ما تعرضت له محمية صور الطبيعية خصوصا، والشاطىء اللبناني الممتد من الناقورة إلى مدينة صور ومناطق عدة من الشاطئ يرقى إلى "جريمة حرب"، أو عدوان حقيقي ارتكبته إسرائيل، بالقصد أو بالعمد، لا فرق، طالما النتيجة واحدة، أي الموت تلوثا، وتهديد النظم الإيكولوجية المائية والشاطئية.
ليس بالضرورة أن يكون العدوان قصفا وغارات واستباحة للبنان، أرضا وسماء ومياها إقليمية، فمثل هذا العدوان يقتل بسرعة، أما التلوث فيقتل بصمت، وهو أخطر من أي عدوان مباشر، وما يصيب البيئة يرتد ضررا على الكائنات الحية، والإنسان ليس في منأى عن تبعات التلوث، من الهواء والمياه إلى السلسلة الغذائية.
التسرب النفطي "القادم" من إسرائيل هو عدوان حقيقي لم يحرك المسؤولين إلى مستوى رفع الصوت عالميا، صحيح أن رئيس الجمهورية تابع المشكلة، لكن أين وزارة البيئة؟ وهل يقتصر دور حكومة تصريف الأعمال على إرسال وفد للكشف والمعاينة؟
كنا نتوقع أن يرفع لبنان شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، وإلزام إسرائيل بدفع تعويضات عن الخسائر المباشرة وغير المباشرة، وأن يعلن حالة استنفار قصوى مستعينا بدول صديقة ومنظمات عالمية معنية، خصوصا وأن التلوث ناجم عن مادة القطران (القار)، وهي من المواد الشديدة الخطورة على الأحياء المائية، وتتطلب معالجتها وقتا وأموالا.
لم تدخر بلدية صور واتحاد بلدياتها جهدا لمواجهة الكارثة، ولا إدارة المحمية والمنظمات والجمعيات الأهلية والناشطين والمواطنين، لكن ذلك وحده لا يكفي، فمتى يتحرك لبنان إلى مستوى هذه الجريمة، سياسيا وقانونيا ودبلوماسيا وإنسانيا؟
سؤال برسم الدولة الغائبة!
