بعكس اسمه، فإن وادي جهنم في عكار يعتبر من المناطق الأجمل في لبنان، فمناظره الخلابة الفريدة من نوعها، فضلا عن اتصال المناطق الحرجية وامتدادها على مساحات كبيرة من الغابات ضمن منطقة وعرة التضاريس رسم صورة طبيعية رائعة، وللأسف فإن هذا الأمر هو ما أدى إلى تجدد الحريق الذي اندلع يوم أمس في الوادي وبشكل أخطر من السابق، ولم يتمكن أحد من التدخل أو فعل شيء في بعض المناطق بسبب وعورة المنطقة وعدم القدرة على الوصول إليها، كما ولم تتدخل طوفات الجيش حتى الساعة رغم المناشدات المستمرة من الأهالي والناشطين منذ البارحة، وقد انتشرت سحب الدخان المتصاعد من الحريق، وغطت كافة البلدات المحيطة ضمن نطاق يفوق الـ 10 كلم، ما تسبب صباح اليوم بحالات ضيق في التنفس واختناق لسكانها، وذلك وفقا لما أفادته مجموعة "درب عكار" عبر صفحتها الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك".
هذا وقد بدأ موسم الحرائق وفي وقت مبكر هذا العام، مع حريق وادي الخربة، الذي تمكن فريق من المتطوعين من إخماده خلال الأسابيع الأولى من الشهر الحالي، وتسبب بخسائر طاولت 40 ألف متر مربع، أما الحريق الجديد، فيهدد مساحات كبيرة من الغابات المحتوية على أشجار حرجية معمرة ومن الصعوبة بمكان تجددها، فضلا عن التنوع البيولوجي الفريد الذي تتميز فيه المنطقة.
وفي التفاصيل، فقد اعتبرت المجموعة عبر منشور على صفحتها، أن موقع الحريق في غاية الخطورة والحساسية، حيث تندلع النيران وتستمر في التهام الغابات بسبب الرياح الشرقية، وتهدد غابات متصلة بمساحة تفوق الـ 20 كلم مربع ، ومنها غابة القطر القريبة، والتي تبلغ مساحتها نحو 20 كيلومتراً مربعاً، ورجحت المجموعة أن الوضع مرجح للأسوأ رغم السيطرة على الاماكن المنخفضة من الحريق.
وقد بادر متطوعون ومنذ يوم الأمس، بمؤازرة من فريق التدخل السريع في مجموعة "درب عكار"، و "فريق المستجيب الأول" في اتحاد بلديات جرد القيطع، وعناصر من الدفاع المدني، وأهالي المنطقة لإخماد الحريق الذي اندلع في عمق وادي جهنم ابتداءً من الأراضي الحرجية في محلّة النهر في خراج بلدة حرار، وتمكنوا بالرغم من الإمكانيات القليلة المتاحة ووعورة الموقع، من السيطرة على أجزاء من الحريق في المواقع المنخفضة، فيما تلتهم النيران الغطاء النباتي لمواقع في أعالي الجبل، قد توجه الناشطون إلى موقع الحريق في محاولة لمكافحة النيران والحؤول دون تمدّدها بانتظار وصول طوافة الجيش التي يعوّل عليها وحدها مهمة إطفاء الحريق.
في هذا المجال، يشار إلى أن الفرق المساهمة بالعمل على إطفاء الحريق هي آلية "لزاب" التابعة لمجموعة "درب عكار" البيئية، مع فريق التدخل السريع، ونحو 20 متطوعاً من بلدة حرار والبلدات المجاورة، وعدد من فريق المستجيب الأول في اتحاد بلديات جرد القيطع، فيما الكل في انتظار تدخّل طوافة الجيش، الأمل الوحيد المتبقّي.
وناشد الأهالي الجيش لإيفاد طوافات للمساهمة في اهماد النيران وللحد من تمددها وتهديدها لمساحات إضافية من الأشجار الحرجية، بفعل الرياح الشمالية الشرقية التي تضرب المنطقة
وكان رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع عبد الإله زكريا، قد ناشد قيادة الجيش لإرسال طوافة لإطفاء الحريق، مؤكداً على دور المؤسسة العسكرية في حماية الوطن والبيئة.
وقد أعطى وزير الزراعة والثقافة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عباس مرتضى توجيهاته للفرق المختصة في مصلحة زراعة عكار، للتنسيق مع المعنيين للعمل على منع تمدد الحريق الهائل الذي اندلع في جرود عكار - منطقة وادي جهنم ، كما وأجرى مرتضى اتصالاً بوزيرة الدفاع زينة عكر طالباً مساندة مروحيات الجيش اللبناني في تطويق الحريق واخماده قبل أن يتسبب بخسائر فادحة في مساحات حرجية شاسعة في المنطقة.
