info@zawayamedia.com
بيئة

التقرير الأولي للمجلس الوطني للبحوث العلمية لتلوث الشواطئ اللبنانية نتيجة التسرب النفطي

التقرير الأولي للمجلس الوطني للبحوث العلمية لتلوث الشواطئ اللبنانية نتيجة التسرب النفطي

أصدر المجلس الوطني للبحوث العلمية التقرير الأولي للمجلس الوطني للبحوث العلمية CNRS لتلوث الشواطئ اللبنانية نتيجة التسرب النفطي من إسرائيل واقتراح خطة طوارئ للمعالجة والمتابعة وتحديد الأثر البيئي لهذا التلوث، وهو تقرير مكون من 11 صفحة ويتضمن صور مسح جوي لكافة الشواطئ المتأثرة، ومعلومات أخرى.


للإطلاع على التقرير كاملاًالتقرير الأوّلي لتلوّث الشّواطئ اللّبنانية نتيجة التّسرب النّفطي من اسرائيل (شباط 2021)


 وقد قام بإعداد هذا التقرير أمين عام المجلس الوطني للبحوث العلمية، مدير مركز علوم البحار الدكتور ميلاد فخري، مدير أبحاث في مركز الاستشعار عن بعد الدكتور شادي عبد الله وزياد سماحة من الإتحاد الدولي لصون الطبيعة ومواردها، وجاء في التقرير ما يلي:


 


تأثر الساحل اللبناني الواقع  شرق البحرالمتوسط بشكل مباشر بالتسرب النفطي الذي حصل قبالة السواحل  الاسرائيلية والذي يرجح ان يكون مصدره احدى البواخر "المجهولة" حتى هذا التاريخ.
تشير المعلومات إلى أن حادث التسرب وقع في الفترة ما بين 9 و10 شباط 2021، حيث أدت التيارات والأمواج واتجاهات الرياح إلى دفع كميات من النفط العائم على شكل قطران نحو الساحل اللبناني، أدت الى انتشاركميات كبيرة وبنسب متفاوتة من كتل لزجة من القطران النفطي الأسود يتراوح قطرها بين 0.5 و 50 سم على مجمل الشواطئ الرملية والصخرية الممتدة من الناقورة جنوباً حتى بيروت شمالاً.


بناءً على توجيهات رئيس مجلس الوزراء للمجلس الوطني للبحوث العلمية حول التنسيق مع الادارات المعنية ومتابعة القضية ودراسة كيفية التعامل مع هذا التسرب وأضراره (295/ص و تاريخ 22/2/2021) قام باحثون من المجلس الوطني للبحوث العلمية وبالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بمسح ميداني (ارضي و بحري وجوي) بالإضافة الى تحليل بعض المرئيات الفضائية وإعداد هذا التقرير الأولي


يهدف التقرير الأولي الذي أعده المجلس بالتنسيق مع الهيئات المحلية والناشطين البيئيين في المنطقة إلى عرض مشاهداته، وتحديد مناطق التلوث واقتراح الإجراءات العاجلة الواجب إتخاذها، لوقف الأثر السلبي على البيئة البحرية. كما أن المجلس سوف يتابع دراسة الأثر البيئي للتلوث على التنوع الحيوي واستدامة البيئة البحرية وإصدار تقارير دورية عن نتائج البحوث والدراسات الميدانية.  


كما يتضمن التقرير نتائج المسوحات الميدانية لكل موقع من الناقورة إلى صيدا والرملة البيضاء في بيروت، وتقريرا عن المسح الجوي بواسطة طائرة مسيرة، ونمذجة للبقعة النفطية أمام الساحل الإسرائيلي وبعض الصور المجمعة من المسوحات الميدانية والجوية
في الوقائع:


بتاريخ 20 شباط (فبراير) 2021، تناقلت وسائل إعلام عالمية أخباراً عن حصول تلوث نفطي أمام ميناء أشدود في إسرائيل، وتسببه بكارثة بيئية "غير مسبوقة"، دون إعطاء معلومات دقيقة عن مصدر التلوث وكمية المواد النفطية الملوثة والإتجاهات التي اتخذتها البقعة النفطية في منطقة شرق المتوسط


بتاريخ 23 شباط 2021، قام الفريق العلمي المختص في كل من المركز الوطني لعلوم البحار، والمركز الوطني للإستشعار عن بعد، التابعين للمجلس الوطني للبحوث العلمية بجولة ميدانية لتقييم أثر التلوث ومدى انتشاره على الشواطئ الممتدة من الناقورة الى بيروت، بالإضافة إلى جمع العينات من محمية ساحل صور الطبيعية ومن الناقورة والبياضة تمهيداً لتحليلها والأعداد لعملية المسح الجوي بواسطة طائرة مسيرة خاصة.


تجدر الإشارة إلى التعاون الوثيق الذي تم ميدانياً خلال إعداد التقرير مع كلٍ من رئيس بلدية صور- رئيس اتحاد بلديات القضاء (السيد حسن دبوق) والاتحاد العالمي لصون الطبيعية ومواردها IUCN  (الخبير زياد سماحة) والمركز اللبناني للغطس (الخبير يوسف الجندي) ومحمية ساحل صور الطبيعية (المهندس حسن حمزة) ووحدة إدارة مخاطر الكوارث في رئاسة مجلس الوزراء (الاستاذ زاهي شاهين).



النتائج الأولية للمسح الميداني والجوي:



بدأت الجولة الميدانية في محمية ساحل صور الطبيعية ومخيم الرشيدية، وتبين بوضوح للفريق العلمي ومرافقيه من الجمعيات البيئية، وجود تلوث بكمية كبيرة من كتل القطران النفطي المتناثرة على الشاطئ، وخاصة داخل الجداول الصغيرة والخلجان على طول الخط الساحلي للمنطقة. كما تم رصد عدد كبير من الزجاجات البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة على الشاطئ مغطاة بالكامل بالقطران. بعد الناقورة توجه الفريق شمالا إلى اسكندرون حيث تبين أن الشاطئ الرملي مغطى بكتل من القطران. في منطقة حامول لم يتأثر الشاطئ بالتلوث، في حين ظهر التلوث في الساحل الشمالي للبياضة مع انتشار للكتل القطرانية بجانب فندق "تيروس" على شاطئ المنصوري، وفي منطقة العباسية شمالي صور (محمية البقبوق). في الوقت نفسه عمل فريق آخر من المركز الوطني لعلوم البحار على متابعة المسح شمالاً بإتجاه بيروت، حيث تم تحديد بعض البقع على شاطئ الرملة البيضاء الشعبي، بينما تم التأكد من خلو شواطئ خلدة والدامور والجية والرميلة وصيدا من التلوث النفطي حتى تاريخ إعداد التقرير.


وقد استكمل المركز الوطني للإستشعار عن بعد التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية المجلس عمليات المسح الجوي يومي 25 و27 شباط  من خلال التصوير بواسطة طائرة مسيرة DRONE في المناطق التي تأثرت بالتلوث، وقد أكدت النتائج الأولية دقة معلومات المسح الميدانية، والأهمية القصوى للمباشرة بأسرع وقت بإزالة كتل القطران عن الشاطئ وتنظيفها دون إبطاء، بسبب ضعف تمييزها على الشاطئ الرملي مع مرور الوقت، حيث تتم تغطيتها بسرعة بطبقات جديدة من الرمال التي يجرفها الموج باستمرار إلى الساحل، مما يشكل خطراُ مضاعفاً على بيئة المحميات والشواطئ. كما تبين من المسح الجوي عدم وجود بقعة نفطية واضحة في المياه القريبة من الشاطئ، مما يطمئن الصيادين والمواطنين بأن الثروة السمكية ما تزال بمناً عن التلوث، ولا يشكل استهلاكها أي ضرر على الصحة العامة.



الإقتراحات الملحة:



تطوعت هيئات أهلية  عدة وكشافة الرسالة الإسلامية لمساعدة إتحاد البلديات في هذه المهمة إعتباراً من صباح 27 شباط، كما قدم الإتحاد الدولي لصون الطبيعة ومواردها والكتيبة الإيطالية في اليونيفول المستلزمات الأساسية لجمع وتوضيب وتعبئة وحفظ القطران، وفقاً لتعليمات فنية واضحة تم إعدادها لهذه الغاية، تمهيداً لنقل النفايات القطرانية المجمعة إلى مكان آمن، حسب المعايير البيئية التي عرضها الخبراء  والمعتمدة عالمياً. كما أوضح فريق المجلس للقيمين على الجمعيات البيئية النشطة في المنطقة وتجمع بلديات القضاء ضرورة إتباع تعليمات السلامة وعدم رمي القطران المجمّع عشوائياً بل انتظار التوصيات من الجهات المسؤولة بهدف تجنب التأثيرات البيئية السلبية


بناء على نتائج المسح الجوي والمعلومات المستقاة من الصيادين في المنطقة التي أفادت بعدم وجود آثار للقطران في الشباك المرمية في مناطق الصيد المعتادة وعدم مشاهدتهم لأسماك نافقة على سطح البحر، وبانتظار التحاليل الكيميائية والبيولوجية التي سيباشر بها مركز علوم البحار لعينات من الأسماك والأصداف والأعشاب البحرية، فإن المجلس لا يرى أي مبرر للتحفظ على عمليات الصيد البحري أو على جودة وسلامة الأسماك وثمار البحر التي يتم اصطيادها في المنطقة، مع أهمية متابعة المراقبة في المرحلة المقبلة


 


توصيف لحالة بعض الشواطئ الملوثة بالقطران:



تشير الخطوط الحمر الظاهرة على الخرائط إلى مناطق انتشار التلوث القطراني



شاطئ محمية صور الطبيعية:



تم مسح الشاطئ من "الرشيدية" الى "جفتلك" سيرًا على الأقدام وتم جمع عينات عشوائية مع أخذ إحداثيات GPS متعددة


تنتشر كرات القطران النفطي على سطح الرمال بشكل خطوط متعددة ومتوازية بلغ عرض الخط الواحد منها حوالي 3 امتار تمتد حتى 70 مترا شرق خط المياه، مما يدل على قوة الموج والمدى الذي وصله الى عمق الشاطئ خلال العاصفة التي ضربت لبنان وحملت معها النفط العائم خلال الأسبوع الذي سبق عملية المسح.


بشكل عام يغطي التلوث النفطي ما نسبته 40  بالمئة من مساحة شاطئ المحمية وتقدر كمية القطران النفطي الموجودة على الشاطئ بحوالي 1800 كغ



شاطئ المنصوري:



تنتشر كتل القطران الصغيرة الحجم على طول هذا الشاطئ بشكل خطوط متوازية، تشير إلى التلوث بالمشتقات النفطية مما يؤثر سلباً على الأحياء البحرية والتنوع البيولوجي خاصة وأن شاطئ المنصوري والمحمية تعتبران من الأماكن القليلة على الساحل اللبناني التي تعشش فيها السلاحف البحرية، بالإضافة إلى استقطابه للسياح والخبراء المهتمين بالبيئة البحرية المتوسطية



شاطئ الناقورة الصخري:



يعاني شاطئ الناقورة مع جرفه الصخري وصولا الى رأس الناقورة من تلوث نفطي شديد لم تشهده هذه المنطقة من قبل. فالشاطئ ممتلئ بحبيبات القطران الصغيرة الحجم، في حين أن الصخور وتشققاتها والجرف الصخري تغطيها كتل من القطران يصل قطرها في بعض الاحيان الى 50 سم. تجدر الإشارة إلى أن عملية تنظيف المنحدرات الصخرية في الناقورة معقدة فنياً وتتطلب مهارات ومعدات خاصة وشروطاُ محددة لضمان سلامة العاملين فيها.



شاطئ عدلون:



يعاني شاطئ عدلون من التلوث النفطي بشكل كثيف، وتنتشر كتل القطران الصغيرة والكبيرة على الرمال والصخور وفي تشققاتها. وقد وجد على هذا الشاطئ سلحفاة بحرية نافقة مغطاة بالنفط لا يتعدى عمرها الخمس سنوات.



نتائج المسح الجوي للتلوث النفطي


 
غطى المسح الجوي المنطقة الممتدة من مدينة صور الي الناقورة وبالتحديد من إستراحة صور الى شمالي شاطئ الناقورة بطول 18 كم وبعرض يقارب 0.5 كم (شكل 1). وشمل 10 طلعات جوية و400 دقيقة طيران فعلي على مدى تسع ساعات و3200 صورة جوية بقدرة تمييز 4 سم على ارتفاع تقريبي 180 م (شكل 2).


من خلال التحليل البصري الأولي للصور فقد أمكن تعقب الترسبات النفطية على الشواطئ الرملية ولكن بصعوبة نتيجة صغر حجم هذه الترسبات وتماهي البقع النفطية الصغيرة مع التظليل الذي تحدثه اثار المسير (الأقدام) على الرمال. وقد امكن تحديد ما يقارب ثلاث مستويات (خطوط) لهذه الترسبات النفطية ناجمة عن فعل الامواج .


وبالتوازي تمت دراسة المرئيات الفضائية الردارية والبصرية من نوع Sentinel 1 & 2  للتابع الصنعي الاوروبي المجاني عبر التحليل البصري. ويتبين من خلال الصور المأخوذة بتاريخ 12 شباط 2021 للساحل الفلسطيني مقابل أشدود إحتمالية تسرب نفطي على طول 30 كم (شكل 8)؛ وقد أظهرت النتائج الاولية لتحليل الصور الردارية تعذر تحديد البقع النفطية بتاريخ 19 و20 شباط 2021.  


تقييم عام بالمواقع الملوثة التي تحتاج لتدخل عاجل للمعالجة مع تقييم المخاطر



تقييم مخاطر تسرب القطران وخطة التصدي والمعالجة



ان خطة الاستجابة يجب ان تكون مبنية على عمل دقيق ومخطط جيد لتقييم مخاطر التلوث النفطي ومراجعة معمقة للخرائط البيئية الحساسة، والقدرة على التنبؤ بالطقس وفهم اتجاهات التيارات والأمواج والرياح وامكانية وصول موجات اخرى من التسرب النفطي


لهذه الغاية سوف يتابع المجلس عمليات المسح الميداني بشكل دوري في المرحلة المقبلة بالتعاون مع القيمين على محمية صور الطبيعية والمركز اللبناني للغطس والـIUCN للتحقق من وصول كميات جديدة من القطران، خاصة وأن اتجاه الرياح والتيارات  تتغير بشكل مستمر.


وضعت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA قائمة بعدة عوامل يتوجب مراعاتها عند تحديد التصدي للتسرب النفطي، أبرزها:


- احتمال تعرض البشر للتلوث سواء عن طريق تناول المأكولات البحرية الملوثة أوالاتصال المباشر بالنفط الملوث؛


- تحديد درجة ومدة التأثيرات البيئية السلبية في حالة عدم إزالة الملوثات؛


- تحديد العوامل الطبيعية المساعدة بازالة التلوث النفطي؛


- تأثير عملية التنظيف المعتمدة على الموارد الطبيعية الحساسة في المواقع المتضررة.


ويتم تحديث أساليب التصدي للتسرب النفطي المبنية على نتائج البحوث والدراسات والمراقبة الميدانية والمعتمدة عالمياً، بشكل مستمر، منها الإزالة اليدوية والميكانيكية واستعمال بعض المواد المشتتة للكتل والمعالجة الحيوية والمعالجة بالمياه الساخنة المضغوطة. ومن البديهي التأكيد بصعوبة واستحالة اللجوء لتقنيات قاسية في البيئة الحساسة للمنطقة، والإكتفاء بالعمل اليدوي المضني لتجميع البقع الملوثة من قبل متطوعين وعمال يتمتعون بالحد الأدنى من الخبرة لعدم التسبب بضرر إضافي على البيئة، والإمتناع عن اللجوء لأي تقنية أخرى مما سبق ذكره


وقد أعد المجلس بالتعاون مع IUCN دليلاً مبسطاً للإجراءات الواجب اتخاذها أثناء عمليات الجمع اليدوي وتم شرحها للمتطوعين للعمل بمضمونها. ومن المتوقع أن تشمل عمليات التنظيف اليدوي إزالة الأوساخ والنفايات والأغصان والأخشاب التي يجرفها البحر إلى الشاطئ. كما من الممكن استخدام بعض المواد القابلة للامتصاص (الاسفنج) القابلة لإعادة الاستخدام والتدوير (التبن والقش والطحالب) في جمع البقع النفطية العالقة على الصخور الساحلية وفي بعض الأحواض الصغيرة على الشاطئ.


بعد تجميع القطران من مناطق التلوث، يتوجب المبادرة سريعاً لنقله في أكياس آمنة إلى مصانع الزفت أو أفران صناعة الاسمنت والقرميد، وعدم تركه في منطقة الشاطئ أو قرب الأماكن السكنية.
يعتمد التنظيف الناجح للسواحل على توافر الموارد البشرية والمعدات والمواد في الوقت المناسب وعلى كفاءة المؤسسة الرسمية والتزام مؤسسات المجتمع الأهلي والبلديات والجمعيات البيئية التي يقع على عاتقها ادارة العملية وتنفيذها. ويتطلب ذلك توفير الموارد المالية اللازمة لدعم الجهود المضنية والعاجلة التي يتوقع استمرارها لعدة أسابيع، مع تحديد الأهداف وتنسيق العمل الميداني مع المؤسسات العلمية المعنية، وإجراء تقييم دوري للنواتج ومتابعة الأثر البيئي في المنطقة


 

"زوايا ميديا"

قسم التحرير

تابع كاتب المقال: