" مع لوتشيانا وسألها لماذا هذا الإصرار على البقاء في لبنان وتأسيس عائلة، خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية التي تهدد سلامة كل الشعب؟ أجابت: "بالنسبة لي، أهم العناصر في حياتنا هي العائلة والأصدقاء. نريد أن يكبُر أطفالنا مع أجدادهم وكل أقربائهم. لقد نشأت في الخارج وكنت أزور لبنان خلال العطلة الصيفية، وفي كل مرة أضطر فيها إلى المغادرة، كنت أشعر بالحزن. أعيش اليوم في لبنان بسبب ما مررت به عندما كنت طفلة".