لم تأتِ استقالة وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حِتِّـي يوم أمس كخيار شخصي منفصل عن مجمل العمل الحكومي والتطورات السياسية والإقتصادية، فللإستقالة دلالات ليس أقلها إخفاق الحكومة عن أداء المطلوب منها، باعتبارها "حكومة إنقاذ"، وقد شهدنا مرات كثيرة إرباكا على مستوى أدائها، فضلا عن هفوات وسقطات رئيسها في مقاربة العديد من الملفات محليا وخارجيا.
في قراءة أولية لاستقالة حـتي وتعيين خلف له (بسرعة قياسية)، نستنتج أن السلطة لا تزال تكابر وتصر على المضي قدما في نفس المعالجات القاصرة عن ملاقاة أزمات لبنان بحد أدنى من تحمل المسؤولية، وتعيين بديل للوزير المستقيل بعد ساعات قليلة يعكس إصرارا على القفز فوق كل الاعتبارات الموجبة لاستقالة الحكومة برمتها وليس استقالة وزير من وزرائها فحسب، وهذا يعني أن اللبنانيين موعودون بأزمات أكبر وأخطر.
مشكلة السلطة السياسية في لبنان بسائر مكوناتها أنها غير متقبلة لفكرة أنها أفلست وصارت عبئا على البلد، وأن المطلوب اليوم مقاربات مختلفة، بعيدا من المكابرة والتعمية وذر الرماد في العيون، فالكل أفلس، عهدا، وحكومة، وقوى سياسية، وأفلس معها نظام قائم على التحاصص أفضى إلى نهب ودائع اللبنانيين واستباحة كراماتهم، فيما تطل أزمات لتحاصر اللبنانيين أكثر، من النفايات إلى استمرار الانهيار الاقتصادي والمالي، والأخطر يظل متمثلا في عجز السلطة عن تبني أية إصلاحات، الأمر الذي ترك لبنان دون أية مظلة عربية أو دولية!