ثمة فضيحتان اليوم في قضية واحدة، مع توجيه وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن الشكر لـ "سوريا الأسد" على تأمينها كمية من الأوكسيجين للبنان، دون مراعاة مشاعر اللبنانيين الذين اكتووا بنار الوصاية عقودا ثلاثة.
الفضيحة الأولى، تتمثل في عجز وزارة الصحة عن تأمين الأوكسيجين الذي لا يكفي سوى ليوم واحد، وهذا أمر يفترض أن يكون موضع مساءلة للوزير المعني، وإظهار مدى تلكؤ الوزارات المعنية في هذا المجال، ولا سيما المالية، فضلا عن أن تناقص كميات الأوكسيجين لم يستوقف الجهات المعنية لدرء الخطر.
أما بالنسبة إلى الفضيحة الثانية، فقد بدا الأمر (وهو كذلك) غير منفصل عن التوظيف السياسي، ومحاولة لـ "تببيض" صورة النظام السوري، وهذه مسألة تفترض فسحة أوسع من النقاش، لكن تصوير الأمر وكأن لبنان عاجز ويتوسل الأوكسيجين من سوريا، فذلك أمر دونه تبعات من شأنها تكريس الفرقة بين اللبنانيين، خصوصا وأن "سوريا الأسد" استباحت لبنان، واللبنانيون غير متفقين على طبيعة العلاقة مع النظام في دمشق، فضلا عن أن ثمة ملفات عالقة من ترسيم الحدود إلى ملف المفقودين اللبنانيين، وأخيرا وليس آخرا ملف النازحين السوريين.
هذا الأوكسيجين سياسي بامتياز، في لحظة يواجه فيها النظام السوري عزلة دولية على ما اقترف من جرائم بحق شعبه، خصوصا وأن ثمة ملفات قضائية دولية فتحت، وتنظر في جرائم النظام أبعد بكثير من فظائع "قيصر".
الصحيح هنا، وتصويبا لزيارة الوزير حسن، فإن النظام السوري يستجدي الأوكسيجين من لبنان، وليس العكس، لا سيما وأنه يواجه عزلته، في وقت تناقش فيه الدول المعنية بالملف السوري (الولايات المتحدة وروسيا) مرحلة ما بعد الأسد!