صحة

لماذا النساء أكثر عرضة لتأثيرات كورونا الطويلة؟

لماذا النساء أكثر عرضة لتأثيرات كورونا الطويلة؟


تناولت دراسة أولية فرنسية سجلات مرضى فيروس كورونا المستجد COVID-19 بين أيار (مايو) وتموز (يوليو) 2020، تبين خلالها أن كل أربعة نساء يعانين من تأثيرات كورونا مقابل رجل واحد، وهذه النتيجة لم تكن محصورة فقط بالعاصمة الفرنسية، فخلال الأشهر الاثني عشر الماضية، ومن خلال تتبع عدد المرضى ودراسة حالتهم في مستشفيات بنغلادش وروسيا، عن طريق تطبيق Covid Symptom Tracke، كانت النتيجة شبه متطابقة، وفي المملكة المتحدة، ظهر بشكل مطرد أن النساء الشابات كن الأكثر عرضة لتأثيرت الفيروس.


وجدت الدكتورة سارة جولي، التي تدير عيادة رعاية ما بعد كورونا في أورورا - في كولورادو - أن حوالي 60 بالمئة من مرضاها كن من النساء، بحسب ما أدلت به لصحيفة "ذا أوبزرفر".


الأمر نفسه أكدته الدكتورة ميليسيا هايتمان، التي تدير عيادة لرعاية الأشخاص بعد الإصابة بفيروس كورونا، إذ وبحسب البيانات المسجلة عندها، فإن 66 بالمئة من مرضاها كن من النساء، كما تبين أن الكثيرات منهن عاملات بدوام كامل، ولديهن أطفال صغار، بحسب العربي الجديد.


تشير هايتمان في معرض حديثها لصحيفة "ذا غارديان" إلى أن هذه النتيجة ليست اتجاها جديدا عندما يتعلق الأمر بالأمراض المعدية، بل هو اتجاه تم إهماله تاريخياً. وتقول "من المعروف أن النساء أكثر عرضة للإصابة بتأثيرات الأمراض، بنسبة تصل إلى أربع مرات، خاصة في ما يتعلق بأمراض (التهاب الدماغ والنخاع العضلي، أو متلازمة التعب المزمن)، وهي حالة يُعتقد أن لها أصول معدية في غالبية الحالات". وتضيف "أن الدراسات أظهرت أيضاً أن أكثر المرضى الذين يعانون من مرض "لايم المزمن"- حالة مرضية ناجمة عن بكتيريا - هن أيضاً من النساء".


وتعقيباً على الإصابة بمرض "لايم"، يقول الدكتور رافائيل ستريكر، باحث في مركز سان فرانسيسكو: "هناك أدلة متزايدة على أن النساء يستجبن لهذا النوع من العدوى أكثر من الرجال".


وعلى الرغم من أهمية هذه الدراسات، فإن المجتمع العلمي لم يحاول البحث بشكل أوسع عن أسباب إصابة النساء بمعدلات أكبر من الرجال.


ترجع جولي نوسباوم، الأستاذة المساعدة في كلية الطب بجامعة نيويورك لونغ آيلاند، أسباب عدم البحث في تأثيرات الأمراض المناعية على النساء إلى نقص الأموال، وترى أن غياب التمويل الخاص شكل السبب الرئيسي في زيادة معاناة النساء مع الأمراض وتأثيراتها الطويلة.


ظهرت مشكلة التأثيرات الخاصة بالأمراض المناعية لدى النساء بشكل بارز العام الماضي مع انتشار فيروس كورونا. فهناك تقارير عن الكثيرات من المريضات اللواتي اشتكين من تجاهل أعراضهن ​​المستمرة أو نسبتها إلى القلق بدلاً من متابعة حالتهن الصحية بالشكل السليم.


تقول الدكتورة جانيت سكوت، أخصائية الأمراض المعدية في جامعة جلاسكو، "إنه لا تزال هناك مدرسة فكرية داخل المجتمع الأكاديمي ترى أن النساء، وبسبب خوفهن من الأمراض، يلجأن إلى الإبلاغ عن أي إصابة يتعرضن لها، ما يفسر السبب في زيادة عدد النساء المريضات أو المتأثرات بالأمراض أكثر من الرجال".


ووفق سكوت، فإن المجتمع عادة ما يرى النساء هستيريات اتجاه الأمراض، ويملن إلى الوهم والقلق عند تعرضهن لوعكة صحية، وهو ما دفعها وفريقاً من الخبراء إلى كسر هذه النمطية الفكرية، والاتجاه إلى دراسة العوامل المختلفة التي تجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية، ومنها فيروس كورونا.


في كلية الطب بجامعة ييل بولاية كونيتيكت، أمضت عالمة المناعة البروفيسورة أكيكو إيواساكي العام الماضي في دراسة كيفية تفكيك الاختلافات بين استجابة الرجال والنساء لفيروس كورونا.


وكانت إحدى النتائج الأولية التي توصلت إليها هي أن الخلايا التائية - وهي مجموعة من الخلايا المهمة لجهاز المناعة والتي تبحث عن الخلايا المصابة بالفيروس وتدمرها - تكون أكثر نشاطًا لدى النساء من الرجال في المراحل المبكرة من الإصابة، ويُعتقد أن أحد مكونات هذا يرجع إلى علم الوراثة.


وتوصلت إيواساكي إلى نتيجة مفادها بأن النسختين المتشابهتين من الكروموسوم xx قد تكون السبب في ذلك، ما يعني أن الاستجابة المناعية المختلفة للكثير من الأمراض قد يتم التعبير عنها بقوة أكبر لدى النساء، بسبب تطابق الكروموسومات.


كما أظهرت دراسة الدكتورة إيواساكي أن النساء في سن الإنجاب لديهن استجابة مناعية أكثر تفاعلاً لوجود مسببات الأمراض.


يُعتقد أن هذه الاستجابة المناعية القوية هي أحد الأسباب التي تجعل النساء أقل عرضة للوفاة من فيروس كورونا خلال المرحلة الحادة من العدوى - لكنها تأتي مصحوبة بتأثيرات طويلة على المدى البعيد.

"زوايا ميديا"

قسم التحرير

تابع كاتب المقال: