أشار تقرير علمي حديث إلى أن مدينة العلا في المملكة العربية السعودية تحتضن آثار حضارة أقدم من  أهرامات مصر وستونهنج في بريطانيا، وتضم هذه الآثار حوالي ألف من هياكل مستطيلة يعود تاريخها إلى 6000 سنة، وكانت تستخدم أواخر العصر الحجري لتقديم القرابين من المواشي.

وقد تم اكتشاف هذه الآثار منذ العام 1970، إلا أنها لم تلقَ الإهتمام الكافي، إلا أن الدراسة الأخيرة التي نشرت في موقع  Antiquity  العلمي، وألقت الضوء على أهمية هذه "المستطيلات" العلمية، وmustatils، وهي التسمية التي اعتمدها الفريق العلمي، بناء على تسمية  "الهيئة الملكية لمحافظة العلا"Royal Commission for AlUla ، أو RCU والموجودة في منطقة العلا وخيبر، وقد أطلقت الهيئة ما يعرف بـ "علم الآثار الجوية"، وهو عبارة عن مشروع علمي ودراسات أثرية واسعة النطاق لمقاطعة العلا، بهدف تحديد وتوثيق الأصول التراثية الثابتة للعلا، تبعه مشروع ثانٍ يشمل حرة خيبر في العام 2019.

ووجدت الدراسة أن المستطيلات عبارة عن نظم معمارية معقدة أكثر مما كان يعتقد، وتنتمي إلى مجموعة تسمى "عمل قدماء الإنسان" works of the old men، ومنها الصخور الميغاليتية في لبنان، وتحتوي هذه المستطيلات غرفا ومداخل وفناء وصخور عمودية orthostats أو جدران، وأنها دليل على وجود حضارة ما قبل التاريخ، بعكس ما كان يعتقد سابقا.

وفي مقالة على موقع "نيو ساينتست"  New Scientist،  فقد تمت الإضاءة  على هذه المعالم الأثرية الفريدة التي تزخرُ بها المملكة العربية السعودية، عبر فريق علمي من جامعة غرب أستراليا University of Western Australia فكشف الفريق أن المستطيلات الموجودة في مدينة العلا السعودية أقدم من أهرامات مصر وصخور "ستونهنج" في بريطانيا، وقد تناولته
منابر علمية من بينها جامعة "كامبريدج"، وأن تلك المستطيلات تعد مركزا لأقدم الطقوس على وجه الأرض.

وأجرى الباحث هاغ طوماس إلى جانب فريقه العلمي، أكبر دراسة معمقة حول هذه المستطيلات من خلال استخدام طائرات مروحية للتحليق فوق شمال غربي المملكة العربية السعودية، ثم القيام بأبحاث ميدانية، أدت إلى اكتشاف ما ينوف عن ألف مستطيل على مساحة تقدر بـ200 ألف كيلومتر مربع، وهو عدد يعتبر ضعف ما كان تم تقديره بالسابق.

وحرص توماس على تأكيد أهمية هذا الإكتشاف المثير سواء لجهة الحجم الكبير والقيمة الأثرية المذهلة، حيث يصل وزن بعض هذه المستطيلات الضخمة المكونة من الحجر الرملي أكثر من 500 كيلوغرام، كما ويتراوح أطوالها بين بين 20 مترا وحتى 600 مترا، فيما لا يتجاوز ارتفاع الجدران المحيطة 1.2 مترا، موضحا أن هذه المستطيلات لم يجر تصميمها حتى تحتفظ بشيء ما داخلها، بل أن الغاية من إقامتها ما وصفه بـ "دمقرطة المكان"  democratizing the place، والحرص على عزل مساحة معينة.

ورجح الفريق العلمي أن هدف هذه الحضارة من إقامة المستطيلات، هو تقديم قرابين من الماشية، والتي كانت من الحيوانات المحلية والمدجنة، وكجزء من طقوس وعادات، خصوصا مع وجود بقايا ماشية كالقرون والجماجم والعظام، فضلا عن بقايا فحم ولم يعثر على بقايا بشر أو معدات تستعمل من قبلهم، ما يبعد أي تفسير على كونها منازل مأهولة أو ما شابه، وهي منشأة من صخور محلية، معتمدة الجيولوجيا المعقدة لشمال غربي شبه الجزيرة العربية وهي من ثلاثة أنواع أساسية من الصخور الأساسية، أحجار رملية من العصر الباليوزوي الأدنى، وبازلتية من حقب الحياة الحديثة، وسلاسل رسوبية بركانية تشكل ما يعرف بالدرع العربي.

وتظهر التصاميم أن هذه المستطيلات تضم مدخلا تم ردمه بعد الإستخدام بالحجارة، أي أن القدامى كانوا على الأرجح يغلقون هذه المستطيلات بعد الاستخدام، وقد تم تصنيفها إلى بسيطة، ومعقدة وتصنيفات أخرى، أما أضخم هذه المستطيلات فيقع في حرة خيبر، حيث يصل طوله إلى 525 مترا ووزنه إلى 12 ألف طن.

مصدر الصور المرفقة: Royal Commission for AlUla (RCU)