info@zawayamedia.com
إقتصاد

إنتاج الغذاء من الميكروبات والطاقة الشمسية... هل يحل مشكلة الجوع في العالم!

إنتاج الغذاء من الميكروبات والطاقة الشمسية... هل يحل مشكلة الجوع في العالم!

 


يعد نظام الغذاء العالمي المحرك الأكبر لتدمير العالم الطبيعي، والتهديد الأكبر للتنوع البيولوجي، فضلا عما يصاحبه من إنبعاثات وتلوث لمصادر المياه، وفي هذا المجال، قام علماء بالبحث عن بديل مستدام، وتوصلوا في دراسة حديثة أن نظاما يجمع بين الطاقة الشمسية والميكروبات (البكتيريا والفطر)، يمكن أن ينتج بروتينًا أكثر بعشر مرات من إنتاج محاصيل مثل فول الصويا، وباستخدام أقل للأراضي والموارد المائية، كما وقد يساهم في حل مشكلة الجوع وتحقيق الأمن الغذائي في العالم.


وأشاروا إلى أن النظام هذا سيكون له أيضًا تأثير ضئيل جدًا على البيئة، في تناقض صارخ مع تربية الماشية التي ينتج عنها كميات هائلة من غازات الإحترار المناخي بالإضافة إلى تلوث المياه.


يستخدم هذا المفهوم الكهرباء من الألواح الشمسية، وثاني أوكسيد الكربون من الهواء لتوليد وقود للميكروبات، التي تزرع في أحواض مفاعلات حيوية، ثم تُعالج لصنع مساحيق بروتين جافة، وقال العلماء إن هذه العملية تستخدم بكفاءة عالية الأراضي والمياه والأسمدة، ويمكن استخدامها في أي مكان، وليس في البلدان ذات أشعة الشمس القوية أو التربة الخصبة فحسب.



وقالت الدراسة إن الأمن الغذائي هو "قضية حاسمة" للبشرية في العقود المقبلة، مع تزايد عدد سكان العالم، وتنافس الوقود الحيوي على الأرض مع المحاصيل، ويعاني حوالي 800 مليون شخص من نقص التغذية اليوم. علاوة على ذلك، فإن معالجة أزمة المناخ ستكون شبه مستحيلة دون خفض الانبعاثات من إنتاج الأغذية الحيوانية ومنتجات الألبان.


وتستخدم الميكروبات بالفعل في صنع العديد من الأطعمة الشائعة، مثل الخبز واللبن (الزبادي) والبيرة والكورن Quorn وهو بديل للحوم مصنوع من الفطر، لكن باحثين آخرين قالوا إن تحويل المستهلكين إلى تناول البروتين "الميكروبي" قد يكون صعبًا، وأن مثل هذه الأطعمة قد لا تكون كاملة من الناحية التغذوية.


قال دوريان ليجر Dorian Leger، من معهد ماكس بلانك لعلم وظائف الأعضاء الجزيئي للنباتات Max Planck Institute of Molecular Plant Physiology في بوتسدام Potsdam بألمانيا، والذي قاد التحليل الجديد: "نعتقد أن الأطعمة الميكروبية واعدة جدًا وستكون أحد المواد الرئيسية التي تساهم في حل أزمة الغذاء المحتملة"، مضيفا أنه: "قد يتحسن بسرعة كبيرة من جانب المستهلك، ولكن من الصعب تحديد ذلك، لكنني أمارس بعض التمارين، وإذا عُرض عليّ بروتين مخفوق مصنوع من البكتيريا الآن، فسأحصل عليه."


وقد ركز الفريق على فول الصويا، لأن زراعة هذا المحصول مرتبطة بتدمير الغابات وغالبًا ما تتغذى عليها الحيوانات، لكن البكتيريا الأخرى تنتج العناصر الرئيسية لزيت النخيل. قال ليجر: "البكتيريا مرنة جدًا، لذا يمكن في النهاية ضبطها لتعمل على منتجات مختلفة".


هناك ما لا يقل عن اثنتي عشرة شركة تنتج بالفعل علفًا حيوانيًا من الميكروبات، لكن البكتيريا تتغذى عادةً إما على السكريات من محاصيل أخرى، أو الميثان أو الميثانول من الوقود الأحفوري. كما وتستخدم شركة Solar Foods، ومقرها في فنلندا، الكهرباء لإنتاج الغذاء للبشر.


البحث الجديد، الذي نُشر في مجلة  Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America ، هو أول مقارنة كمية لاستخدام الأراضي وكفاءة الطاقة بين الزراعة التقليدية وأنظمة إنتاج الميكروبات التي تعمل بالطاقة الشمسية.


استخدم الباحثون بيانات تتناول تقنيات اليوم لحساب كفاءة كل خطوة من العملية، بما في ذلك التقاط ثاني أوكسيد الكربون من الهواء، ومعالجة الميكروبات وتحويلها إلى طعام يمكن أن يأكله الناس، ووجدوا أن النظام الميكروبي يستخدم 1 بالمئة من المياه فقط التي تحتاجها المحاصيل وجزءًا صغيرًا من الأسمدة.


قدر التحليل أن العملية الميكروبية الشمسية يمكن أن تنتج 15 طنًا من البروتين من كل هكتار (أو لكل 2.5 فدان) سنويًا، وهو ما يكفي لإطعام 520 شخصًا، وهو ما قال العلماء إنه تقدير متحفظ. وبالمقارنة، يمكن أن ينتج هكتار واحد من فول الصويا 1.1 طن من البروتين لإطعام 40 شخصًا، حتى في البلدان ذات مستويات ضوء الشمس المنخفضة نسبيًا مثل المملكة المتحدة، كان إنتاج البروتين الميكروبي أكبر بخمس مرات على الأقل من كل هكتار من النباتات.


Fig. 4.


واقترح الباحثون أن تكلفة البروتين الميكروبي هي نفس تكلفة البروتينات الحالية التي يأكلها الناس، مثل مصل اللبن whey  أو البازلاء، لكنها كانت أغلى بعدة مرات من الأعلاف الحالية للحيوانات، على الرغم من أنه من المتوقع أن تؤدي التحسينات التكنولوجية المستقبلية إلى خفض التكاليف.


قال ليجر إن قدرة النباتات على التمثيل الضوئي رائعة، ولكن من حيث كفاءة الطاقة، لا تحول المحاصيل الأساسية سوى حوالي 1 بالمئة من الطاقة الشمسية إلى كتلة حيوية صالحة للأكل. هذا لأن النباتات تطورت لتنافس وتتكاثر وتنمو، كما وتستخدم كمية أقل بكثير من طيف الضوء الشمسي من الألواح الكهروضوئية.


وقال ليجر جميع مكونات النظام موجودة، لكنها بحاجة الآن إلى اختبارها معًا وعلى نطاق واسع، لا سيما التقاط ثاني أوكسيد الكربون من الهواء، وضمان إمكانية إعادة تدوير الألواح الشمسية المستخدمة، قال: "بالنسبة للغذاء البشري، هناك أيضًا الكثير من القوانين والمعوقات التي يجب التغلب عليها".


قال بيت إيانيتا Pete Iannetta، من معهد جيمس هوتون James Hutton Institute في اسكتلندا، "إنه مفهوم مثير للاهتمام حقًا - أن تفصل إنتاج الغذاء عن استخدام الأرض، مما يعني أنه يمكن أن يكون لديك كل تلك الأراضي المتاحة لإعادة تحويلها إلى برية."


لكنه قال إن الطعام لا يتكون فقط من العناصر الغذائية الرئيسية، مثل البروتين والكربوهيدرات: "هناك الكثير من المركبات الثانوية التي تعتبر مهمة لرفاهيتك"، متسائلا عما إذا كانت الأطعمة الميكروبية ستصبح شائعة: "على سبيل المثال، استخدمنا الطحالب كمورد غذائي محتمل، لكنها لا تزال غير مقبولة على نطاق واسع."


قال الدكتور توبي موترام Toby Mottram، استشاري التكنولوجيا الزراعية: "حتى يتم اختبار النموذج وتكلفته بمصنع تجريبي، بما في ذلك تقييم دورة حياة إنتاج الألواح الشمسية، من الصعب التعليق على ما إذا كان يحسن أنظمة الزراعة التي استمرت لآلاف السنين، وإن كانت مناسبة للعدد الذي نخطط لإطعامه".


في الخلاصة، تبقى نتائج هذا النظام وتطبيقه على نطاقات واسعة، وتحويل البروتين الناتج عنه إلى مواد غذائية مرغوبة، تحد كبير للباحثين في عدة مجالات، فضلا عن الحد من الزراعة الصناعية التي تدمر الغابات وتستخدم الأراضي الزراعية لزراعة الأعلاف، بالإضافة إلى ما تنتجه مزارع المواشي من انبعاثات والتي تقدر بـ 14.5 بالمئة من غازات الإحترار العالمية، وما يتبعها من تلويث المياه، وقضم الغابات بصورة متسارعة، ما يساهم بانقراض العديد من الأنواع ويهدد التنوع البيولوجي العالمي، فهل يساهم هذا النظام وأمثاله في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17، وأهمها في هذا المجال الهدف الثاني المتعلق بتحقيق الأمن الغذائي، والأهداف الأخرى المتعلقة به، لجهة الحد من الفقر(الهدف الأول)، الأمن المائي والصرف الصحي (الهدف السادس) فضلا عن المدن والمجتمعات المستدامة (الهدف 11)، الإستهلاك والإنتاج المسؤولان (الهدف 12)، والحياة على الأرض (الهدف 15)، وغيرها من الأهداف المتعلقة بحياة الإنسان وكرامته واستدامة الموارد على الأرض.


بتصرف عن The Guardian


 

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: