يستعد طيف واسع من الأحزاب والاتجاهات المرتبطة والمتعاطفة مع «حراك تشرين» الاحتجاجي الذي انطلق أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 لعقد مؤتمر موسع لـ«المعارضة السياسية» في داخل العراق في غضون الأيام القليلة المقبلة، ويتحدث ناشطون عن أن المؤتمر سيركز على مناقشة 4 محاور رئيسية تتعلق بالبدائل السياسية والاحتجاجية والقانونية، إلى جانب التركيز على الخروقات في مجال حقوق الإنسان وعمليات القمع والاغتيال التي يتعرض لها الناشطون في الحراك الاحتجاجي. وإذا سارت الأمور مثلما يخطط الداعون له، فسيكون «المؤتمر المعارض» الأول من نوعه للنظام السياسي القائم ويعقد داخل الأراضي العراقية، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية.
ولم تشهد البلاد، سواء بعد 200. العام الذي أطيح به بحكم الرئيس الراحل صدام حسين أو في حقبة نظامه مؤتمرا من هذا النوع. ويؤكد الناشط ورئيس حزب «البيت الوطني» حسين الغرابي الذي يضطلع بمسؤولية عقد المؤتمر، على أن «المؤتمر سيعقد داخل العراق بعد منتصف هذا الشهر، وتحضره القوى المنبثقة عن حراك تشرين، إلى جانب قوى مدنية أخرى، مثل الحزب الشيوعي العراقي وحزب الشعب الذي يقوده النائب فائق الشيخ علي». ويمتنع الغرابي في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن «تحدد مكان الانعقاد، نظرا للمخاطر الأمنية والاستهدافات التي قد تطال المشاركين فيه». لكنه يؤكد انعقاده داخل العراق. وكشف عن أن «اللجنة التحضيرية للمؤتمر ستعقد في الأيام المقبلة اجتماعا مع رئيس الجهورية برهم صالح بوصفه الحامي الأول للدستور وستطلعه على طبيعة وأهداف المؤتمر».
وعن أبرز المحاور الذي سيناقشها المؤتمرون، يقول الغرابي إن «مشروع المعارضة السياسية الذي نطرحه يقوم على أربع ركائز أولها، البديل السياسي ويتمثل بالتعددية السياسية التي ستشارك بمؤتمر المعارضة السياسية لأحزاب نشأت من حراك تشرين وأخرى وطنية لم تشترك بالحكومات السابقة». أما الركيزة الثانية، والكلام للغرابي، فهي «بحث البديل الاحتجاجي الذي يقوم على تقوية الاحتجاج وتطوير آليات دعمه وإنضاجه، وهذا سيكون ممثلا بحضور أقطاب الاحتجاج وأبرز وجوهه».
وسيبحث المؤتمرون كذلك «البديل القانوني وسيكون ممثلا بخيرة رجال القانون في العراق وفيه تفرعات كثيرة تتضح بوقتها، وهدف هذا المحور بحث الخروقات الدستورية التي ارتكبتها الجماعات السياسية منذ سنوات، إضافة إلى مناقشة قانون الأحزاب واشتراطاته وعدم السماح لفصائل تملك أجنحة مسلحة بتأسيس الأحزاب». وفي المحور الرابع ستناقش قضية «العمل الإنساني وما يتعلق بخروقات حقوق الإنسان في العراق والقمع الحكومي لحراك تشرين والشعب العراقي في محافظات عدة». ويؤكد الغرابي أن «القوى التي ستشارك في المؤتمر لا تقف بوجه الانتخابات المقررة في أكتوبر المقبل، إنما تريد لها أن تجرى في ظروف عادلة وآمنة وبعيدة على الاستقواء بالسلاح».
من جانبه، يقول القيادي في الحزب «الشيوعي العراقي» جاسم الحلفي، إن حزبه في صدد «بحث أوراق المؤتمر وتوجهاته والورقة التي ستصدر عنه وكذلك تركيبته وطبيعة القوى المشاركة فيه».
ويؤكد الحلفي لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر سيتألف من الأحزاب والجماعات التي خرجت عن حراك تشرين وشخصيات وقوى وطنية، والحزب الشيوعي في حوار مستمر معها من أجل تنضيج الأفكار للخروج بورقة ناجحة، وهو كذلك في حوار دائم مع الإخوة المبادرين لعقد المؤتمر». ويعتقد الحلفي أن «فكرة المؤتمر مهمة جدا لجميع القوى التي تهدف إلى تغيير بنية النظام المرتكزة على المحاصصة الطائفية والقومية وإصلاح بنية الدولة ووظائفها التي نخر فيها الفساد، ويسعى المؤتمر كذلك إلى تغيير موازيين القوى لصالح كرامة الإنسان والوطن».
بدوره، يؤكد الناشط موسى رحمة الله أن «فكرة المؤتمر المعارض انطلقت بعد تواصل عمليات الاغتيال ضد الناشطين، وخاصة اغتيال الناشط البارز إيهاب الوزني في كربلاء مطلع الشهر الماضي». ويقول رحمه الله لـ«الشرق الأوسط» إن «غالبية المشاركين في المؤتمر سيكونون من الجماعات التي انبثقت عن حراك تشرين إلى جانب قوى مدنية أخرى، أعلنت في وقت سابق عدم مشاركتها في الانتخابات المقبلة». ويرجح «اجتماع اللجنة التحضرية خلال الأيام المقبلة وعقد المؤتمر العام في النصف الثاني من الشهر الحالي في حال عدم وقوع ظروف قاهرة تتطلب تأجيله، وسيكون داخل العراق بكل تأكيد، ربما في بغداد أو أي محافظة أخرى يختارها القائمون عليه».