بدا مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل أمس واضحا حين أكد أن "الوقت حان لدعوة القادة اللبنانيين إلى إبداء مرونة كافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي"، لكن هل قابله المسؤولون اللبنانيون بوضوح أيضا؟ أم أن الأمور سائرة نحو مزيد من التعطيل وجر البلد إلى المزيد من الإنهيارات؟
لا يختلف إثنان أن تعنت فريق رئيس الجمهورية وفي مقدمه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ساهم في تعقيد الأزمة الحكومية، محاولاً محاصرة رئيس الحكومة المكلف تحت مسوغات كرست الإنقسام الطائفي عموديا، والمشكلة أن هذا الفريق لا يعلم يقينا أنه أكثر المسيئين لمسيرة العهد، فلا إنجازات تحققت ولا إصلاحا سلك طريقه إلى التنفيذ، ولبنان في دوامة ولا من يعلم إلى أين ستفضي التطورات، خصوصا وأن البلد يشهد انهيارات تشي من الآن بأن ثمة كوارث على الطريق.
لا يعلم التيار الوطني الحر أن هالة حضورة الشعبي مسيحيا آخذة في الضمور، ما اضطره أخيرا إلى طرح شعارات شعبوية لشد أزر جمهوره، فكان التدقيق الجنائي شعارا خلبياً، أحدث جعجعة دون طحين، وصوتا دون صدى، علما أن التدقيق الجنائي مطلب جميع اللبنانيين، لكن ألم يكن أجدى تسهيل تأليف الحكومة ومن ثم تبني الإصلاحات الضرورية، بدءا من مكافحة الفساد إلى تحرير القضاء من سلطة القوى السياسية، وصولا إلى تبني الحياد سبيلا وحيدا لإبعاد لبنان عن أزمات المنطقة.
من الفرنسيين سمع القادة اللبنانيون توبيخا ومن الأميركيين نصحا وتمنيات، وجاءت زيارة هيل لتفضح هشاشة الدولة، حضورا ودورا، فيما اللبنانيون يتقاتلون ويسقط منهم شهداء في سبيل لقمة العيش، حتى غدا المشهد اللبناني فضائحيا، خصوصا وأن سياسة التعطيل التي انتهجها التيار الوطني الحر ولا يزال، أوصلت المواطن إلى حضيض الحضيض، وصارت أقصى الطموحات الحصول على "غالون" زيت مدعوم!