info@zawayamedia.com
منوعات

الحيوانات في لبنان تتضور جوعا!

الحيوانات في لبنان تتضور جوعا!

لم يكن تقرير عالمي لوكالة رويترز بعيدا عن الحقيقة، ولكنه لم يستطع نقل الصورة الحقيقية لما تعانيه الحيوانات بشكل عام في لبنان، حيث نقل معاناة الحيوانات في حدائق الحيوانات فحسب، ولم ينقل المشهد العام للحيوانات البرية والمتشردة، والتي ساهمت الأزمة الإقتصادية وتبعاتها وجائحة كورونا في تأجيجها، وبشكل غير مسبوق.


ومن هذا المنطلق، ومن وحي المشاهد القاتمة في شوارع ومناطق لبنان، واقتباسا من رويترز أيضا، نحاول نقل صورة مختصرة نحاول أن تكون شمولية، وإن كانت لا تصف الواقع المأزوم.


حدائق الحيوانات



وكتب عصام عبدالله  لـ "رويترز" : "لم تتحرك القطتان (أسود) الكبيرتان النحيفتان والضعيفتان، بينما كانتا مستلقيتين على أرضية خرسانية في قفصهما، بينما كان على مقربة منهما دب بني سوري هزيل يسير بقلق في محيطه، فالحيوانات الثلاثة الجائعة المهملة هي من بين آخر قاطني هذه الحديقة في الحازمية خارج بيروت، حيث أصبحت رعايتها باهظة الثمن بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان".


قال جيسون ماير، مدير منظمة "حيوانات لبنان" Animals Lebanon الخيرية، التي تبحث عن منازل وحدائق حيوانات لها ولحيوانات أخرى في الخارج: "في هذه المرحلة ، ليست هذه الحيوانات أسودًا حقًا، لجهة الحمض النووي هي أسود، ولكنهما مجرد حيوانين تخليا عن الحياة وهما ترقدان هنا."


A lion is seen inside a cage at a zoo in Hazmieh, Lebanon June 28, 2021. REUTERS/Issam Abdallah


وتابع عبدالله "تعيش الحيوانات في ظروف مماثلة في جميع حدائق الحيوان الخمس في لبنان، ضحايا الإنهيار المالي الذي دفع أكثر من نصف السكان إلى الفقر وانهيار  قيمة العملة المحلية بأكثر من 90 بالمئة من قيمتها، إذ يأكل الأسد حوالي 50 كيلوغراماً من الطعام أسبوعياً ، بتكلفة 100 ألف ليرة لبنانية - أو حوالي 6 دولارات بسعر السوق غير الرسمي - للكيلوغرام الواحد، حيث الحد الأدنى للأجر الشهري هو 675 ألف ليرة فقط".


وقال ماير: "لا توجد طريقة يمكن لأي رسوم دخول أن تغطي بها نفقات الحفاظ على هذه الحيوانات بشكل صحيح".


وقد نجحت منظمة Animals Lebanon في نقل حوالي 15 أسدًا ونمورًا إلى الخارج ، بالإضافة إلى حوالي 250 حيوانًا بريًا وقططًا وكلابًا على مدار العامين الماضيين.


ويتجه إثنان من الدببة إلى كولورادو في الأسابيع المقبلة، وتأمل المنظمة في إرسال ثلاثة أسود أخرى إما هناك أو إلى جنوب إفريقيا.


قبل كل شيء، تحاول منع حدوث ما حدث في حدائق الحيوان في مناطق الحرب مثل سوريا واليمن والعراق في لبنان قبل فوات الأوان.


وقال ماير "تنهار حدائق الحيوان وتعاني الحيوانات وإما أن تموت في أقفاصها أو نرسلها إلى محميات".


الحيوانات الشاردة



خلال الأعوام السابقة، أصبحت ظاهرة اقتناء الحيوانات رائجة في لبنان، وشكلت هدايا للمناسبات الخاصة والعامة، حيث أصبح إهداء كلب أو قط للأعياد مثل عيد الميلاد ورأس السنة وحتى عيد الحب Valentine وأعياد الميلاد الشخصية، "دارجا"، وأصبح مشهد وجود حيوانات في المنازل عاديا، دون النظر في أهلية مقتني هؤلاء الأشخاص لرعاية هذه الحيوانات، حيث بدأت ظاهرة التخلي عن الحيوانات تعم البلاد، لدرجة قدرت أعداد الكلاب الشاردة لوحدها ما يزيد على 100 ألف، ومثلها القطط، التي اعتادت على رخاء العيش في البيوت، وأجريت لها عمليات تعقيم فضلا عن عمليات جائرة للقطط لجهة إزالة الأظافر، لتواجه مصيرها في الشوارع وفي الطبيعة، كما وساهم تفجير المرفأ في نفوق واختفاء مئات الحيوانات في بيروت، حيث تابع ناشطون البحث عنها، والتي لم يتم إيجاد عدد منها حتى الآن، بينما أعيد عدد منها لتجتمع بعائلاتها لتعطيها بعض من الطمأنينة والرضا، بعد الكارثة التي فجعت بها العاصمة.


أمثلة حية



وقالت س.ب لـ "زوايا ميديا" والتي فضلت عدم الكشف عن إسمها، وتعيش السيدة مع عائلتها في منطقة الطريق الجديدة في بيروت: "أعاني وعائلتي من حساسية تجاه القطط، وإلا كنا قد حاولنا اقتناء قط أشقر، يأتي إلى موقف عمارتنا بين الحين والآخر، ونقدم له الطعام والشراب، ومن الواضح أنه كان قطا منزليا حيث جرى تعقيمه"، وأضافت: "لا يمر أسبوع، إلا ويأتي القط بإصابة مختلفة، حاولنا مداواته، ولكن يبدو أن القطط الأخرى تهاجمه، أو يتعرض للحوادث، حتى تواصلنا مع جمعية، أخذته منذ فترة، ووجدت إصابات مختلفة في جسمه".


"ليلي" كلبة من نوع بيشون، وبعد أن اعتادت العيش في المنازل، تخلت عنها صاحبتها "أمها"، إذ أنها "لا تستطيع تناول الخبز بسبب الحالة الإقتصادية، فكيف باقتناء كلبة"، لتأتي في يوم وترميها قرب مكان سكنها القديم في منطقة من جبل لبنان، وخصوصا بعد انتقالها إلى بيروت، على أمل أن يشفق عليها من يعرفها في المنطقة، "ليلي"، وقعت ضحية لحادث سير، كونها لم تعتد العيش في الشوارع.


نحفاوي: الواقع أفظع... بكثير!



هما مثالان صغيران مؤلمان، و"لكن الواقع والمشاهد على الأرض، أفظع بكثير" وفقا للناشطة  في مجال الرفق بالحيوانات غنى نحفاوي، مضيفة: "هناك الكثير من التعديات التي تطاول الحيوانات في الشوارع، بين التسميم والقتل بالرصاص والتعدي بالضرب، وحوادث السيارات وغيرها، ولكن التخلي عن الحيوانات يعتبر النسبة الأكبر من هذه التعديات الجائرة"، وتوضح نحفاوي: "كان الناس يساهمون في علاج الحالات في السابق، أما حاليا ومع ارتفاع تكلفة المعيشة، أصبحت التقديمات ومعالجة الحالات المتصاعدة شحيحة للغاية، فالحالة الإقتصادية مزرية، فضلا عن تدني نوعية وكمية الأغذية والعلاجات البيطرية في ظل هذه الأزمة، ونحاول قدر الإمكان إنقاذ ما يمكن إنقاذه، في ظل تخاذل وإهمال السلطات المحلية من بلديات، فضلا عن عدم القدرة على ملاحقة المعتدين من قبل السلطات الأمنية، على الرغم من مواكبة عدد من الحالات على الرغم من التحديات الأمنية الأخرى، ولكن كل ما نقوم به لا يكفي، وبالمقابل سبات الوزارات المختصة في هذه الملفات وتجيير المسؤولية بينها، عدا بعض الحالات النادرة التي يتم إنقاذها ومتابعتها بعد أن تعلو تبح أصوات الناشطين".


الصورة


وبينما يستمر بيع الحيوانات الأليفة في المحلات وإن كان بوتيرة أقل بكثير، فإن الشوارع تمتلئ بالمزيد من الحيوانات الشاردة، التي تتكاثر غريزيا، وتفتش عن الغذاء في بقايا النفايات التي شحت فيها ما يمكن أن تتغذى عليه، ليصبح مشهد الحيوانات الهزيلة والمريضة والنافقة تصاعديا في بلد، يعاني في كافة النطاقات، يقول أحدهم "الناس مش لاقية تاكل"، ويجيبه أحد الناشطين "إرحموا يرحمكم الله".  


الصورة الرئيسية: المصدر رويترز


صورة الأسد: المصدر رويترز 


الصور الأخرى: غنى نحفاوي وناشطون


 

الحيوانات في لبنان تتضور جوعا! 1 الحيوانات في لبنان تتضور جوعا! 1
سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: