هي "تفوووه" واحدة، رمتها شابةٌ لبنانية عن سابق تصوّرٍ وتصميم وإحباط وقرف وغضب، في وجه واحدٍ من رموز السلطة الفاسدة في لبنان، فعلت في المستهدف منها أكثر مما فعلته "الهيلا هيلا هو"، فثار لكرامته وأطلق لمرافقيه العنان لتأديب من تجرّأت وأقدمت على التعبير بأبسط التعابير وأصدقها.
هي "تفوووه"، كان ينبغي في الحدّ الأدنى أن تشكل سلاحاً شعبياً جديداً يستخدمه اللبنانيون لإطلاق "ثورة تفوووهات" سلميّة، يقوم خلالها كل واحدٍ منهم بإلقاء مثل هذه "التحية" في وجه من يتحكّم به أباً عن جد عن حفيدٍ عن صهر (مع الإدراك بأنّ هؤلاء سيقولون: "الدني عم بتشتّي")؛ لكنها للأسف ساهمت في المزيد من فضح واقع تشرذم "الشعب اللبناني".
والد الشابة الجريئة سارع إلى زيارة من استهدفته "التفوووه" معتذراً منه عما بدر من ابنته التي سارعت إلى التوضيح بأنّ "أحداً لا يعتذر بالنيابة عنها، وما فعله والدها هو لحمايتها"، وفي هذا مؤشر إلى كيفية تعاطي جيل الوالد مع "أولياء الأمر"، وجيل الشباب مع "المغضوب عليهم".
السياسي القبضاي، وبدلاً من أن يستوعب ما يستحقّه هو وأمثاله ويأخذ منه العبرة، دعا مناصريه إلى "عدم السكوت إطلاقاً والردّ بما يناسب على أيّ اعتداءٍ كلاميّ أو معنويّ أو جسديّ يتعرض له أيّ شخصٍ منهم على يد بعض الناس الذين لا يقيمون للكرامة وزناً"، فانطلقت راجمات مواقع التواصل الاجتماعي بقصفٍ وقصفٍ مضاد، كما في كل موقعة تقسم "الشعب اللبناني" بين مهاجمٍ شرس ومدافعٍ أشرس.
المهم أنّ هذه "التفوووه" مرّت مرور الكرام، وعدنا -والحمدلله- لنعيش المهانات اليومية في استجداء الغذاء والدواء وحليب الأطفال، والوقوف في طوابير الذل والتقاتل أمام محطات الوقود بنوعيه المهرّب والمخزّن، والغرق في العتمة المتنازع عليها بين وزارة الطاقة وأصحاب المولّدات، ومحاولة اللحاق بالتحليق الصاروخي للدولار وقصفه المدمّر لمنصة "صيرفة"، رغماً عن أنف "قبّة تطمينات" صاحب مقولة "الليرة بألف خير"، ومتابعة المحاولات والمبادرات الفاشلة لملهاة تشكيل حكومة "اختصاصيين" يتقاسمهم أرباب السياسة، والاستمتاع بالعرض المشوّق "يعتذر، لن يعتذر"..
لأننا نرتضي كل هذا، ينبغي أن تكون "التفوووه" علينا!