انعكست الأزمة الإقتصادية على جميع اللبنانيين، وتأثرت قدرتهم الشرائية، لجهة شراء المستلزمات الأساسية، من غذاء ودواء ووقود، إلا أن هذا الأمر يظهر جليا في قطاع تجارة السيارات لا سيما الجديدة منها، حيث لم يشترِ اللبنانيون في كافة أنحاء البلاد خلال أول شهرين من العام الحالي، سوى 62 سيارة جديدة فقط، مقارنةً بنحو 1.876 سيارة في أول شهرين من العام الماضي.
ويتميز هذا القطاع بارتباطه الوثيق بالمصارف لجهة تأمين السيولة لعمليات الشراء، وبعد القيود المصرفية التي فرضت على الودائع والحسابات المصرفية، فضلا عن أزمة كورونا، ولتصل الأزمة إلى الذروة مع انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) 2020.
بالمحصلة، فقد اشترى اللبنانيون سيارة واحدة يومياً فقط هذا العام مقابل 31 سيارة يومياً في العام 2020، و60 سيارة يومياً في 2019، وان استمر الحال على هذا المنوال، فقد نصل إلى سيارة شهرياً العام المقبل، أو ربما تنهار تجارة السيارات في البلاد.
وفي هذا المجال، فقد بلغ عدد السيارات الجديدة التي استوردها لبنان في 2020 نحو 6.152 سيارة جديدة مقارنة بـ 21.991 في 2019. أي أن هذه التجارة تراجعت بنسبة 96.7 بالمئة هذا العام، وفي العام الماضي 49.89 بالمئة، بينما بلغت في العام 2018 ما يقارب 35 ألف سيارة، وهو انحسار تدريجي في قدرة اللبنانيين على استيراد السيارات وشرائها.
وتُـعـَّول أسباب هذا الإنحسار إلى تدني القيمة الفعلية لأجور مقابل الدولار مقارنة بثمن السيارات الجديدة بعد أن فقدت الليرة اللبنانية ما يقارب 90 بالمئة من قيمتها، فضلا عن انقطاع في قروض التجزئة المصرفية بسبب الأزمة التي يمر بها القطاع المالي حالياً. وإذا استمر الوضع على هذه الوتيرة نفسها خلال الفترة المقبلة، فمن المتوقع أن ينخفض عدد السيارات المستوردة هذا العام إلى ما دون 400 سيارة، وهو رقم منخفض لم يشهد لبنان له مثيل.
وينسحب هذا الأمر على ما تظهره أرقام الجمارك اللبنانية، والتي تتعلق بكل صنف من أصناف الواردات، فهي المؤشرات عينها، فاللبنانيون تخلوا خلال العام الماضي عن ثلثي استيرادهم من الملبوسات الأحذية والقبعات ومشتقات الريش والفرو والجلد، بالإضافة إلى الكثير من الكماليات، علما أن هذا الأمر انعكس على تجارة الصناعات المحلية إذ تراجع استيراد القماش المستعمل في صناعة الملابس وخلافها بنسبة 60 بالمئة، فاللبناني لا يشتري إلا الحد الأدنى من الملبوسات سواء المستوردة أو المصنعة محليا.
كما وانخفض استهلاك المفروشات المستوردة والمنتجة محلياً أيضا، فقد انخفضت واردات مشتقات الخشب بنحو 61 بالمئة، وبالنسبة نفسها استيراد الخشب الذي يدخل في صناعة المفروشات محلياً