بتاريخ 8 حزيران (يونيو) 2021، نشر الزميل المهندس محمد نور الأيوبي، رئيس لجنة البيئة والطاقة في بلدية طرابلس، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنه خلال متابعته الدورية تبين فقدان لتجهيزات معمل الفرز التابع لاتحاد مدن الفيحاء، ومواد الإنشاءات المقدمة هبة لمعمل الفرز من دولة الكويت الشقيقة.
ولمّا كنا من المتابعين لملف النفايات في مدن الفيحاء منذ أكثر من 20 سنة، بادرنا بالإتصال والتحري عن هذا الموضوع مع كل الأطراف المعنيين، للوقوف على حقيقة هذا الموضوع الخطير.
وتبيانا للصواب نضع بين أيدي كل المعنيين ما توصلنا إليه من حقائق :
1- في شباط 2010 تم اختيار مدينة طرابلس لبناء وتجهيز معمل لفرز النفايات من بين 10 مشاريع معامل للنفايات في الشمال والبقاع والجنوب، وذلك بهبة من الإتحاد الأوروبي، بالتعاون مع مكتب وزير التنمية للشؤون الإدارية، على أن تضع البلديات دفتر شروط تتعلق ببناء المعمل والآلات المستخدمة وغيرها من المواصفات، ودفترا آخر لإدارة المعمل من قبل شركات من القطاع الخاص تملك خبرة في إدارة المعامل والنفايات الصلبة، وعلى شراكة مع شركات أجنبية لتتولى ادارة المعمل وصيانته لفترة 3 سنوات، لا تتكبد خلالها البلديات أية مبالغ، بل تتولى الدولة اللبنانية الأمر عبر موازنة وزارة التنمية التي تدفع 25 دولارا للطن الواحد للمعالجة والصيانة فقط، وتتكبد البلديات كلفة النقل والكنس والجمع والطمر. وفي هذه الأثناء تتدرب البلديات لتسلّم زمام الامور بعد 3 سنوات، على أن تبقى الإدارة خاضعة للقطاع الخاص.
2- في تموز 2010 انطلق العمل ببناء معمل الفرز بعد ما قدّم الاتحاد الارض المجاورة للمسلخ ليقام عليها المعمل، وتم التلزيم على أساس خط فرز بطاقة 150 طن على أن يعمل بورديتان لاستيعاب الـ 300 طن التي كانت تنتجها بلديات الإتحاد آنذاك، وانتهى بناءه في أيلول (سبتمبر) 2012.
3- في آذار (مارس) 2013 تسلّم اتحاد البلديات رسميا معمل الفرز والذي اعتمد الفرز اليدوي فقط مع بعض الآليات.
4- في حزيران (يونيو) 2014، تم اعداد دفتر شروط خاص لتشغيل وصيانة معمل فرز النفايات من قبل مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية بالتنسيق مع الإتحاد، والذي يرمي إلى التلزيم لمدة 3 سنوات بمبلغ 3,832,500 دولار على اساس 420 طن يوميا بكلفة 25 دولار/طن والتأكيد على ـن هذا المبلغ محجوز لهذه الغاية من قبل الهبة الاوروبية.
5- في آذار (مارس) 2015 تم فض العروض الإدارية المقدمة من قبل 3 شركات، والتي تم قبول عرضها من قبل اللجنة المعينة، وفي فض العروض الفنية التي جرت في شهر آب (أغسطس) 2015، لم توافق اللجنة المكلفة إلا على ملف واحد والعائد لشركة AMB-Nicollin، وتم رفض عرض الشركتان الاخرتان مما تطلب استشارة قانونية في إمكانية قبول عرض مالي وحيد، وبعد الموافقة على استكمال المناقصة بعرض وحيد، تم فتح العرض المالي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، والذي كان يبلغ 23 دولار/طن وقبوله، وقرر الإتحاد نزولا عند رغبة الشركة وموافقة الـ OMSAR، تمديد فترة العقد إلى 7 سنوات بدلا من 3، على أن يتولى هو الدفع بعد السنة الثالثة، وذلك مقابل الإستثمارات التي قررت الشركة القيام بها لتحسين الظروف الفنية لمعمل الفرز وانشاء معمل التسبيخ وتجهيزه بنظام بيوفلتر للروائح.
6- في شهر شباط (فبراير) 2016، تم توقيع عقد التشغيل بعد تعديل السعر من 23 إلى 25 دولار، بناء على توصية مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، وأعطيت الشركة فترة 9 أشهر لإنشاء معمل التسبيخ وتوريد المعدات التي تعهدت بإضافتها إلى عملية الفرز والتسبيخ.
7- في حزيران (يونيو) 2017، تم تدشين العمل في المعمل الجديد وسط حضور رسمي وأوروبي. وبعد أشهر قليلة من أنطلاقة العمل بالمعمل، بدأت تتصاعد من المعمل روائح كريهة وصل تأثيرها إلى أكثر من 2 كلم، بحيث غطت بشكل كامل شوارع المئتين وعزمي ورياض الصلح ومتفرعاتهم، وتسببت بازعاج المواطنين الذين باتوا يخافون من أثر هذه الروائح على صحتهم.
8- بتاريخ 28/12/2017 وبعد التشاور مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، اتخذ الإتحاد قرارا بإقفال المعمل بصورة مؤقتة بسبب شكوى المواطنين من الروائح الكريهة الصادرة عن المعمل ريثما يتم إعادة تأهيله.
9- بتاريخ 26/3/2018، تم معاودة العمل بمعمل الفرز والتسبيخ بعد ادعاء شركة AMB، أنها قامت بإدخال تصليحات جذرية على عملية المعالجة، ولكن الوضع كان كارثيا أكثر مما كان عليه، مما دفع بالإتحاد إلى معاودة إغلاق المعمل بتاريخ 21/4/2018.
10- بتاريخ 29/8/2018 تم إعادة التشغيل بمعمل الفرز فقط دون التسبيخ، ولكن تدني نسبة الفرز إلى ما دون الـ 5 بالمئة، أدت إلى إيقاف المعمل، وهو ما زال متوقفا إلى يومنا هذا.
11- إزاء هذا الوضع الكارثي قرر مجلس الانماء والاعمار مساعدة إتحاد بلديات الفيحاء في الخروج من هذا الواقع المأساوي، وذلك بتخصيص مبلغ بقيمة 3 ملايين دولار أميركي من منحة الصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية لتحسين وتطوير معمل فرز وتسبيخ النفايات عبر توريد وتركيب معدات اضافية بعد دراسة أعدّها أحد المكاتب الاستشارية المعتمدة في المجلس.
12- بتاريخ 5/11/2019، أبلغ مجلس الانماء والاعمار شركة AMB الأمر بالمباشرة بأعمال التحسين، فقامت الشركة بتنفيذ بعض الأشغال الإنشائية مثل استحداث غرف العمال والصيانة وتخزين المواد المفرزة وذلك بمبلغ اجمالي قيمته / ٧٨٫٥٦٢ / د.أ.، ولم يتم توريد أي معدات ميكانيكية تدخل في عملية الفرز أو التسبيخ لتحسين أداء المعمل.
13- بتاريخ 8/9/2020، أوقفت بلدية طرابلس الأشغال بسبب غياب رخصة الإنشاء، بالرغم من موافقة اتحاد بلديات الفيحاء الرسمية على الاشغال المقترحة بتاريخ 15/6/2020.
14- بتاريخ 30/11/2020 تم التقدم بملف الترخيص ولم تصدر رخصة البناء إلى الآن، ولم يستكمل ملف تحديث المعمل من المبلغ المرصود في مجلس الإنماء والإعمار إلى الآن.
نخلص إلى القول، بأن الآلات والمعدات التي تم سحبها من قبل شركة AMB، هي ملك لاتحاد بلديات الفيحاء، وفقا للعقد الموقع بين شركة AMB واتحاد بلديات الفيحاء ومكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية سنة 2016، ولا يحق للشركة الملتزمة سحبها بحجة الصيانة واستعمالها في أماكن أخرى دون موافقة الإتحاد، اما الاعمال الانشائية التي انجزت من حساب المنحة الكويتية فهي ما زالت موجودة ولم يتم المس بها.
ونشير هنا إلى أن الواقع الأليم للمعمل، يدل على أن الشركة المذكورة لم تنجح في عملية الفرز والتسبيخ خلافا لادعاءاتها بسبب عدم وجود الخبرة في هذا المجال، وبسبب انسحاب الشريك الفرنسي المتخصص في هذا المجال من اليوم الأول خلافا للعرض المقدم من قبلهم، والذي على أساس وجوده تم اسناد التلزيم للشركة.
إن شركة AMB مطالبة بإرجاع المعدات والآلات التي تم سحبها من المعمل دون إبلاغ الإتحاد، واذا كان من خلاف حول هذه المسألة فالمحاكم اللبنانية لها كلمة الفصل في هذا الموضوع.
طرابلس في 17/6/2021