إنجاز جديد سجلته مجموعة "درب عكار" البيئية اليوم، هو إعلانها عن الانتهاء من المسودة الأولية لكتيب عن أنواع الأوركيد (السحلب) البري في محافظة عكار، وهو عبارة عن دليل يضم 64 نوعا منها ضمن 12 جنسا، أهمها جنس البلاتنتيرة Platanthera  الموجود حصرا في عكار.

وأوضح خالد طالب معد الكتيب المصور ومؤسس المجموعة أن " الكتيب أتى ثمرة لمجهود استمر لمدة 6 سنوات أي منذ العام 2015، وضمن مسح شامل لمعظم النباتات البرية في محافظة عكار"، " وأشار إلى أن أن هذه الأرقام تمثل معظم ما تم اكتشافه على الصعيد الوطني".

وقال: "اعترت مشروع المسح والتوثيق عقبات وتحديات كثيرة أبرزها غياب التمويل، والإعتماد فقط على الفريق المتطوع، فضلا عن التحديات والمخاطر التي تواجه الطبيعة العكارية من حرائق وتدخلات بشرية أدت الى زوال بعض المناطق الهامة لانتشار السحلبيات، إضافة الى الصعوبات العلمية لجهة عدم توفر المراجع، وصعوبة التصنيف كون العديد من الأنواع تتشابه وتتطابق إلى حد بعيد بين بعضها البعض، والإعتماد على المقارنة والمعاينة لتحديد الأنواع في ظل عدم وجود فحوصات DNA، فضلا عن وجود الأنواع الهجينة وهي خليط من نوعين".

واعتبر طالب: "وجود هذه الأنواع المتنوعة والمختلفة، مؤشرا هاما على سلامة الطبيعة العكارية، كون هذه النباتات لا تحب التلوث، ولذلك وجدنا في عكار أنواعا نادرة لا تتواجد في مناطق لبنانية اخرى".

وجاء الكتيب بنسخة إلكترونية يمكن تنزيلها للمهتمين هنا وفي 42 صفحة، وتضم صورة توثق كل من السحلبيات مع الإسم العلمي، فترة الإزهار، الموطن لجهة التربة والحاجة للشمس والإرتفاع عن سطح الأرض، وتوزعها وانتشارها، وملاحظات عن كل نوع منها.  

ووفقا لمقدمة الكتيب: "تعرف السحلبيات (أوركيد) Orchis بأنها من فصيلة السحلبيات Orchidaceae التي تضم آلاف الأنواع المنتشرة عالميا، وقد عرف السحلب في المراجع القديمة بـ (خصى الثعلب) وذلك لكون شكل جذره تشبه بيضتين، تكبر إحداهما على حساب الأخرى لذا سمي أيضا بقاتل أخيه، تبدو الثمرة مخططة متفتحة، بذورها صغيرة، ويكون الجنين فيها غير متمايز، إذ لا ينتشر، إلا بالعلاقة التكافلية مع وجود فطريات من نوع فطر الأرومة  Rhizoctonia، ويضم الأوركيد عددا من الاجناس التي تتمايز في ما بينها بشكل كبير، تستخدم درنات بعض انواع السحلبيات في صناعة مادة نشوية تدخل في بعض الصناعات الغذائية التي لها فوائد عدة، وشراب السحلب هو أكثرها انتشارا في مجتمعنا".

وجاء في المقدمة أيضا: "تنتشر السحلبيات في عكار اعتبارا من ارتفاع أقل من 100م ولغاية ارتفاع 1900م عن سطح البحر، وفيها كافة الأجناس المعروفة في لبنان (12 جنسا)، علما ان جنس البلاتنتيرة Platanthera يوجد حصرا في عكار، وهو مؤشر هام لغنى هذه المحافظة على الصعيد الايكولوجي".

وقال طالب: "اعتمدنا في هذا البحث المستمر منذ عام 2015 على المقارنة بين ما قمنا بتوثيقه وتصويره وعلى ما أتيح لنا من المراجع العالمية للمقارنة في ما بينها. فبعض الانواع قد تكون سهلة وواضحة، وبعضها الآخر كجنسي الـ Oprhys والـ Dactylorhiza يكاد من المستحيل التمييز في ما بينها، ولكننا حاولنا العمل قدر المستطاع للحصول على نتيجة أولية لمسح يعتبر الأول من نوعه على مستوى محافظة عكار، بحيث يبقى المجال مفتوحا للتنقيح أو الزيادة عند توفر بيانات جديدة".

وتابع: "هذا العمل هو نتاج لمبادرة يعمل عليها كافة فريق درب عكار، والذي يضم: يارا مرعبي، علي طالب، عثمان طالب، جينفير الشيخ، حاتم الفحل، عدنان مرعب وعبد الهادي صعب، الذي أخلص الوقت والجهد في سبيل توثيق ما في عكار من تنوع طبيعي وايكولوجي، هذا التنوع أخذ يضمحل عاما بعد عام، بفعل التعديات والانتهاكات البيئية والتلوث والتمدد البشري والعمراني وما يخلفه من حرائق وآثار كارثية".

وأمل طالب أن "تصبح هذه الانواع محمية يوما ما، وألا تترك لتواجه مصيرها فتختفي وتنقرض، كما اختفت عشرات مواقع السحلبيات في عكار خلال الاعوام الماضية"، وتابع: "عكار ما زالت تختزن تنوعا لا يستهان به، وقد تتطلب اعواما طويلة من البحث العلمي الشاق، ولكن لنا أمل بالجيل الصاعد المتنور بالوعي البيئي لإكمال هذه المسيرة في حال قصرنا او شق علينا الطريق".

وختم بإهداء "هذا الدليل لكل غيور على البيئة اللبنانية عموما والعكارية خصوصا".