info@zawayamedia.com
عرب وعالم

المشهد الليبي... واقتسام كعكة إعادة الإعمار!

المشهد الليبي... واقتسام كعكة إعادة الإعمار!

بعد مشاورات انطلقت في جنيف، قام ملتقى الحوار السياسي الليبي باختيار محمد المنفي كرئيس، فضلا عن اختيار عبد الحميد الدبيبة كرئيس للوزراء، وسعى الدبيبة لإجراء مشاورات حثيثة مع معظم الجهات الفاعلة من سياسية واجتماعية، ورجال أعمال، وقادة تشكيلات عسكرية بهدف الوصول إلى فريق حكومي متجانس، لكن المشهد الليبي لا زال يواجه التحديات، مع تنافس أميركي أوروبي لاقتسام كعكة إعادة الإعمار التي قدرها محللون بما يزيد عن 100 مليار دولار.


الحكومة "العتيدة"



 وبعد تأجيل لمرتين لإعلان أعضاء الحكومة "العتيدة"، سواء بسبب خلافات على الأسماء من جهة، وفضائح تزوير بالسير الذاتية وتقديم رشى وغيرها من جهة ثانية، تم منح الثقة للحكومة الإنتقالية من مجلس النواب الليبي، في 10 آذار(مارس) 2021، حيث نجح الدبيبة في اختيار 27 وزيرا، وستة وزراء دولة، ومن بين الوزراء خمس نساء، اثنتان منهما تتولى وزارات سيادية وللمرة الأولى ومنذ الإستقلال، وهما نجلاء المنقوش في وزارة الخارجية، وحليمة البوسيفي في وزارة العدل، ونالت الحكومة على إثرها الثقة، تمهيدا للعمل على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 كانون الأول (ديسمبر) أواخر العام الحالي، 2021، وليس هذا هو الأهم في المشهدية الليبية، إنما ما تتنافس عليه الدول منها القاصي والداني في اقتسام كعكة إعادة الإعمار الثمينة، وخيرات البلاد لا سيما النفط.


خمس نساء في الحكومة



الحكومة "العتيدة" في ليبيا موسعة، وأمامها مرحلة انتقالية دقيقة إنما بمهلة قصيرة للغاية، ومن متطلباتها التناغم بين مكوناتها، علما أن اختيار وزراء الحكومة جاء بناء لتزكيات من النواب وللحصول على ثقة المجلس النيابي ،وتضمنت التزكيات سيرا ذاتية وصل عددها لألفي سيرة ذاتية وباعتراف الدبيبة الذي لم يختر إلا وزيرا واحدا، ومن أهداف هذه الحكومة العمل على ملفات بالغة الأهمية وفي وقت قصير للغاية كما سلف، ومنها تنظيم القوى الأمنية والعسكرية وأجهزته، والأزمات الإقتصادية لجهة السيولة، وتحسين الخدمات من مياه وكهرباء وطبابة في ظل انتشار جائحة الكوفيد-19، والتحدي الجديد، هو ما كشفته وسائل إعلامية، عن مطلوبين بين أعضاء الحكومي للنائب العام فضلا عن تزوير طاول السير الذاتية لعدد من الوزراء تضمنت مؤهلات علمية وجامعية للوصول إلى مناصب قيادية، ومنهم وزير العمل والتأهيل علي العابد الرضا، الذي أشارت مصادر إعلامية أنه زور مستنداته وشهاداته الشخصية ودرجته الوظيفية للحصول على المنصب والإمتيازات المالية، وبالفعل فقد كشف رئيس البرلمان عقيلة صالح هذا الملف، وقبل حصول الحكومة على الثقة، ما دفع الدبيبة لاستبدال عدد من المرشحين، كما وأضافت فضيحة تقديم لأعضاء من ملتقى الحوار السياسي بهدف الوصول للسلطة مزيدا من التحديات.


من جهة ثانية فالعقبة الكبرى تمثلت بتهديد خليفة بلقاسم حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، والمتعلقة بموقع وزارة الدفاع التي بادر الدبيبة للإحتفاظ بها بصورة مؤقتة، تخوفا من تسمية شخصية قد تعرقل منح الثقة للحكومة، خصوصا وأن ملف وزارة الدفاع وتشكيل جيش نظامي موحد تظل نقطة خلافية في هذا المجال.


سباق أميركي أوروبي



هناك سباق أميركي-أوروبي على اقتسام كعكة إعادة الإعمار في ليبيا، وحضور عربي باهت تمثل بالدولة الجارة تونس.


وفي هذا المجال، تعود إيطاليا إلى ليبيا وهي التي لم تتخل عن مستعمرتها القديمة طوال الفترة الماضية، ومن باب المشاركة في ملف إعادة إعمار ليبيا، وهو ما كشفته مباحثات وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو في زيارته الأخيرة لليبيا وحول هذا الملف بالذات، ووفقا لـ "الشرق الأوسط" وما ذكره دي مايو بأن "استقرار ليبيا يعني المزيد من الأمن في بلدنا، وفرصاً جديدة لشركاتنا"، مؤكدا أن "الملف الليبي أساسي أيضاً لأمننا القومي ومصالحنا الجيوستراتيجية"، وعدا الشق الإقتصادي، فإن الشق الأمني للدول المجاورة لليبيا يلعب دورا هاما خصوصا لناحية عمليات الهجرة غير النظامية، والتخوف من تسلل الإرهابيين إلى أوروبا.


ومن الدول الأوروبية التي تبدي اهتماما مماثلا لإيطاليا فرنسا وألمانيا، فقد وصل نهاية الأسبوع الماضي إلى ليبيا، كل من وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، وألمانيا هيكو ماس، وشددوا خلال لقائهم الدبيبة على تقديم مختلف وسائل الدعم والمساندة لحكومته.


من جهتها تتجه أميركا للمشاركة في اقتسام الكعكة الثمينة، وكان اللقاء الإفتراضي في غرفة التجارة الأميركية الذي شارك فيه الدبيبة مع مجموعة من الشركات الأميركية وشكر سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند إثر الإجتماع الدبيبة وقال: "شعر المشاركون في هذا الاجتماع بالارتياح عند سماعهم رئيس الوزراء وهو يُعرب عن التزامه بجعل ليبيا وجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي، رغم إدراكهم أن هذا الأمر سيتطلب استقراراً وبيئة مواتية للأعمال، ونتطلع إلى العمل مع الدبيبة والمبعوث الليبي الخاص إلى الولايات المتحدة، محمد علي عبد الله، للتباحث حول طرق زيادة المساهمة، التي يمكن أن يقدمها الاستثمار الأميركي بغاية تحسين حياة الليبيين، والولايات المتحدة تدرك أهمية تنويع الاقتصاد الليبي".
أما لجهة الدول العربية، فهناك تقاعس كبيرة، أما أهم هذه التحركات بهذا الإتجاه فهو انعقاد المنتدى الاقتصادي الليبي – التونسي في صفاقس في 11 آذار (مارس)الحالي، وتمت مناقشة سبل تطوير التبادل التجاري، والاستثمارات الصناعية والخدماتية بين البلدين، وانتهى إلى تفاهمات مبدئية ومطالب بتفعيل الاتفاقات المجمدة، وإعادة التبادل التجاري مع ليبيا، على أن يكون الدينار بديلاً للعملات الأجنبية.

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: