يبتعد عمل الإعلام المسؤول البحث عن الأخبار العاجلة والـ "سكوبات" Scoops في وسيلة للإنتشار السريع، وسعي المواقع لاستقطاب الزوار والمتابعين والقراء، بل يعمل جاهدا على تصويب الخبر، واستقائه من المراجع الموثوقة، ومن هذه الأمثلة خبر انتشر في الإعلام الهندي عن مسح ودراسة إحصائية أجرتها هيئة بحثية عليا في الهند، وأنه قد تبين نتيجة لهذه الدراسة أن المدخنين والنباتيين لديهم معدل منخفض بالفحوصات الإيجابية للإصابة بفيروس كورونا SARS-CoV-2 المتسبب بجائحة كوفيد 19، في حين أشار البحث أيضا إلى أن أولئك الذين لديهم فصيلة الدم "O" قد يكونون أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا، جاء رد من المؤسسة المعنية، في سياق هذا المقال، وبعض ما جاء في المقالات الإعلامية المذكورة.
ووفقا لما تم تناقله، فقد تم درس المسح المصلي لعموم الهند Pan-India Survey، وقد أجراه مجلس البحوث العلمية والصناعية (CSIR) Council of Industrial and Scientific Research، حول وجود أجسام مضادة ضد SARS-CoV-2، الفيروس المسبب لجائحة (COVID-19)، وقدرة عوامل المناعة على تحييد ومعادلة عوامل الخطر المحتملة للعدوى.
توضيح CSIR
وذكر بيان على موقع CSIR أنه: " لم يصدر CSIR بيانا صحفيا بعنوان (دراسة CSIR تكشف أن المدخنين والنباتيين أقل عرضة للإصابة بالفيروس المتسبب بجائحة )Covid-19 وبتاريخ 24 نيسان (أبريل) 2021".
وتابع البيان "علاوة على ذلك ، يود CSIR أن يسلط الضوء على أنه كما هو مذكور في المنشور العلمي الذي راجعه النظراء، تم اقتراح أن النظام الغذائي الغني بالألياف قد يلعب دورًا مهمًا في COVID-19 من خلال مكافحة الخصائص الالتهابية للجائحة عن طريق تعديل أنواع ميكروبيوتا الأمعاء. وقد سلطت مراجعة حديثة الضوء على دور العناصر النزرة والمغذيات والبروبيوتيك في الوقاية منCOVID-19، تم الإبلاغ عن الارتباط السلبي بالتدخين في مكان آخر، ولكن لم يتم إثبات أنه سببي (أي أن التدخين يؤدي إلى فحوصات سلبية لوجود مضادات الفيروس). ويتطلب الأمر المزيد من الأبحاث قبل الوصول إلى أي استنتاجات، خصوصا وأن الإيجابية المصلية هي علامة غير كاملة لخطر العدوى ويمكن تفسيرها أيضًا من خلال استجابة الأجسام المضادة المتغيرة وديناميكياتها "
وختم البيان "في مثل هذه الدراسات، لا ينبغي اعتبار الارتباطات مع أي من العوامل سببية حتى يتم إثباتها تجريبيًا. ومن ثم، يود CSIR أن يوضح أنه لا يمكن استخلاص نتيجة مفادها أن النظام الغذائي النباتي والتدخين قد يحميان من Covid-19 بناءً على هذه الدراسات".
المادة الإعلامية
وقد تم استقاء المادة الإعلامية في مواقع هندية عدة، ووفقا لما تم نشره من المقال العلمي وهو مسح إحصائي في موقع medrxiv.org، وبناء على المسح المذكور التي راجعها الأقران، وجاء فيها:
هذا المسح، الذي شارك به فريق مكون من 140 طبيبًا وعالمًا، قيمت 10427 فردًا بالغًا يعملون في أكثر من 40 مختبرًا ومركزًا تابعًا لـ CSIR في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، وأفراد أسرهم، وقد شارك هؤلاء الأشخاص طواعية في الدراسة.
اقترح المسح أنه على الرغم من أن COVID-19 مرض تنفسي، إلا أن التدخين قد يكون بمثابة خط الدفاع الأول بسبب دوره في زيادة إنتاج المادة المخاطية، ومع ذلك، فقد حذر الفريق العلمي من أن هناك حاجة لدراسات ميكانيكية مركزة لفهم تأثير التدخين والنيكوتين على عدوى فيروس كورونا.
وشددت الورقة على أن "التدخين معروف بأنه ضار بشدة بالصحة ومرتبط بأمراض متعددة ، ولا ينبغي اعتبار هذه الملاحظة بمثابة تأييد، لا سيما بالنظر إلى أن الارتباط لم يثبت أنه سببي".
وأشار المسح أيضا إلى أن الطعام النباتي الغني بالألياف (وهناك دراسة أخرى أوردها أحد المعلقين على المقال العلمي في مجال النظام النباتي وأثره على الوقاية من الإصابة بالجائحة) قد يلعب دورًا في توفير المناعة ضد كوفيد -19 نظرًا لخصائصه المضادة للالتهابات عن طريق تعديل ميكروبيوتا الأمعاء.
كما وجد الاستطلاع أن أولئك الذين لديهم فصيلة الدم "O" قد يكونون أقل عرضة للإصابة ، في حين أن "B" و "AB" كانوا أكثر عرضة للإصابة، وأن الإيجابية المصلية كانت الأعلى بالنسبة لفصيلة الدم "AB" تليها B ، مضيفة أن فصيلة الدم "O" وُجد أنها مرتبطة بمعدل إيجابي أقل.
قال شانتانو سينغوبتا، أحد المؤلفين المشاركين في الورقة العلمية، إن الورقة خضعت مؤخرًا لمراجعة الأقران.
وفي وقت سابق، تم الإعلان عن دراستين من فرنسا وتقارير مماثلة من إيطاليا والصين ونيويورك عن انخفاض معدلات الإصابة بـ COVID-19 بين المدخنين.
كما توصلت دراسة أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) ، والتي فحصت أكثر من 7000 شخص في الولايات المتحدة ثبتت إصابتهم بفيروس COVID-19، إلى نتائج مماثلة.
ومن المثير للاهتمام أن الدراسة وجدت أن 1.3 بالمئة فقط من المشاركين في الاستطلاع كانوا مدخنين ، مقارنةً بتقرير مركز السيطرة على الأمراض أن 14 بالمئة من جميع الأميركيين يدخنون.
وبالمثل ، فإن الأكاديميين في جامعة لندن (UCL) الذين نظروا في 28 بحثًا في كافة أنحاء المملكة المتحدة والصين وفرنسا والولايات المتحدة، ووجدوا أن نسب المدخنين بين مرضى المستشفيات كانت أقل من المتوقع.
وقد أظهرت إحدى دراسات الجامعة أنه في المملكة المتحدة، كانت نسبة المدخنين بين مرضى COVID-19 خمسة بالمئة فقط، أي ثلث المعدل الوطني البالغ 14.4 بالمئة.
وقد وجد مسح آخر في فرنسا، أن المعدل كان أقل بأربع مرات - 7.1 بالمئة مقابل 32 بالمئة بين جميع السكان.
وأشارت دراسة في الصين، إلى أن 3.8 بالمئة فقط من المرضى كانوا مدخنين على الرغم من أن أكثر من نصف السكان يدخنون السجائر بانتظام.
كما لحظت دراسة منفصلة أجراها Jin-jin Zhang لفهم تأثير سلوك التدخين على القابلية للإصابة بفيروس كورونا أن تسعة مرضى فقط - 6.4 بالمئة لديهم تاريخ من التدخين وأن سبعة منهم كانوا مدخنين سابقين.
بيان منظمة الصحة العالمية
وجاء بيان منظمة الصحة العالمية بما يلي: "تقوم منظمة الصحة العالمية باستمرار بتقييم الأبحاث الجديدة، بما في ذلك الأبحاث التي تدرس العلاقة بين استخدام التبغ وتعاطي النيكوتين وCOVID-19. تحث منظمة الصحة العالمية الباحثين والعلماء ووسائل الإعلام على توخي الحذر بشأن تضخيم الادعاءات غير المثبتة بأن التبغ أو النيكوتين يمكن أن يقلل من خطر COVID-19. لا توجد حاليًا معلومات كافية لتأكيد أي صلة بين التبغ أو النيكوتين في الوقاية من COVID-19 أو علاجه".
مقال Nature ونقد لمنهجية الدراسات
وقد انتقد مقال في مجلة Nature العلمية منهجية الدراسات وذكرت نقطة مهمة، وهي أن صناعة التبغ قد ازدهرت نتيجة هذه الإدعاءات، وساهمت بتمويل بعض الدراسات وجاء في نص المقال:
يبدو أن صناعة التبغ استفادت من الضجة الإعلامية (الاجتماعية)، حيث ارتبط ذكر الادعاءات حول التأثير الوقائي للتدخين بزيادة استهلاك التبغ بين المواطنين الصينيين أثناء الوباء. أيضًا في بلدان أخرى، تم الإبلاغ عن زيادة في استهلاك التبغ بين المدخنين، وفي فرنسا، اقترح الباحثون لأول مرة أن النيكوتين قد يلعب دورًا في حماية المدخنين، مما يؤدي إلى التهافت على منتجات النيكوتين بين عامة الناس. ومن المثير للاهتمام، أن المؤلف الرئيسي لهذا البحث تم تمويله من قبل صناعة التبغ في الماضي، ويمكن أيضًا ربط الباحثين الآخرين الذين قدموا ادعاءات مماثلة بصناعة التبغ، مما يشير إلى تضارب محتمل في المصالح. وفقًا للمركز العالمي للحوكمة الرشيدة في مكافحة التبغ ، شاركت صناعة التبغ بنشاط في التقليل من دور التدخين في COVID-19، ومن خلال نشر الادعاءات بأن التدخين أو السجائر الإلكترونية يحمي من COVID-19
ملاحظة: الصور المرفقة من المسح المذكور سابقا

