كالعادة فالقضاء لم ينصف الضحية من النساء في لبنان، وهو ما ينطبق تماماً على قضية لطيفة قصير المرأة، والأم لطفلين، والتي قضت خنقاً على يد طليقها ابراهيم طالب بعد الاعتداء عليها قبل وبعد قتلها، إثر تخفيض مدة حكمه في جريمة ارتكبها في العام 2010، وبعد توقيفه ومحاكمته، وبعد 11 سنة من جريمته المنكرة، نال تقريراً من هيئة استشارية اجتماعية، ينوه بتجاوبه والتزامه خلال السجن، وبالتالي بات مشمولاً بقانون تخفيض مدة العقوبة، لتكون المغدورة ضحية ومرتين!
وقد نشأت لطيفة في أسرة دينية وهي أخت الزميل قاسم قصير، وتم زواجهما بتعارف عائلي في العام 2010، إلا انها تعرضت من طالب المدمن على المخدرات للتعنيف الجسدي واللفظي والنفسي والإبتزاز المادي لشراء المخدرات طوال فترة زواجها، واستمرارها فيه بسبب ولديها جنى وخليل، حتى وصل التعنيف إلى الموت، إثر إصرارها على طلب الطلاق، ورفضه تطليقها، لتتجاوب معه المحكمة الجعفرية وحالت دون منحها الطلاق، حيث لا تمنح المحكمة الجعفرية المرأة حق الطلاق إلا بموافقة الزوج، لتترك بيت الزوجية مرارا ويعيدها، لكن لطيفة حصلت على الانفصال بعد عشر سنوات من المعاناة المتكررة، وبعدما تمكنت من دفع مبلغ من المال، فتنازلت عن حقوقها وانتقلت لتعيش مع صغيريها في منزل جديد، لكن ذلك لم يردع طالب، فظل يتردد عليها ويعتدي عليها، ليصل هذا التعنيف في النهاية إلى الموت، وليظهر تقرير الطبيب الشرعي امتلاء جسدها بالكدمات، وأنه تم ضربها وشنقها بمنشفة قبضت على انفاسها حتى الموت، وليتفاجأ الولدين البريئين حينها بجثة والدتهما، وليهزّ خبر مقتل المغدورة أهلها أهل الضحية وأهالي بلدة دير قانون النهر (قضاء صور) والقرى المجاورة.
وقد ساهمت قضيتها بتحريك الرأي العام حول جرائم قتل النساء وكانت من بين القضايا التي ساهمت في إقرار قانون حماية النساء من العنف الذي صدر عام 2014، وعلى الرغم من الحملة التي قادها أهل الضحية وشقيقها بهدف إنزال أشد العقوبة بطالب، فإن قرار المحكمة بتخفيض مدة الحكم الذي كان مخفضا بالفعل نظرا للجريمة البشعة التي ارتكبها، ما أصاب عائلتها ومحبيها بالذهول، فقد تم تخفيض مدة حكمه إثر القرار الأخير من 18 سنة إلى السدس تقريبا، بعد أن كانت مدة العقوبة 216 شهرا، ووصلت إلى 180 بعد قرار محكمة الإستئناف المدنية الناظرة بقضايا تخفيص العقوبة في جبل لبنان.
