كشفت منظمة "اليونيسيف" أن ثلث أطفال لبنان تقريباً لا يحصلون على عدد كافٍ من وجبات الطعام، ولا يتلقون الرعاية الصحية الأولية، كما تسرب 15 بالمئة منهم من المدارس في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تركت تداعياتها على 77 بالمئة من الأسر، فلم تعد تملك ما يكفي من غذاء أو من مال لشراء الغذاء، فيما ترتفع هذه النسبة بين الأسر السورية إلى 99 بالمئة.
هذا ما جاء في تقرير نشرته اليونيسيف" أمس الخميس، ويعكس أحدث صورة من المعاناة التي يرزح تحتها اللبنانيون في ظل الأزمات المالية والاقتصادية والسياسية التي يتخبط فيها لبنان. وأسهم فقدان الليرة اللبنانية لنحو 1100 بالمئة من قيمتها، وعجز الدولة عن دعم السلع الأساسية، في دفع الأسر الفقيرة أطفالها نحو سوق العمل بغرض تأمين قوت يومهم، بينما لا تتمكن العائلات من تأمين كامل الغذاء الذي تحتاجه يومياً.
واستندت "اليونيسيف" في تقريرها إلى مسح سريع ومركّز حول الأطفال عبر الهاتف شمل 1244 أسرة في نيسان (أبريل) الماضي، وخلصت إلى أن الأزمات المتتالية التي تضافرت في تكوين الأزمة الكبيرة، بما فيها الانهيار الاقتصادي الكامل، أدت إلى جعل الأسر والأطفال في لبنان في حال يُرثى لها، وأثرّت تقريباً على كل جانب من جوانب حياتهم، وذلك في ظلِّ شحّ الموارد واستحالة الوصول واقعياً إلى الدعم الاجتماعي.
واتضح من المسح أن أكثر من 30 بالمئة من الأطفال في لبنان ناموا في فراشهم، في الشهر الماضي، وبطونهم خاوية، لعدم حصولهم على عدد كاف من وجبات الطعام، كما أشار إلى أن 77 بالمئة من الأسر لا تملك ما يكفي من غذاء أو من مال لشراء الغذاء.
وتبين من الدراسة أن 60 بالمئة من الأسر تضطر إلى شراء الطعام عبر مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو من خلال الاقتراض والاستدانة، بينما 30 بالمئة من الأطفال لا يتلقون الرعاية الصحيّة الأولية التي يحتاجون إليها، وأعربت 76 بالمئة من الأسر عن تأثرها الكبير بالزيادة الهائلة في أسعار الأدوية.
وقادت الأزمة، بحسب المسح، إلى إرسال واحد من كل عشرة أطفال إلى العمل، في وقت ينتمي 40 بالمئة من الأطفال إلى أسر لا يعمل فيها أحد، و77 بالمئة من تلك الأسر لا تتلقى مساعدة اجتماعية من أي جهة، وتوقفت 15 بالمئة من الأسر في لبنان عن تعليم أطفالها، في وقت يتحدث 80 بالمئة من مقدمي الرعاية عن مواجهة الأطفال صعوبات في التركيز على دراستهم في المنزل، إما بسبب الجوع وإما نتيجة الاضطراب النفسي.
وتقول ممثلة يونيسيف في لبنان يوكي موكو، إنه "في ظلِّ عدم وجود تحسّن في الأفق، يذهب المزيد من الأطفال إلى فراشهم ببطون خاوية". وتشير إلى "ازدياد عدد الأسر في لبنان التي تضطرّ إلى اتخاذ تدابير التأقلم السلبية لتتمكن من الصمود، كإلغاء بعض وجبات الطعام توفيرا لثمنها أو إرسال أطفالهم إلى العمل، الذي يكون غالباً في ظروف عمل خطرة، أو اللجوء إلى تزويج بناتهم القاصرات، أو بيع ممتلكاتهم".
وتقول موكو إن مسح يونيسيف يشير إلى أن "الأطفال هم الفريسة الأسهل للكارثة العميقة ويتحملون غالبا وطأتها".
وجددت يونيسيف دعواتها إلى السلطات المحلية في لبنان من أجل التوسع السريع في تلبية الحاجات الملحة وتوفير إجراءات الحماية الاجتماعية، من أجل ضمان الحصول على تعليم جيّد لكل طفل، وتعزيز خدمات الرعاية الصحية الأولية وحماية الطفل.