عندما تلتقي الصناعة والزراعة وممارساتنا الحياتية مع الإستدامة، يمكننا أن ننقذ كوكب الأرض، هذا المنحى الثوري في مقاربة البيئة، طبقه رائدا أعمال ومخترعان من المكسيك حيث قاربا صناعة الجلود بمورد غير متوقع ومنتج طبيعي وعضوي مئة بالمئة، ولا يحتاج للكثير من المياه، وموجود بكثرة بحيث أنه يشكل مصدرا لا ينضب، بالعمل على تطوير جلد يستخدم للصناعات العضوي ومصنوع من نبتة الصبار وأسميا شركتهما Desserto.

واختصر المخترعان اتجاههما هذا بأن "الصبار أخضر وكذلك المستقبل" Cactus is green and so is the future ، وقد بدأ جلد الصبار يجتاح عالم الموضة، حيث بدأت عدد من الشركات تتواصل معهما ومنها إحدى الشركات المختصة بمعدات الرياضة والملاكمة.

صناعة الجلد من الصبار

يعتبر الصبار من الزراعات التقليدية في المكسيك، ويستخدم Adrián López Velarde وMarte Cázarez طريقة تجعل الجلد النباتي من الصبار حقيقة ويشبه الجلد الطبيعي، وأطلقوا على الجلد النباتي اسمDesserto ، وهم يزرعون نبات الصبار في مزارعهم في ولاية زاكاتيكاس المكسيكية. يُعرف الصبار الذي يزرعونه بامتلاكه جلدًا سميكًا وخشنًا لذا فهو مشابه لجلد الحيوانات.

وكتب المخترعان على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي الخاصة بهما" "تم تصور فكرة استخدام هذه المادة الخام لأن هذا النبات لا يحتاج إلى أي ماء لينمو، وهناك الكثير منه في جميع أنحاء جمهورية المكسيك. أيضًا ، رمزياً ، يمثلنا كمكسيكيين والجميع يعرف ذلك ".

وقد تشارك المخترعان واعتمادا على خلفيتهما العلمية في مجال التصنيع والتصميم بهدف دمج هذه المواد في صناعات مختلفة، وأضافا في هذا المجال: "من الضروري الاعتماد على إمدادات مستقرة ووافرة من المواد الخام، لدينا حاليًا 2 هكتار حيث نزرع صبار Nopal Cactus، بالإضافة إلى توسعة تبلغ 40 هكتارًا. فيما يتعلق بالقدرة الإنتاجية، لدينا حاليا 500 ألف متر طولي في الشهر"، ويتطلب إنتاج متر من جلد الصبار ما يقرب من 3 أوراق ناضجة،

ويحتاج الصبار إلى 200 لتر فقط من الماء لينمو كيلوغرام واحد من الكتلة الحيوية، لكن تلك الـ 200 لتر تمتصها النباتات من الرطوبة الموجودة في البيئة، دون الحاجة إلى استخدام الري بفضل آلية امتصاصها للمياه.

ومن الجدير ذكره، بالإضافة إلى التوفير الكبير في المياه حيث لا يتم ري الصبار، فإن زراعة الصبار تعكس الإتجاه للتغيير في استخدامات الأراضي، كما وأن عملية الحصاد للأوراق لا تؤدي لأذى الصبار، بل يتم جمع الأوراق الناضجة، بحيث تسمح للنبات بتكوين أوراق جديدة، كما تتم المحافظة على البيئة ىحيث لا يتم استخدام مواد كيميائية كمبيدات أعشاب أو مبيدات حشرية، كما ويحفز القطاع الزراعي على زراعة المزيد من الصبار، كما وأن هذا الإتجاه الصناعي يحد من استخدام الجلود المستخرجة من الحيوانات والبلاستيك والتي تساهم بتدمير وتلوث البيئة.

كما لفت المخترعان إلى أنه "لكل فدان من مزارع الصبار العضوية يمكن امتصاص أكثر من 570 طنًا من ثاني أكسيد الكربون سنويًا؟ بينما ننتج فقط 1.05 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا لكل فدان للحصول على المواد الأولية".

جوائز

وقد نالت Desserto جائزة التصميم الجيد الذهبية للعام 2020، وهي ختم معترف به عالميًا للتميز في التصميم، بأن Desserto استوفت المعايير المعترف بها دوليًا للتميز في التصميم والتصميم المستدام.

كما نالت Desserto جائزة Compassionate Business Peta award من المنظمة العالمية للرفق بالحيوانات PETA ، وقد اعتمدته المنظمة كجلد نباتي للتشجيع على هذا الإتجاه في الصناعة، بهدف العمل على تكثيف هذه الزراعة لتلبية الطلب المتزايد بسرعة على المنتجات الأخلاقية والصديقة للبيئة.

وقد كشف فيديو عرضته PETA  وصورته من موقع أكبر منتج للجلود في العالم أن الأبقار والثيران يتم وسمها باستخدام الكي بالعلامات التجارية على الوجه، وصعقها بالكهرباء، وضربها قبل قتلها للحصول على جلدها، ويتطلب تحويل جلود الحيوانات إلى جلد استخدام 130 مادة كيميائية مختلفة - بما في ذلك السيانيد (مادة سامة وقابلة للذوبان في الماء ومن الملوثات الرئيسية للمسطحات المائية)- كما وإن إنتاج الجلود ينتج كميات هائلة من انبعاثات الكربون التي تساهم في تغير المناخ، أفاد البنك الدولي أيضًا أن تربية الماشية مسؤولة عن أكثر من 80  بالمئة من إزالة الغابات في منطقة الأمازون منذ عام 1970.

والجلد منتج يتم تداوله أكثر من أي منتج آخر في العالم، في الواقع ، إنها جزء من صناعة تبلغ قيمتها حوالي 80 مليار دولار، المشكلة التي يعاني منها معظم الناس مع الجلود هي أنها تستخدم مواد كيميائية ومنتجات حيوانية قاسية، لذا فإن كل من دعاة حماية البيئة ونشطاء حقوق الحيوان مستعدين لاستخدام البديل الطبيعي، وهو جلد يبدو فعلا كأنه مصنوع من الأبقار والحيوانات الأخرى.

خلافًا للاعتقاد الشائع ، فإن الجلد الحيواني ليس في الواقع قابلًا للتحلل البيولوجي ، بسبب المواد الكيميائية السامة المستخدمة أثناء عملية الدباغة، ناهيك عن أن صناعة الجلود تنتج الكثير من الانبعاثات والكثير من التلوث لدرجة أن الجلد النباتي يأتي بشكل عام في المقدمة من حيث الاستدامة، حتى عندما يكون مصنوعًا من البترول - لذلك عندما يكون الجلد النباتي مصنوعًا من النباتات بدلاً من البلاستيك، فهو منتج صديق للبيئة Ecofriendly.

شركة تتبنى جلد الصبار

في إعلانها عن منتجها الجديد Los Cactus، استخدمت شركة "سنابل"Sanabul ، وهي شركة معروفة بملابسها وملحقاتها في مجال الملاكمة ورياضة الجوجيتسو، شعار "عندما يلتقي الإبتكار مع الإستدامة" للترويج لمعداتها المصنوعة من الجلد النباتي، وقد كشفت الشركة مؤخرا عن أحدث ابتكاراتها المستدامة: قفازات الملاكمة المصنوعة من جلد الصبار النباتي.

"هناك اعتقاد خاطئ بأن قفاز الملاكمة التقليدي من جلد البقر هو القفاز المثالي"، قال عمران جويد ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركةSanabul ، لموقع Green Matters وأضاف "في 29  أيلول (سبتمبر)، وصلت قفازات Los Cactus إلى السوق، ونتطلع إلى تغيير هذا الإعتقاد".

يقول جاويد عن خط إنتاج سنابل: "منذ اليوم الأول، استخدمنا دائمًا المواد غير القائمة على معاناة الحيوانات، وهذه نقطة بداية جيدة جدًا بالنسبة لنا" وأضاف: "المواد الاصطناعية لها بصمة كربونية أقل بكثير من المواد التي تستخدم فيها جلود الحيوانات، لكنها ليست الحل المثالي، لأن بعضها مصنوع من منتجات بترولية ثانوية، وليست مثالية بيئيًا. لذلك كان هدفنا دائمًا هو البحث عن المزيد والمزيد من المواد المستدامة ".

عندما صادف جاويد Desserto في أوائل عام 2020، شعر بسعادة غامرة وتواصل على الفور مع الشركة. يقول جاويد: "اتضح أن موادهم رائعة بهدف استخدامها في قفازات الملاكمة وغيرها من معدات الفنون القتالية المختلطة" وأضاف: "نعتقد في الواقع أن الجلد المصنوع من الصبار أفضل من المواد التقليدية المعروفة منذ سنوات".