تنتشر بين الفينة والأخرى، خواص عجائبية لمواد متوفرة بين أيدينا، وتدعي بعض المصادر قدرة بعض المواد على علاج وشفاء بعض الأمراض المزمنة والمستعصية مثل السرطان والسكري والألزهايمر وغيرها، وبينما تجد هذه الإدعاءات القبول الكبير من عامة الناس وحتى بعض الأكاديميين، تتابع البحوث الطبية كشف خواص وقدرة المواد في العلاجات المختلفة، وبالمقابل ما تتسبب به من أضرار وآثار جانبية على المستهلك، ومن هذه المواد بذور المشمش، التي يدعي مروجو هذه المادة إمكانية علاجها وشفائها لأمراض عدة ولا سيما مرض السرطان.
هذا وتستهلك هذه البذور في مصر، في إحدى وصفات "الدقة" Dokka المصرية، حيث تحمص القلوبات المختلفة مثل البندق والفستق السوداني مع السمسم والملح والكزبرة وبهارات أخرى وتستهلك كمقبلات وكتسالي، ويستخدم في أحدها بذور المشمش.
كما وتستخدم هذه البذور من قبل بعض المصنعين في مستحضرات التجميل والزيوت فضلا عن العلاجات.
إلا أنه في حالة بذور المشمش خصوصا، ومنذ العام 2018، أطلقت "وكالة المعايير الغذائية" Food Standards Agency (FSA) البريطانية، تحذيرا من أكل النواة الموجودة في عجوة المشمش سواء طبيعية أو النيئة أو جافة ومحضرة في عبوات محفوظة، وليس ذلك فحسب، بل قامت بسحب العديد من العلامات التجارية من الأسواق، لمنع المستهلكين من أخذها متأثرين بالمنتشر عنها من معلومات تشير إلى احتوائها على مركبات مدمرة لخلايا بعض أنواع السرطان، وذلك لاحتوائها على ما يسمى "أميغدالين" amygdalin وهي مادة زعم أن لها خصائص تحارب السرطان، ولكنها في الحقيقة تحتوي بالإضافة إلى المواد المفيدة على مواد تتحول إلى غاز السيانايد في الجسم، وقد يؤدي أخذ كميات من المنتج إلى استهلاك مستويات عالية من حمض الهيدروسيانيك (السيانيد) والسام للغاية، وحتى عند استهلاك كميات قليلة من هذه البذور، والتي يقبل الكثيرون على تناولها لأن مذاقها حلو ولاعتقادهم بأنها تحتوي على مكونات مفيدة للصحة. لكن العلم بات يحذر من تناول هذه البذور، بل ويطلب اجتنابها تماماً لأنها قد تشكل خطراً داهماً على حياة الإنسان.
وحذرت FSA من أن يؤدي استهلاك حمض الهيدروسيانيك "سيانيد الهيدروجين" إلى سمية حادة لدى بعض الأفراد، وتشمل أعراض السمية الحادة الصداع، والدوخة، والتشوش الذهني، والذهول، والإزراقاق مع ارتعاش وتشنجات، كما يمكن أن تكون السمية الحادة قاتلة.
تحتوي بذور المشمش، واللوز النيء أيضاً، على مادة amygdalin، التي تتحول بعد هضمها إلى سيانيد الهيدروجين السام للغاية، وحيث يمكن التخلص من هذه المادة السامة بطبخ اللوز، إلا أن استهلاك 50-60 لوزة نيئة قد يؤدي إلى الوفاة، بحسب ما كتب موقع "تي أونلاين" الألماني.
و "الأميغدالين" يسمى أيضا laetrile أو فيتامين B17، وقد قامت وكالة الأغذية والأدوية الأميركية FDA بإطلاق تحذير بما يخص استهلاك هذه المادة في حالات السرطان المستعصية، وبعد أن سمحت بها لفترة، وذلك لاحتوائه على مركبات السيانيد cyanogenic glycoside.
وأثبتت مراجعة عامة Cochrane Review لدراسات عدة في العام 2015، أن جميع أشكال المادة سامة وخصوصا إن استهلكت بكميات كبيرة.
بالمقابل أشارت دراسة في العام 2016، بتأثير سلبي لهذه البذور على نمو سرطان البروستات، وبنسبة محددة وهي 10 ميلليغرام لكل ميليليتر.
وفي هذا المجال، فإن بذور المشمش أكثر سمية من اللوز النيء، إذ يكفي تناول 40 منها لأضرار في القلب والدماغ والأعضاب وقد تؤدي للتسبب في الوفاة. لذلك، يوصي الخبراء بعدم تناول أكثر من بذرتي مشمش يومياً.
ووجدت دراسة أن الكمية القصوى لاستهلاك بذور المشمش يجب ألا تتعدى 0.37 غرام، أي 3 من بذور المشمش الصغيرة، كما حذرت البالغين من استهلاك أكثر من نصف بذرة مشمش كبيرة في اليوم، بناء على تحليلها لمستويات السيانيد في عينة الدراسة.
ووجد التحليل أن مستويات السيانيد في أجسام عينة التجربة تجاوزت الحد الآمن المسموح به، وأن ما نسبته 0.5 إلى 3.5 مليغرام من السيانيد لكل كيلوغرام من وزن الإنسان قد تكون قاتلة، وحددت لجنة تابعة للاتحاد الأوروبي النسبة الآمنة بـ20 ميكروغرام لكل كيلوغرام من وزن الإنسان.
هذا وتوصل الباحثون إلى نتيجة مفادها أن على البالغ ألا يتناول أكثر من ثلاثة من بذور المشمش، أما لدى الأطفال، فلا يجب أن يتجاوز ذلك نصف بذرة صغيرة.
المصادر:Health Line, Medical News Today, FDA, FSA ووكالات