كتب الزميل يوسف دياب في صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية: "خضعت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون لاستجواب مطول أمام رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، بشأن عدد من القضايا التي أحيلت بسببها على التفتيش، بدءا من مخالفتها توجيهات مجلس القضاء الأعلى التي تشدد على التزام القاضي بالتحفظ والكف عن التحدث بملفات قيد التحقيق، والتمرد على قرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي عزلها عن التحقيق بالقضايا المالية، وأوكل مهمتها لقضاة آخرين، وإدلائها بتصريحات للإعلام، وإطلاقها مواقف وتغريدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر ميولها السياسية، وآخرها تغريدة نعت فيها السلطة القضائية والعدالة في لبنان، غداة تقديم رئيس مجلس إدارة مصرف SGBL أنطوان صحناوي دعوى ضدها أمام النيابة العامة التمييزية بجرم التشهير والقدح والذم به، وإصدار بلاغ بحث وتحر بحقه، واستدعائها من قبل المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان للتحقيق حول مضمون هذه الدعوى.
وغداة انتهاء الاستجواب الذي استغرق أربع ساعات، غادرت عون مقر هيئة التفتيش القضائي في قصر العدل في بيروت، وعبرت عن ارتياحها لأجواء الجلسة. وأوضحت أنها أجابت على كل الأسئلة التي طرحت عليها.
وفي دلالة على العدد الكبير للقضايا التي استجوبت حولها، قالت "نبشولي ملفات من سنة جدي (أي أنها قديمة جدا)، لكن بالنهاية أنا قاضية أطبق القانون وألتزم به وما عندي شي مخبى". وفي هجوم معاكس على قرار تنحيتها عن الملفات الحساسة، كشفت عون لـ "الشرق الأوسط" أنها تقدمت بشكوى أمام رئيس هيئة التفتيش ضد النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات (رئيسها المباشر)، بسبب قراره بكف يدها عن الملفات المالية، إذ أعاد توزيع الأعمال لدى قضاة النيابة العامة في جبل لبنان، وطلب من الأجهزة الأمنية عدم مراجعة عون في أي قضية حساسة، واعتبرت عون أن "هذا القرار غير قانوني"، وشددت على أنها مستمرة بالتحقيق في الملفات المالية، خصوصا قضية شركة "مكتف للصيرفة"، التي يملكها رجل الأعمال ميشال مكتف، وتتهمها بتهريب أموال لسياسيين ونافذين من لبنان إلى الخارج. مصادر قضائية مطلعة قالت لـ "الشرق الأوسط"، إن القاضي سعد "سيدرس إفادة القاضية عون ويطلع مجلس القضاء الأعلى على مضمونها، قبل اتخاذ القرار المناسب، ويرجح إحالتها على المجلس التأديبي". وأشارت المصادر إلى أن هيئة التفتيش "يمكنها أن ترفع توصية إلى وزيرة العدل ماري كلود نجم، تقترح فيها تعليق عملها إلى حين صدور قرار المجلس التأديبي، لكن الهيئة لن تذهب إلى هذا الخيار قبل اطلاع مجلس القضاء على إفادة القاضية وأخذ رأيه بهذا الصدد".
وشددت مصادر قضائية على أن دعوى عون ضد النائب العام التمييزي لا قيمة لها، لأن الأخير لا يخضع لسلطة التفتيش القضائي، إذ أن منصب النائب العام التمييزي ورئيس التفتيش القضائي ورئيس مجلس القضاء الأعلى هي سلطات متوازية في إدارة شؤون الجسم القضائي.