بعد تردد أنباء عن نية وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي تقديم استقالته، وبالفعل زار "حتي" السرايا الحكومية صباحا، وقدم استقالته الى رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، مصدرا بيانا بعد تقديم الإستقالة، أوضح فيه أسباب هذه الإستقالة، وفي النص ما يشي بما واجهه "حتي" من تحديات وجهد لأخذه هذا القرار، وأيضا ما يظهر مواطن الضعف في هذه الحكومة، وما أظهرته الأيام الأخيرة من تصدع وتناقض في القرارات، وهي الحكومة التي لم تقنع المواطنين والمغتربين ويبدو أنها لم تفِ بمتطلبات من أتوا والمتحكمين بها، ولا المجتمع الدولي والإقليمي، وتكفي هذه الجملة من بيان الإستقالة لتلخص الكثير، مما تواجهه هذه الحكومة وما سبقها وما سيلحقها من حكومات، "شاركت في هذه الحكومة من منطلق العمل عند رب عمل واحد إسمه لبنان، فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة"، وفيما يلي نص البيان:
"بداية أود أن أعبر عن امتناني لكل من أبدى ثقة بشخصي لتولي وزارة الخارجية والمغتربين، لم يكن قراري بتحمل هذه المسؤولية الكبيرة شأنا عاديا في خضم انتفاضة شعبية قامت ضد الفساد والاستغلال، ومن أجل بناء دولة العدالة الاجتماعية، فيما يشهد لبنان أزمات متعددة الأشكال والأسباب سواء في الداخل أو في الإقليم".
وشرح حتي مخاض أخذ هذا القرار: "ما أصعب الاختيار بين الإقدام والعزوف عن خدمة الوطن حتى ولو تلاشت احتمالية تحقيق اليسير في نظام غني بالتحديات المصيرية وفقير بالإرادات السديدة. حملت آمالا كبيرة بالتغيير والإصلاح ولكن الواقع أجهض جنين الأمل في صنع بدايات واعدة من رحم النهايات الصادمة. لا لم أساوم ولن أساوم على مبادئي وقناعاتي وضميري من أجل أي مركز أو سلطة".
وتابع "تربيت ونشأت وعشقت واعتنقت لبنان موئلا للحرية والفكر والعلم والثقافة، لبنان المنارة والنموذج، لبنان موطن الرسالة وملتقى الشرق بالغرب".
وأوضح "لبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه وأردناه منارة ونموذجا، لبنان اليوم ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة لا سمح الله، وإنني أسائل نفسي كما الكثيرين كم تلكأنا في حماية هذا الوطن العزيز وفي حماية وصيانة أمنه المجتمعي، إنني وبعد التفكير ومصارحة الذات، ولتعذر أداء مهامي في هذه الظروف التاريخية المصيرية ونظرا لغياب رؤية للبنان الذي اؤمن به وطنا حرا مستقلا فاعلا ومشعا في بيئته العربية وفي العالم، وفي غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع الدولي للقيام به، قررت الإستقالة من مهامي كوزير للخارجية والمغتربين متمنيا للحكومة وللقيمين على إدارة الدولة التوفيق وإعادة النظر في العديد من السياسات والممارسات، من أجل إيلاء المواطن والوطن الاولوية على كل الاعتبارات والتباينات والانقسامات والخصوصيات".
وأضاف: "إن المطلوب في عملية بناء الدولة عقول خلاقة ورؤية واضحة ونوايا صادقة وثقافة مؤسسات وسيادة دولة القانون والمساءلة والشفافية. إن الأسباب التي دعتني إلى الاستقالة هي ما تقدمت بشرحها، على أنه تم تناقل بعض التأويلات والتحليلات وكذلك بعض التفسيرات التبسيطية السطحية عبر بعض وسائل الإعلام التي لا تلزم سوى أصحابها، وكلها أمور لم أتوقف عندها طيلة حياتي المهنية، إذ يبقى الأساس كوزير للخارجية الحفاظ على مصالح البلد وتعزيز وتحصين علاقاته الخارجية وتحسيس المجتمع الدولي كذلك العربي، بأهمية تدعيم الاستقرار في لبنان".
وختم حتي: "لقد شاركت في هذه الحكومة من منطلق العمل عند رب عمل واحد إسمه لبنان، فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة، إن لم يجتمعوا حول مصلحة الشعب اللبناني وإنقاذه، فإن المركب لا سمح الله سيغرق بالجميع، حمى الله لبنان وشعبه".