يبدو أن نوعين مختلفين من الفيروس التاجي، تم تحديد الأول في المملكة المتحدة، والثاني في كاليفورنيا قد اندمجا في هجين شديد التحور، وأن هذا الأمر قد يشير إلى مرحلة جديدة من متحورات للفيروس المتسبب في جائحة كوفيد -19، حيث تنبئ هذه الأمور بظهور المزيد من المتغيرات الهجينة، وذلك وفق بحث نشر في المجلة العلمية المرموقة New Scientist والتي تصدر منذ العام 1956، وبالتالي، فإن ما يمكن فهمه عن هذا الفيروس الهجين يمكن من خلال الأسئلة المشروعة التالية، ولعل السؤال الأهم هل هناك داعٍ للهلع؟
ما الذي تم اكتشافه بالضبط؟
حتى الآن، تم إيداع تسلسل جينوم واحد لفيروس كورونا SARS-CoV-2 الهجين في قاعدة بيانات تضم الآلاف من هذه البيانات في الولايات المتحدة، يحتوي التسلسل على علامات تدل على كونه فيروسًا هجينًا تم تكوبنه بواسطة حدث أدى إلى إعادة تركيب Recombination event فيروس جديد بين سلالتين مختلفتين من الفيروس المتسبب بالجائحة SARS-CoV-2.
ما هو حدث إعادة التركيب Recombination event؟
تمتلك فيروسات كورونا مثل SARS-CoV-2 قوة تطورية كبيرة تسمى "إعادة التركيب" Recombination والتي تسمح لفيروسين مرتبطين ارتباطًا وثيقًا، بخلط ومطابقة جينوماتهما في مجموعات جديدة، على عكس الطفرة العادية، التي تستمر ببطء محدثة تغييرًا واحدًا في كل مرة، يمكن أن ينتج عن إعادة التركيب تغييرات بالجملة في جينوم الفيروس التاجي في مرة واحدة.
هل تم اكتشاف الهجين بين الفيروسات الفعلية المنتشرة في البشر؟
لا، على الرغم من أن التسلسل مأخوذ من فيروس مأخوذ من شخص مصاب، لذا فمن المعقول أن يكون الفيروس الهجين في المجتمع. ومع ذلك، فقد يكون قد تلاشى بالفعل بعد فشل وصوله إلى أشخاص آخرين، وحاليا فالولايات المتحدة لديها معدلات منخفضة نسبيًا من أنواع التسلسل الفيروسي، لذلك من الصعب تحديد أي من الاتجاهين.
هناك احتمال آخر: قد يكون حدث إعادة التركيب حصلت داخل العينة أي في المختبر وبعد أخذها من الشخص المصاب، وليس أثناء وجود الفيروس داخل جسمه. في هذه الحالة يكون من صنع مختبر عرضي، وليس فيروسا بريا.
هل يمكن أن يتسرب هذا الفيروس بطريقة ما من المختبر؟
سيكون من غير المحتمل جدا، من شبه المؤكد أن العينة نفسها، وبالتالي الفيرو، قد تم التخلص منها الآن، بما يتماشى مع إجراءات السلامة المعتادة. إذا كان الأمر كذلك، فكل ما تبقى هو سلسلة من حروف المادة الوراثية في قاعدة بيانات.
هل نعرف أين ومتى تم أخذ العينة؟
لا، لكن من المحتمل أن تكون العينة قد أخذت في جنوب كاليفورنيا في الشهر الماضي أو نحو ذلك، وقد تم اكتشاف الفيروس الهجين خلال تحقيق في موجة حديثة من حالات Covid-19 في لوس أنجلوس بسبب متغير جديد غير شائع لـ SARS-CoV-2 يسمى B.1.429.
كيف علمت نيو ساينتستNew Scientist عن هذا الهجين؟
تم الإبلاغ عن هذا الفيروس الهجين في 2 شباط (فبراير) في مؤتمر علمي افتراضي (عبر الإنترنت) نظمته أكاديمية نيويورك للعلوم، وذلك في عرض تقديمي حول تفشي المرض في لوس أنجلوس، قالت بيتي كوربر Bette Korber من مختبر لوس ألاموس الوطني في نيو مكسيكو: "وجدنا على الأقل مادة مركبة واحدة فقط" وأضافت مزيد من التفاصيل. وعلى سبيل المثال، أظهرت تمثيلًا بيانيا للجينوم الفيروسي يوضح أنه عبارة عن فسيفساء من التسلسلات من سلالتين مختلفتين، وهو أمر يصعب تفسيره بأي طريقة أخرى غير إعادة التركيب.
علما أنه لم يتم نشر هذا الاكتشاف في مجلة علمية أو نشره على مواقع المراجعة ما قبل الطباعة preprint server ولم تقم كوربر بالتعليق أكثر على هذا الأمر.
هل نعرف أي سلالات أعيد تركيبها؟
نعم. فالهجين هو مزيج من المتغيرB.1.1.7 الذي تم اكتشافه لأول مرة فيKent، المملكة المتحدة، أواخر العام الماضي، وسلالة B.1.429 الأقل شهرة، والذي يبدو أنها ظهرت في جنوب كاليفورنيا. من المعروف أن كلا السلالتين تنتشر في منطقة لوس أنجلوس في كاليفورنيا.
وكلا هذين المتغيرين يحملان طفرات على البروتينات الشائكة Spike Proteins التي يبدو أنها تمنح كل منهما ميزة، إذ يحتوي B.1.1.7 على أحد هذه البروتينات الذي يسمى يسمى Δ69 / 70، مما يجعل الفيروس أكثر قابلية للانتقال، بينما يحتوي B.1.429 على نوع مختلف يسمى L452R، والذي يمكن أن يمنح مقاومة للأجسام المضادة، ربما الأمر المقلق هو أن الفيروس الهجين يحمل كلا الأمرين، أي سرعة وقابلية الإنتقال، وقدرته على مقاومة الأجسام المضادة.
وقالت كوربر في المؤتمر: "هذا النوع من الأحداث يمكن أن يسمح في الواقع بربط فيروس أكثر عدوى بفيروس أكثر مقاومة للجهاز المناعي".
هل هناك داعٍ للهلع؟
حاليا، ليس كثيرا. لا يوجد دليل على أن الفيروس المركب أو الهجين يمكن أن ينتقل من شخص لآخر، على الرغم من أن كوربر قالت إنه أمر لا يمكن استبعاده وأنه سيكون من الضروري مراقبة "توسع نطاق الفيروس" - مما يعني أن "الفيروس المؤتلف" يمكن أن يظهر في السكان ثم يزداد في الإنتشار، مما يشير إلى أنه يتفوق على متحورات الفيروسات الموجودة حاليا (وعددها 17 متحورا) وفقا لـ " مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية" CDC أو Centers for Disease Control and Prevention
وأضافت كوربر: "لكن بالنظر إلى المستقبل، نحتاج إلى إضافة هذا النوع من الأحداث إلى قائمة مخاوفنا، مع ظهور المزيد من المتغيرات المميزة وراثيًا لـ SARS-CoV-2 والبدء في الانتشار في نفس المناطق الجغرافية، تزداد فرص المؤتلفات السيئة، قد لا يؤدي هذا المؤتلف إلى أي إصابات، لكنه قد يبشر بمرحلة جديدة من الوباء مع ظهور هذه النسخ الهجينة في كل مكان".
هل هذا الحدث يشكل مفاجأة؟
وفقا لعلماء الفيروسات فهذا الحدث ليس مفاجئا، فحتى قبل ظهورSARS-CoV-2، تم التعرف على إعادة التركيب (الفيروس الهجين) كعامل مهم للتغير التطوري لدى فيروسات كورونا. ومن الممكن أن يكون إعادة التركيب قد أدى إلى ظهور SARS-CoV-2 في المقام الأول.
أشهر أنواع فيروس كورونا المتحور
على الرغم من وجود 17 تحورا لهذا الفيروس، إلا أن أشهرها التي ظهرت في خريف 2020 ووفقا لـ CDC فهي:
أولا: B.1.1.7 ويعرف أيضا بـ 20I/501Y.V1, VOC 202012/01 وقد اكتشف هذا الفيروس في المملكة المتحدة، وقد سجل في الولايات المتحدة الأميركية في كانون الأول (ديسمبر) 2020، ويعتقد أنه يرتبط بزيادة معدلات الوفاة بالنسبة لأنواع المتحورات الأخرى للفيروس
ثانيا: B.1.351ويعرف أيضا بـ 20H/501Y.V2 والذي ظهر بشكل مستقل في جنوب أفريقيا، وقد ظهر في الولايات المتحدة الأميركية في كانون الثاني (يناير) 2021
ثالثا: P.1 وظهر لدى المرضى الآتين من البرازيل، ويحتوي على 17 نوع من التحورات على البروتينات التي تربط الفيروس بالخلايا Binding Proteins، كما ظهر في اليابان وفي الولايات المتحدة الأميركية أواخر كانون الثاني (يناير) 2021
ويمكن الإطلاع على التحورات الأخرى للمهتمين على موقع CDC.
خلاصة
حذر علماء الفيروسات من خاصية إعادة التركيب في وقت مبكر جدًا من جائحة كوفيد -19، وكانوا يبحثون عن هذا الحدث منذ ذلك الحين. وقد أفاد تحليلان نُشرا في شهري كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) بشكل مستقل أنه لم يتم اكتشافه بعد، على الرغم من أن ذلك قد يكون لأنه حتى ذلك الحين كانت جميع الفيروسات المنتشرة متشابهة وراثيًا لدرجة أنه كان من المستحيل العثور أو ملاحظة أحداث إعادة التركيب بسبب وجود الطفرة الطبيعية التي انتشرت في كافة أصقاع العالم.
المصادر: New Scientist, Daily Mail
الصورة الرئيسية من: Daily Mail