لتنتظم الحياة السياسية في لبنان لا بد من تبني مقولة النائب نهاد المشنوق لتستوي المواقع وتنتظم الأمور وفق معادلة طرحها فريق العهد القوي، وصارت شعارا نعيش اليوم ارتداداته المدمرة للبلد، ونعني هنا معادلة "القوة"، خصوصا وأن اللبنانيين اكتشفوا ما تفضي إليه "القوة"، كوارث ومواجع وأزمات.
ولأن "القوة بالقوة تذكر"، طرح المشنوق معادلة رياضية واضحة: القوة بمواجهة القوة، "يعتذر الحريري إن استقال عون"، والعكس صحيح، فهذا البلد "المجنون" ما عاد يحتمل إلا معادلات مجنونة، تنطلق من أن أحدا لا يمكن أن يتذرع بـ "القوة" ويفرضَ إرادته على اللبنانيين أو فئة منهم، ويجعل من مكون أساسي في البلد مهمشا خاضعا لإرادة مشحونة بقدر كبير من إرهاصات تاريخية ترقى لما ينوف على الألف عام، أَوَلـَمْ يطالب محسوب على العهد القوي باستعادة "آيا صوفيا"؟
أن نُسقط التاريخ على الحاضر، معنى ذلك أننا لم نستفد من دروسه، أخذا في الإعتبار أن التاريخ يجب قراءته بعيدا من خلفيات مسبقة، مخبوءة في لاوعينا الجماعي، فمن أسباب سقوط القسطنطينية على سبيل المثال، إحجام الكنيسة الأوروبية (الغربية) عن دعم نظيرتها في أنطاكيا (الشرقية)، يوم قررت أوروبا أن تترك مصيرها للغازي العثماني!
لا يمكن حكم لبنان انطلاقا من حركة التاريخ والتماهي معها، فهذه إشكالية شيعية وسنية ودرزية ومسيحية وأرثوذكسية وأرمنية ...إلخ، إشكالية غلّبت التعصب بديلا من الإنفتاح، والتعصب لا يستحضر إلا التعصب، هذا حالنا اليوم، و"معادلة" النائب المشنوق بعض تجليات أوهام القوة، فلا عهد قويا، ولا حكومة قوية، ولا مجلس نيابي قويا بعيدا من تبني فكرة أن لبنان يقوم وينهض بعيدا من إرهاصات الخوف، فالكل في لبنان أقليات، ولا قوة إلا قوة العقل والفكر والثقافة، وساعة يصبح الوعي الْـجمعِي متحررا من مكدِّرات التاريخ، نضمن أن يعود لبنان درة الشرق، ولا يعود ضحية من ضحاياه، خصوصا وأننا في حاضرة اللحظة نترك للتاريخ إمكانية أن يعيد نفسه، حروبا، دمارا وويلات.