info@zawayamedia.com
علوم

رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات!

رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات!

حوالي ساعتين من الوقت، وبحضور ما يزيد عن 100 مشارك وعدد أكبر منهم على صفحة Club des Sciences  على تطبيق Facebook live، وعلى تطبيق زوم في محاضرة افتراضية تتناول المتحجرات والعنبر في لبنان، ولم يشعر أي من المشاركين بالوقت، والجميع مأخوذ بمحاضرة علمية يرويها الخبير في المستحثات والعنبر والحشرات البروفسور داني عازار والأستاذ في الجامعة اللبنانية - كلية العلوم، تناولت تاريخ لبنان وجغرافيته الجيولوجية في رحلة تمتد إلى حوالي 155 مليون عام، وليس تاريخه الآني خلال ما لا يزيد عن 6 آلاف عام، وصور توثق جغرافيا جيولوجية موغلة بالقدم، تعود عندما كان هذا البلد الصغير على خط الإستواء، موثقة بأدلة جيولوجية لثدييات وأسماك وحشرات وزواحف وغيرها وحتى آثار ديناصورات وحيوان الماموث (أحد أجداد الفيل)، وقد حفظت في حجارة وعنبر في وديانه وجباله وسهوله، حتى تصل إلى اقتناع أن كل قطعة من أرض هذا الوطن الصغير، هي كنز لا يقدر بثمن، يروي ألف قصة وقصة، تنتظر من يكتشفها ليعيد رصف حجارة وإضافة أدلة وإيجاد حلول للأحجية الكبيرة التي اسمها لبنان.


ومما قاله عازار في المحاضرة الإفتراضية: "لبنان يعتبر من أغنى البلاد جيولوجيا بالمستحثات ولا سيما بالعنبر والأسماك المتحجرة، لا سيما العنبر المحتوي على كائنات متحجرة، ويجب اعتباره متنزها جيولوجيا Geo Park، لغناه بهذا الكنز العلمي الذي لا يقدر بثمن، (علما أن لا قيمة مادية له، إذ أنه يتفتت بسرعة)، كونه لا يتواجد هذا النوع من العنبر وبهذه النوعية والكمية في أي منطقة حول العالم، إلا في لبنان، ومعظم هذه القطع من المستحثات المجهرية Microfossil التي لا ترى بالعين المجردة، بينما قليل منها من المستحثات الكبيرة Macrofossil"، داعيا إلى حماية بعض المناطق بصورة طارئة، فضلا عن إنشاء مؤسسة رسمية تحت مسمى "متحف التاريخ الطبيعي"، لتنوع لبنان البيولوجي الفريد حاليا، وفي قديم الأزمان عبر المتحجرات، والذي أكد أنه طلبه منذ سنوات من المسؤولين ومنهم من وعده، والجميع لم يف بهذا الوعد، مشيرا إلى أن "لبنان من الأهم عالميا في هذا المجال العلمي، ولكن هناك إهمال كبير في هذا المجال".


وقال يعود تاريخ لبنان إلى الماضي السحيق قبل أكثر من 150 مليون عام، إذ يعتبر العنبر اللبناني أقدم عنبر في العالم، وتم اكتشافه في أكثر من 450 موقعا في لبنان، ويحتوي هذا الكم الكبير من الحشرات والنباتات المتحجرة وحتى الديناصورات وغيرها، عندما كان لبنان هذا الوطن الصغير في شمال شرقي قارة غوندوانا Gondwana وهي من القارات العظمى على خط الإستواء، وهي القارة التي تحولت فيما بعد إلى الهند وأستراليا وقارة انتارتيكا وشبه الجزيرة العربية وأفريقيا ومدغشقر وأميركا الجنوبية)،  والتي كان يحدها شمالا وشرقا محيط كبير هو الـ Tethys، علما أن البحر المتوسط هو بقايا هذا المحيط العظيم، وبسبب وقوع لبنان في الماضي الغابر على هذا المحيط يفسر الغنى في التنوع البيولوجي الأحفوري في لبنان، فضلا عن المستحثات البحرية المختلفة التي نجدها وحتى في أعلى الجبال، والطبيعة الكلسية لأراضيه".


وأوضح عازار أن لبنان مرشح لمجموعة من الكتب في أرقام غينيس القياسية، لوجود أقدم الحشرات والزواحف وحتى الديناصورات، ولا زال عازار يتابع دراسة المستحثات والأنواع ليتم توثيقها باسم علمي، وبمعدل دراسات عدة كل عام، وفي حين يتم تكريمه حول العالم بتسمية حوالي 25 حشرة جديدة تكريما باسمه، بالإضافة إلى تسميته شخصيا لـ 500 نوعا جديدا، ويقول عازار في هذا المجال، "سميت بعض هذه المستحثات باسم والدي Libanophlebotomus lutfallahi  ووالدتي Libanopsychoda Jacqueline وزوجتي وابنيّ وأخوتي (يظهر بعض منها في الصور المرفقة"، كما ويتابع عازار مع جهات فرنسية إصدار طابع سنوي فرنسي لاكتشاف جديد في مجال المستحثات، بينما لا يلاقي في وطنه لبنان أي تجاوب لمعلم ثقافي علمي، قد يدّر دخلا إضافيا هاما، في مجال السياحة العلمية والبيئية.


أخذنا عازار إلى مناطق من لبنان، موضحا تاريخها الجيولوجي السحيق، مستدلا بالحشرات والطيور وآثار أقدام ديناصورات التي وجدت في أراضيه، وصخوره في جباله ووديانه وسهوله، وفي معابده وآثاره وحتى في المتحف الوطني، وفي حين أن اكتشافات كهذه حول العالم تمتلئ بها صفحات الإعلام العلمي وغيره، لم تلقَ محليا إلا حضورا خجولا.


صحح عازار في محاضرته الكثير من المصطلحات الجيولوجية العلمية، والمعلومات عن المستحثات وطريقة انقراضها، وما تمنحه المستحثات من منظور جديد ومعلومات حول نظرية التطور بطريقة رائعة، وقال "كأننا نقوم ببحث ميداني في الماضي"، مشيرا إلى أن ما نشهده من كائنات في العالم، هي أنواع مشتقة من هذه الحشرات والحيوانات ما قبل التاريخ، إذ أن عمر النوع لا يتجاوز مليوني عام، وأنه لا وجود لمتحجرات حية، وأن الطيور قد تكون ديناصورات حالية، كونه يعتقد أن الديناصورات كانت تحتوي على الريش.


من جهة ثانية، أشار إلى أن فكرة فيلم "جوراسيك بارك" قد استمدها من حديث بين الأستاذ في الجامعة الأميركية البروفسور أفتيم عكرة وهو أول لبناني وجد عنبر في لبنان، مع زميله رئيف ملكي وابنه فادي عكرة، وقد أخذ قسم من المستحثات إلى لندن، وخلال حديث عابر مع أحد مسؤولي المتحف البريطاني رواها لصديقه الكاتب مايكل كرايتون، عن حشرة تمتص دم الديناصور من حول عينه ومخرجه، ونسج منها هذا الأخير رواية تحولت مع ستيفن سبيلبرغ في العام 1993 إلى فيلم "جوراسيك بارك"، موضحا أن هناك خطأ بتسميتها بالجوراسي، بينما التاريخ الحقيقي لهذه الحشرات هو العصر الطباشيري Cretaceous.


وقارن عازار بين عمر أجداد الإنسان الحالي إلى انها تعود إلى حوالي 5 مليون عام، ممازحا بأن لدينا في المنحى السياسي الكثير من الديناصورات، معتبرا أن وجود هذه الثروة هي نعمة ونقمة معا في ظل الأوضاع الحالية في لبنان، حيث أن حماية هذه المتحجرات ليس واجبا وطنيا فحسب بل لأنها إرث عالمي، نستطيع من خلالها دراسة تاريخ العالم، والتنوع البيولوجي الحالي وأصوله، بينما ليس ثمة جهة رسمية تعمل على حماية هذا الإرث الهام، لا بل يمارس هؤلاء السياسيين نفوذهم لتحطيم هذه الكنوز عبر المد العمراني فضلا عن كارثة المقالع والكسارات، التي ربما قد قضت على اكتشافات لا تقدر بثمن من هذه المتحجرات، والتي قد تستقطب عالمين وباحثين وسياح تساهم في تنمية لموارد مستدامة.


للمهتمين، يمكن حضور هذه المحاضرة الشيقة على الرابط هنا


 

رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات! 1 رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات! 1 رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات! 1 رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات! 1 رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات! 1 رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات! 1 رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات! 1 رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات! 1
سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: