كتبت صحيفة "الجمهورية" في عددها الصادر اليوم الخميس 20 أيار (مايو): سلكت الرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب، والتي يلقي فيها مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة على الرئيس المكلّف سعد الحريري، ويدعو النواب الى تحمّل مسؤولياتهم، مسارها الطبيعي، وحدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري جلسة لتلاوة الرسالة غداً الجمعة في قصر الاونيسكو.
على انّ الثابت في المشهد المرتبط بهذه الرسالة، انّها أربكت الداخل حولها باعتبارها سابقة من نوعها، وراكمت كمّاً هائلاً من علامات الاستفهام والاستهجان حول القصد منها، وخصوصاً انّ مجلس النواب، وان استجاب لها من حيث الشكل وأجرى المقتضى الفوري حيالها بتحديد موعد لجلسة لتلاوتها، فهو لا يملك أن يستجيب لها، ولا أن يماشي الرغبات الشخصية التي صاغتها بمضمون يقفز فوق الدستور والصلاحيات. فما تقرّر في الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة، قد تقرّر وانتهى الامر، ولا صلاحية للمجلس ولا لغيره في ان يبدّل او يعدّل في هذا القرار.
على انّ السؤال الكبير دار حول إصرار رئيس الجمهورية على توجيه هذه الرسالة الى مجلس النواب، برغم انه تلقّى في الايام الاخيرة نصائح مباشرة بالعدول عن هذا الامر المحرج للرئاسة قبل اي طرف آخر، وثمة كلام مباشر ابلغ الى الرئاسة مفاده انه من الضروري صرف النظر عن مثل هذه الرسالة، اذ لا طائل من توجيهها على الاطلاق، فضلاً عن انها قد تشعل فتيلاً لاشتباك سياسي يُربك الداخل اكثر مما هو مربَك، وقد تفتح الوضع على منزلقات خطيرة سياسية ومذهبية خصوصاً ان الرسالة تتناول ما تسمّى «المحرمات» المرتبطة بصلاحيات احدى الطوائف الاساسية في لبنان، فهذا الامر يعدّ محاولة فرض اعراف جديدة تتجاوز الدستور وتستفزّ العصب السني، وقد تفتح باباً يصبح من الصعب إغلاقه.
وبحسب مصادر سياسية موثوقة لـ "الجمهورية"، فإنّ رئيس المجلس نبيه بري كان في مقدمة الناصحين، وجرى حديث مطوّل بينه وبين رئيس الجمهورية حول تلك الرسالة قبل إرسالها، الا انّ رأي "مستشاري القصر" كان الغالب في النهاية ووجهت الرسالة، وأوقعت معها رئيس الجمهورية في المحظور… وبالتالي تعاطى الرئيس بري مع الرسالة على قاعدة أن رئيس الجمهورية مارس حقه الدستوري في توجيه رسالة الى مجلس النواب، ولمجلس النواب حقه في ان يمارس دوره الدستوري والقانوني في اجراء المقتضى حيالها، ومن هنا جاء تعيينه لجلسة يوم الجمعة”.