أعلنت الولايات المتحدة أنها تحقق في حادث جديد تعرض له عدد من الموظفين الأميركيين في سفارتها في العاصمة النمساوية فيينا، إثر إبلاغهم عن إصابتهم بأمراض غامضة وأعراض صحية شبيهة بتلك التي تعرض لها دبلوماسيون أميركيون في العاصمة الكوبية هافانا قبل عدة سنوات، بحسب صحيفة الشرق الأوسط اللندنية.
وقال تقرير نشرته مجلة «نيويوركر» إن مسؤولين أميركيين أبلغوا عن فتح الحكومة الأميركية تحقيقاً في تلك الحوادث الغامضة، التي تشبه ما تعرض له الدبلوماسيون في كوبا خلال عامي 2016 و2017، قبل قطع الرئيس السابق دونالد ترمب العلاقات معها، التي كان الرئيس الأسبق باراك أوباما قد أعادها بين البلدين بعد قطيعة تجاوزت خمسين عاماً.
ولم يتم تحديد سبب واضح لتلك الأعراض حتى الآن، وفقاً للمسؤولين الذين قالوا إنه يجري النظر في أكثر من 20 حالة جديدة من قبل فرق طبية في وزارة الخارجية ومن إدارات أخرى، بما في ذلك وزارة الدفاع (البنتاغون) ووكالة المخابرات المركزية.
وأعلنت الخارجية الأميركية أنها تحقق بالتنسيق مع شركاء وحلفاء الولايات المتحدة بقوة في التقارير المتعلقة بالحوادث الصحية المحتملة وغير المبررة التي تعرض لها عدد من العاملين والموظفين في السفارة الأميركية في فيينا، مشيرة إلى أن كل الموظفين الذين أبلغوا عن تعرضهم لضرر صحي محتمل، يتلقون اهتماماً ورعاية فورية مناسبة.
وأبلغ موظفون مقيمون في فيينا، أول من أمس (الجمعة)، للمرة الأولى، عن معاناتهم من أعراض غامضة منذ تنصيب الرئيس جو بايدن، وفقاً للمسؤولين.
ومن المعروف أن فيينا كانت منذ قرون تعد مركزاً للتجسس والدبلوماسية، ومركزاً لنشاط التجسس المتبادل أثناء الحرب الباردة، وجرت فيها أحداث أمنية عدة ذات طابع تجسسي واستخباري. وتحتضن المدينة حالياً المحادثات غير المباشرة الجارية بين إيران والولايات المتحدة والدول الخمس الأخرى، بشأن العودة إلى بنود الاتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه عام 2015. ورغم أن تلك المفاوضات تشهد جموداً بعد 6 جولات، فإنه لم يتضح بعد ما إذا كان أي من أعضاء الوفد الأميركي المشارك في المفاوضات قد عانى من تلك الأعراض المجهولة.
يذكر أنه في نهاية العام الماضي، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريراً للأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب أشار إلى أن السبب الأكثر احتمالاً لسلسلة من الآلام الغامضة التي أصابت الدبلوماسيين الأميركيين في الخارج في السنوات العديدة الماضية كان بسبب تعرضهم لموجات ترددات راديوية، وهي نوع من الإشعاع يشمل الموجات الدقيقة. واستشهد الاستنتاج الذي توصلت إليه لجنة مؤلفة من 19 خبيراً في الطب وغيره من المجالات إلى أن «طاقة الترددات الراديوية النبضية الموجهة» هي الأسباب الأكثر منطقية لشرح المرض، الذي أصبح يُعرف باسم متلازمة «هافانا».
ويقدم التقرير، الذي صدر بتكليف من وزارة الخارجية، أوضح تفسير حتى الآن للمرض الذي أصاب للمرة الأولى العشرات من موظفي الخارجية الأميركية في سفارة الولايات المتحدة في هافانا ثم في الصين ودول أخرى. فقد عانى العديد من الضباط من الدوار والإرهاق والصداع وفقدان السمع والذاكرة والتوازن، فيما أدت تلك الأعراض إلى إجبار البعض على التقاعد الدائم والمبكر. ورغم ذلك قال الخبراء إنه لا يمكن استبعاد وجود عوامل وأسباب أخرى قد تقف وراء تلك الأعراض الغامضة، وأن عوامل ثانوية إضافية ربما تكون قد أسهمت فيها أيضاً.
فقد أعرب البعض عن اعتقادهم بأن تلك الأعراض غير المبررة، التي تشمل حصول تلف في الدماغ، ناتجة عن هجمات بالميكروويف أو أسلحة الموجات اللاسلكية. لكن ورغم سنوات عدة من الدراسات والتحقيقات، لا يوجد إجماع حول ما أو من قد يقف وراء تلك الحوادث أو ما إذا كانت نتيجة لهجمات مدبرة.