"مزايا ميديا"
رسائل عدة ضمنها البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة قداس الأحد اليوم من مقر البطركية الصيفي في الديمان، وفيما يلي نضع بعض هذه الرسائل.
وأشار الراعي بداية إلى أن: "القديس البابا يوحنا بولس الثاني سمى لبنان رسالة ونموذجا للشرق كما للغرب. وهي رسالة العيش معا مسيحيين ومسلمين، المنظم في الدستور والميثاق. ورسالة تعددية الثقافات وحوارها وغناها، والديموقراطية، والحريات العامة. هذه الرسالة يؤديها لبنان منذ مئة سنة وحافظ عليها، على الرغم مما تعرضت له من أزمات كادت تودي بها. وظلت تشكل خصوصية لبنان وميزته في هذه المنطقة من العالم".
وأكد الراعي على أنه "من أجل حماية لبنان ورسالته من أخطار التطورات السياسية والعسكرية المتسارعة في المنطقة، ومن أجل تجنب الانخراط في سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، والحؤول دون تدخل الخارج في شؤون لبنان، وحرصا على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، وفتح آفاق واعدة لشبانه وشاباته، والتزاما منه بقرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، والمطالبة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر، وبتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، أطلقت النداء، في عظة الأحد الماضي، إلى الأسرة الدولية لإعلان حياد لبنان، من أجل خيره وخير جميع مكوناته والأهداف التي ذكرت"، مضيفا :"لقد فعلت ذلك بالأمانة لرسالة هذا الصرح البطريركي، الذي يضع نصب عينيه كل اللبنانيين دونما تمييز أو إقصاء، وكان له دور ريادي في المحطتين السابقتين من حياة لبنان: الأولى، إعلان دولة لبنان الكبير في أول أيلول 1920، في عهد المكرم البطريرك الياس الحويك؛ والثانية، إعلان استقلاله الناجز في سنة 1943 في عهد البطريرك أنطون عريضة، واليوم، لا بد من البلوغ الى المحطة الثالثة والنهائية، وهي حياده. فتكون الذكرى المئوية الأولى نقطة انطلاق نحو حياد لبنان ودوره الجديد الفاعل. ولعل هذا الدور من هبات العناية الالهية".
وقال: "كم كان معبرا هذا التأييد الكبير لموضوع الحياد، من مرجعيات وقيادات وأحزاب وشخصيات وشعب، من مختلف الطوائف والمواقع، فمنهم من أم الصرح البطريركي، ومن اتصل، ومن كتب، ومن علق في الصحف ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي"، وأضاف:
"كل هذا يعني أن اللبنانيين يريدون الخروج من معاناة التفرد والجمود والإهمال. يريدون شركة ومحبة للعمل معا من أجل انقاذ لبنان وأجياله الطالعة. يريدون مواقف جريئة تخلص البلاد، لا تصفية حسابات صغيرة. يريدون دولة حرة تنطق باسم الشعب، وتعود اليه في القرارات المصيرية، لا دولة تتنازل عن قرارها وسيادتها أكان تجاه الداخل أم تجاه الخارج".
وتابع :"اللبنانيون لا يريدون أن يتفرد أي طرف بتقرير مصير لبنان، بشعبه وأرضه وحدوده وهويته وصيغته ونظامه واقتصاده وثقافته وحضارته، بعد أن تجذرت في المئة سنة الأولى من عمره، ويرفضون أن تعبث أية أكثرية شعبية أو نيابية بالدستور والميثاق والقانون، وبنموذج لبنان الحضاري، وأن تعزله عن أشقائه وأصدقائه من الدول والشعوب، وأن تنقله من وفرة إلى عوز، ومن ازدهار الى تراجع، من رقي إلى تخلف".
وفي رسالة إلى تركيا حول تحويل كاتدرائية أيا صوفيا إلى مسجد قال الراعي: "لقد صدمنا مرسوم رئيس جمهورية تركيا رجب طيب أردوغان، بتحويل متحف آيا صوفيا في اسطنبول إلى مسجد، بعد أن كان متحفا إفتتحه الرئيس أتاتورك في تشرين الثاني ١٩٣٤. ومعلوم أن آيا صوفيا كانت كنيسة للمسيحية الارثوذكسية منذ القرن السادس حتى عام 1452، عندما افتتح الاتراك العثمانيون المدينة تحت حكم السلطان محمد الثاني المعروف باسم الفاتح"، ولفت إلى أن "هذا القرار الذي واجهته انتقادات عالمية يؤكد بالمقابل قيمة لبنان العيش المشترك حيث الاحترام المتبادل بين المسيحيين والمسلمين في الدين والثقافة والعقائد ودور العبادة، ونصلي كي يظل لبنان مثال هذا العيش معا، تسبيحا وتمجيدا للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الابد، آمين".